وقد ابتلي شاعرنا في الستينيات من القرن الماضي بالسكن في أكثر من قبو تحت الأرض، كان أولها في حلب عام 1960 عندما كان رئيس دائرة الثقافة هناك. وكان ذاك القبو كلما هطلت الأمطار، تحول إلى بركة ماء، نتيجة انصباب المياه إليه بسبب عدم قدرة المجاري على تصريفها. فكتب سليمان العيسى قصيدة إلى رئيس البلدية المهندس عبد الرزاق ملحيس يستنجد به لحل المشكلة، ومما قاله في القصيرة:
إيه عبد الرزاق.. شاعرك الفذ
غريق.. يستصرخ البلديّة
هطلت رحمة الإله على الناس
فكانت على أخيك بلّية
كلما جادت السماء بسيل
أصبح البيت بركة فنّية
المجاري وذكرها لا يثير إلا
شعر لو لم يكن أخوك الضّحية
لو تراني وفي يميني دلو
أنزح الماء بكرة وعشية
إيه عبد الرزاق صُدّوا المجاري
عن أخيكم وألف ألف تحية
وفي عام 1967 ينتقل سليمان العيسى إلى دمشق، فيكون نصيبه السكن في قبو أيضاً. ومرة ثانية تهبط عليه خيرات الماء لكن هذه المرة ليس من الشارع، وإنما من السقف نتيجة تلف أصاب المجاري الصحية. ويشكو شاعرنا ذلك قائلاً:
من جديد أنا في القبو ضحية
كسحت بيتي مجاري البلدية
هجم المجرى علينا.. وطغى
من جديد أنا للمجرى ضحية
غارقاً في السيل حتى ركبتي
والسما فوقي مازالت سخية
وصغاري في السرير اجتمعوا
يستثيرون نشاطي في حميّة
نبع الحائط، طافت غرفة
سبح الكرسيُّ، عامت مزهرية
لا تخافوا.. إن بابا سابح
ماهر.. لو بركتي كانت نقيّة