وإن ما يجعل لكتابه «لئلا تضيع» أهميته الخاصة وطرافته وتميزه، أنه ساق فيه أخباراً وقصصاً ونوادر، مما عاشه في الأغلب شخصياً، أو سمعه مباشرة من مصادر موثوقة. وكان على علاقة طيبة مباشرة مع السياسي السوري الكبير فارس الخوري (1873 - 1962) الذي ولد في قرية الكفير التابعة لقضاء حاصبيا، وتخرج في الجامعة الأميركية ببيروت.
وبين ما ذكره الراسي عن فارس الخوري ما يلي:
نشأ فارس الخوري في الكفير وعاش في دمشق التي رفعته إلى أعلى المراتب وبوأته أرفع المناسب، وقد عرف بوطنيته وحدة ذكائه وسرعة خاطره، ومما يروى عنه أنه كان وزيراً للمالية في عهد الملك فيصل الذي حكم سورية مدة قصيرة من الزمن، وعندما تغلب الجيش الفرنسي بقيادة الجنرال غورو، على الجيش العربي في معركة ميسلون المشهورة، نزح الملك فيصل عن سورية، ودب الذعر في قلوب أنصاره ومساعديه أما الوزراء فمنهم من أراد النزوح، ومنهم من عزم على الاستقالة، فقال فارس الخوري: نحن هنا أهل البلاد ومن العار أن نتخلى عن مسؤولياتنا قبل أن يأتي من يتسلمها منا حسب الأصول.
وعندما دخل الجنرال غورو دمشق، نزل في قصر المهاجرين الذي كان ينزل فيه الملك فيصل قبله، وأقيمت يومئذ في القصر على شرفه مأدبة كبرى دعا إليها الوزراء والأعيان، وفي أثناء الطعام أراد الجنرال غورو أن يتهكم على الملك فيصل فقال: «هل كان ملككم فيصل يسكن في هذا القصر الجميل؟ فأجاب فارس الخوري دون سائر الموجودين:
- نعم يا صاحب الفخامة، كان الملك فيصل يسكن في هذا القصر الذي بناه والٍ تركي اسمه ناظم باشا، ثم حل فيه أحمد جمال باشا، ثم الجنرال اللنبي، ثم الملك فيصل. والآن تحلون أنتم فيه، وجميع الذين ذكرتُهم أكلنا معهم في هذه القاعة، ولكنهم رحلوا جميعهم، وبقي القصر وبقينا نحن.