رغم أنَّ هناك العديد من القضايا التي تعثرت وأخرى فشلت، ولم يكن في ذلك استغراب ولامفاجأة، فمن العسير على أي أحدٍ تحقيق أمانيه وأحلامه كلها، غير أنَّ عدم تحقيق البعض من هذا، لايعني النأي عن الاستمرار بالأحلام .. وبالأحلام الوردية أيضاً، فمن حقنا الأمل ، ومن حقنا الحلم، ومن واجبنا السعي من أجل تحقيقه، والصبر على فشله هنا وهناك، وعثراته هناك وهنا.
منذ أيامٍ كانت مناقشة واضحة وصريحة حول واقع تنفيذ الخطة الخمسية العاشرة من خلال معدلات التنفيذ وتحديد الصعوبات التي تعترض التنفيذ في بعض القطاعات مع السيد الدردري الذي بدا مرتاحاً الى تحقق الكثير مما خطط إليه، والحق معه، فعلى الرغم من كل شيء تحقق الكثير فعلاً، وإنْ كنّا نتناول بالنقد بين وقتٍ وآخر مسألة هنا ومسألة هناك، فهذا لايعني أننا لانرى حجم الجهود الكبيرة التي تبذلها الحكومة وبكل اقتدار، على الرغم من أن بعض هذه الجهود كانت تبددها قلّة من القرارات غير الشعبية، التي كانت الخطة قد أقرّتها أصلاً، ولاسيما قضية الدعم وإيصاله إلى مستحقيه وكل مادار ويدور إلى الآن حول هذه القضية الشائكة وغير الشعبية فعلاً، ولكنها بالنهاية – وإن تحمّلنا بعض المعاناة – لابدّ وأن تُفضي بنتائجها المأمولة البيضاء والشعبية أيضاً.
في مجلس الشعب – ومنذ أيام – أشار السيد عبد الله الدردري إلى أن الخطة بنيت على أساسين جديدين هما إعداد نموذج متكامل للاقتصاد السوري وبناء على خارطة وطنية تحدد بؤر الفقر ومواقع اختلالات التنمية بين المناطق والشرائح الاجتماعية، ووضعت أهدافا كلية للوصول إليها عام 2010 ورؤية استشرافية أولية لعام 2025 ، لافتاً إلى أن الحكومة تعمل على معالجة جميع الصعوبات التي تعترض سير عمل الخطة مشيرا إلى أن عجز الموازنة العام الماضي لم يتجاوز الـ 5 بالمائة من الموارد المحلية وأن الإيراد الضريبي سيتجاوز هذا العام الـ 360 مليار ليرة مع استقرار الوضع النقدي وسعر الصرف، ما يؤكد أن الخطة تحقق الأهداف التي وضعتها.
هكذا كان الدردري أمام مجلس الشعب – كعادته – يرشُّ علينا الأحلام وروداً، ومعه حق، فثمة ورودٍ حقيقية، حتى وإن تناثرت بينها بعض الأشواك التي لم ينكرها أمام ممثلي الشعب، حيث أشار بوضوح إلى أشواك البطالة، وقال بهذا الصدد :
إنَّ الخطة لم تحقق أهدافها في هذا المجال – مجال البطالة – على الرغم من انخفاض معدلاتها وتحول أكثر من 200 ألف شخص كانوا يعملون باجر إلى أصحاب مشاريع، مؤكداً ضرورة التأسيس لبيئة عمل جديدة خالقة لفرص العمل وتسمح للشباب بالتأسيس لمشاريعهم الاقتصادية الخاصة.
طبعاً نحن هنا لسنا بصدد استعراضٍ مُفصّل لما تحقق من الخطة ولما لم يتحقق، ولكن نود أن نشير إلى أنه في الوقت الذي مايزال فيه الدردري منغمساً في الدفاع عن الحكومة لجهة ما استطاعت أن تُنفذه من الخطة الخمسية العاشرة، ولم يلحق النائب الاقتصادي ليتنفس الصعداء بعد من جبال هموم الخمسية العاشرة، حتى بدأ ينتابه همُّ وغمُّ الخطة الخمسية الحادية عشرة، حيث قام مؤخراً السيد رئيس مجلس الوزراء المهندس محمد ناجي عطري، بتشكيل لجنةً توجيهية عليا برئاسة السيد عبدالله الدردري، لإعداد الخطة الخمسية الحادية عشرة، ويشارك الدردري في هذه اللجنة كل من الدكتورمحمد الحسين وزير المالية، والدكتورعامر حسني لطفي وزير الاقتصاد والتجارة، والدكتور تامر الحجة وزير الإدارة المحلية، والدكتور تيسير الرداوي رئيس هيئة تخطيط الدولة، بالإضافة إلى الدكتور أديب ميالة حاكم مصرف سورية المركزي .
وقد حدد السيد رئيس الحكومة مهمة هذه اللجنة القيام بالإشراف على عمل اللجنة الفنية المشكلة بالقرار رقم /1/ تاريخ 3/6/2009 لإعداد الخطة الخمسية الحادية عشرة وخصوصاً في مجال السياسات والخيارات الاستراتيجية والتوجيهات العامة، والإشراف على إعداد برنامج التنمية العشرية 2010- 2020 على أن تقدم اللجنة تقريراً ربعياً عن سير إعداد الخطة إلى مجلس الوزراء، بعد أن تكون تلك اللجنة قد تسلمت تقارير شهرية من اللجنة الفنية لإعداد الخطة الخمسية الحادية عشرة عن مراحل إنجاز الخطة، التي بدأ توصيفها بأنها ستكون موجزة ومفهومة وقابلة للتطبيق ودقيقة ومحسوبة في الزمن والتكاليف وترسم الطريق إلى الأهداف التنموية المرجوة وستأخذ بالاعتبار كل عوامل النجاح.
أحلام وردية أخرى لابد وأن ننتظرها إذن، ولاأعتقد أننا نُخطئ إن كان من واجبنا أيضاً أن نُصغي إليها أكثر وأكثر.