عنوان الدورة الذي اختارته في المؤتمر الرابع عام 2006 وهو نصرة سورية ولبنان وذلك عبر تبنيها لسياسات يقف وراءها الشعب العربي الذي تمثلون أطيافه الواسعة» وفي معرض حديثه أوضح السيد الرئيس أن سورية قد نجحت في المرحلة الماضية بمواجهة الكثير ما كان يحاك ضدها لأنها اتخذت القرار الصحيح الذي بني على اندماج حقيقي بين القيادة والشعب الموحد حول العروبة التي تعتبر موضوعاً مقدساً يجمع مختلف الأطياف والتيارات الفكرية السورية.
ثم أشار السيد الرئيس إلى أن العنوان الذي اختارته الأحزاب العربية لهذه الدورة وهو: القرار العربي المستقل مهم وشامل، وبغية الوصول إلى القرار العربي المستقل يجب أن نبدأ أولاً من الشيء الأشمل وهو العروبة والايمان بالهوية العربية الذي أصيب بالكثير من التراجعات في الفترة الماضية، ويوضح السيد الرئيس بأنه لا يجب أن نحمّل العروبة عبء الأخطاء التي يرتكبها العرب، وبالتالي يجب البدء بعملية الحفاظ على الهوية العربية وإقناع الناس بأهمية هذه الهوية وبأنها هي الجامع لنا وهي الحصن الحقيقي للمواطن العربي والدول العربية.
وقد شدد السيد الرئيس على ضرورة امتلاك الدول العربية للرؤية الصحيحة بالاستناد إلى الماضي وقراءة المستقبل وامتلاك أدوات تنفيذ هذه الرؤية وهي ما يمكن تسميتها نقاط القوة التي تحتاجها الدول العربية، وتبدأ بالتمسك بالحقوق ثم تنتهي بأدوات التنفيذ التي تستند إلى نوعية العدو الذي نواجهه.
ثم أشار السيد الرئيس إلى التضامن العربي الذي سيأتي نتيجة امتلاك الرؤية وأدوات التنفيذ والذي لا بد منه، لكي نتوصل إلى القرار العربي المستقل، والتضامن قد وصفه السيد الرئيس بأنه تضامن مع أنفسنا مع مصالحنا كعرب ويجب أن ينطلق من الاجماع الشعبي العربي، وقد اعتبر أن الوضع العربي اليوم أفضل مما كان عليه منذ عدة سنوات إلا أنه لم يصل بعد لمرحلة يمكن القول فيها إن التضامن العربي أصبح موجوداً ولكن يمكن البناء على الوضع الحالي للوصول إلى مستقبل أفضل.
وفي سياق الرؤية لفت السيد الرئيس إلى موضوعي التغرب والتطرف ورأى أن من مهمة الأحزاب العربية التصدي لهما، فالقضيتان ثقافيتان بامتياز ويتسبب بهما تراجع الفكر القومي الذي يحمينا من التغرب والتطرف، وأشار السيد الرئيس إلى أننا لا نريد أن نكون في جهة أي منهما بل نريد أن نكون عرباً كما عرفنا عبر تاريخنا، فالعروبة هي الوحيدة التي يمكن أن تحمينا من كل هذه الآفات، وقد تضمن حديث السيد الرئيس عناوين أخرى مهمة كالعلاقة الجيدة مع دول الجوار ودورها في الوصول إلى القرار العربي المستقل واستعادة الحقوق العربية المغتصبة من إسرائيل، ثم تحقيق الاستقرار في المنطقة، كما تحدث عن القضية الفلسطينية والحل الصحيح الذي لا يجوز أن يبدأ بوقف الاستيطان بل بالانسحاب الكامل من الأرض وإنهاء الاحتلال.
وقد أبرز السيد الرئيس حقيقة أن قوة إسرائيل الوهمية هي في ضعف العرب الحقيقي، فالقوة هي الطريق إلى السلام والمقاومة والتفاوض هما محور واحد وكلاهما يهدف لاستعادة الحقوق المشروعة التي لن نتنازل عنها، واختتم السيد الرئيس بالقول: «إننا بدأنا الآن ببناء شرق أوسط جديد جوهره المقاومة، فالمقاومة بمعناها الثقافي والعسكري وبكل معنى آخر هي جوهر سياساتنا في سورية اليوم وفي الماضي وستبقى في المستقبل وهي جوهر وجودنا».
إن تحليل الأبعاد السياسية والفكرية لكلمة السيد الرئيس يرشدنا إلى أنه قد حدد الآفاق البرنامجية للعمل العربي على أصعدته الشعبية والحزبية والحكومية، كما حدد القضايا الكبرى أمام العقل المعرفي العربي ليبدأ بالعروبة كعقيدة جامعة، كما وصفها في الكثير من كلماته ولا سيما أمام المؤتمرات العربية النقابية والحزبية وحتى على مستوى الجامعة والقمم العربية.
فالعروبة كما فلسفها السيد الرئيس أمام مؤتمر المحامين العرب في 21/6/2006 بأنها معنى حضاري فلا تنفي الأعراق ولا الثقافات ولا اللغات ولا كل مكونات المجتمع العربي وهي التاريخ الطبيعي لمنطقتنا، وهذا المصطلح هو الجامع الوحيد والأقوى لكل هذه المكونات التي نعتبرها غنية وتصبح كما رأى السيد الرئيس غنية أكثر بوجود العروبة وفقيرة وضارة دون وجودها.
فالشعور العروبي يلمح إليه السيد الرئيس بأنه الحل لكل عقدة في الحياة العربية بوصفه قد لازم الأمة منذ تشكيله، ومن العروبة تتحقق للعربي قيم التناسج السليم في القطر الواحد، وقيم الوطنية الصحيحة في الوطن الواحد ومعها قيم المواطنة الصادقة الحرة، وباعتبار أن الأسبقية التاريخية هي للأمة بجنسها وتجانساتها الداخلية، وبالأصل تمثل الأمة الوعاء التاريخي والمظلة العليا والبوتقة التي تنصهر فيها الجماعات المختلفة (الأثنية والمذهبية)، فالعربي بهذا المفهوم هو من عاش على الأرض العربية وكانت لغته العربية، وآمن بانتسابه إلى الأمة العربية. وينتقل السيد الرئيس إلى الخيار الثاني الذي حدده بامتلاك الرؤية الصحيحة المستندة إلى الماضي وقراءة المستقبل حتى تتوظف كافة أطروحات الأحزاب والدول ومجموعة الأمة بالخطوط المستقبلية لعالم متسارع الثورة المعرفية، ثم من هذا الحال يتحقق التضامن العربي بالمفهوم الصحيح الذي يصل بنا إلى القرار العربي المستقل.