صدرت مؤخراً عن المجلس الأعلى للثقافة والفنون في الكويت طبعة جديدة لمسرحيتين من أعماله في كتاب واحد (طبول في الليل، حياة جالليو) مبادرة جيدة تؤكد أهمية مسرحي أحدثت نقلة نوعية بفن الدراما.
ولد برتولد في شباط عام 1898 في أوهسيورج وتوفي في القطاع الشرقي من ألمانيا عام 1956م، كان والده صناعياً ضمن له تربية برجوازية، تابع دراسته في المدرسة البروتستانتية ليلتحق بجامعة ميونيخ لأجل دراسة الطب إلا أنه لم يكمل اختصاصه بسبب الحرب العالمية الأولى شارك بها كممرض في مشاف عسكرية ألمانية.
بعد الحرب عاد إلى ميونيخ ليصبح عضواً في المجلس الثوري للعمال والجنود الألمان لكن فشل هذه الحركة جعله يمتهن كتابة الشعر فكتب عدة مسرحيات ذات طابع تعبيري، منها (طبول الليل) التي نجحت كعمل مسرحي أسس لشهرته.
وتتحدث هذه المسرحية عن أوضاع ألمانيا بعيد هزيمتها في الحرب العالمية الأولى وما أدت إليه من أهوال ومصائب اجتماعية مسبوكة بحرارة سياسية ترتبط بأحداث ذاك الزمن.
لم تكن قراءة بريخت للمسرح الكلاسيكي قراءة سلبية إذ نتج عن قراءاته تلك اجتهادات وإضافات شكلت نقطة علام فارقة في تاريخ المسرح ليس الأوروبي فحسب بل العالمي.
أسس مسرحه الخاص وأطلق عليه اسم المسرح الملحمي الذي يبتعد به تماماً عن مبادئ المسرح الأرسطوطاليسي.
نظريته في هذا النوع الجديد كتبها تحت عنوان (الأرجوان الصغير) ونشرها عام 1948م تحرر فيها من كل القواعد الكلاسيكية الأرسطية.
مذهبه في المسرح يقوم على تخليص المشاهد من كل أسباب الانصهار الكامل مع ما يعرض أمامه لأنه الأهم في تكوين العمل المسرحي.
غايته كانت جعل المتلقي يتأمل ليفكر فيما يعرض أمامه على الضد مما كان متبعاً في المسرح الأرسطي حيث الانصهار الكامل في العرض وصولاً إلى التطهير.
بريخت في نظريته عمل لهدف التواصل مع متلق بكامل الوعي فما يراه هو مجرد عرض مسرحي وليس حياة واقعية وبالتالي اتخاذ موقف من القضية المطروحة، كل ذلك يصب في مهمة تكريس العقل لا العاطفة عبر أسلوب هدم الجدار الرابع وفق ما سمي (التغريب).
عرفت طريقة برتولد بريخت في الإخراج المسرحي وراجت وهو لم يبلغ الثلاثين وتعاطف مع الحركة الماركسية مستلهماً أفكارها في أعمال.
عند استيلاء هتلر على الحكم هرب من ألمانيا إلى الدانمارك وعاش فيها إلى عام 1939 عندما اجتاحتها القوات النازية منتقلاً إلى أمريكا حيث خط نظريته المسرحية.