بعد كل هذا, لجأ إلى التوسّل للرئيس الروسي» ميدفيديف» وذلك أثناء تواجدهما في قمة « سيؤول» للأمن النووي التي عقدت مؤخراً هناك من أجل أن يدعمه في الانتخابات.
الكلام المُسرب عبر الميكروفون المفتوح أظهر أن الرئيس الأميركي « أوباما « كان يستعطف ويتوسل للرئيس « ميدفيدف» لدعمه في انتخابات الرئاسة الأميركية المقبلة ومما قاله بالحرف الواحد:
« إنها آخر انتخابات لي, وبعد انتخابي سيكون لدي المزيد من المرونة. يمكننا حلّ جميع المواضيع, وبخاصة موضوع الدفاع الصاروخي, لكن من المهم أن يمنحني الوقت».
والسؤال هنا.. من هو الشخص الذي يطلب « أوباما, منه منحه الوقت؟ لقد بيَّنهُ الرئيس / ميدفيديف/ عندما أجابه « سأنقل هذا الطلب لـ « فلاديمير بوتين» .
لاشك بأنَّ هذه الواقعة لها دلالتها العميقة والبعيدة, إذ ليس أمراً عادياً أنْ يتحدث رئيس أميركي بلغة التوسل والرجاء مع زعيم روسي, هذا لم يحصل في عهد الاتحاد السوفيتي السابق..!
بعض المحللين السياسيين ما زالوا غير مصدقين لما جرى ويجري على طريق استعادة روسيا لمكانتها ولدورها العالمي المؤثر, أو لا يرغبون في رؤية روسيا تتخذ مواقف مبدئية ونهائية وحاسمة وحازمة إلى أبعد حد في سياق عودتها طرفاً مضاداً في معادلة القطبية الدولية, وهذا ما تجسَّد مؤخراً في أبهى صورة من خلال الفيتو الروسي المشترك مع الصين ضد القرارات العدوانية التي هيأت لها أميركا والعواصم الأطلسية الأخرى بحق سورية, ثم استمرار هذا الموقف المبدئي لروسيا حتى الآن, رغم كل المساومات التي جرت معها والمُغريات التي قدمت لها من أجل تبديل مواقفها من المسألة السورية ونحن نقول لهؤلاء: « لا تراهنوا على الوهم, فمن الصعب أن تتراجع موسكو عن مواقفها السياسية, لا بل هي في طريقها إلى التشدّد في مقاومة الأحادية القطبية والسير بالعالم باتجاه عالم متعدد الأقطاب....!
إن هذه الواقعة « واقعة تسوّل الرئيس الأميركي تجاهلها الإعلام الغربي والعربي المؤيد لها, رغم أنها تشكل مادة دسمة للإعلام ولكل الذين يحاولون هضم التوازنات الدولية الجديدة بعيداً عن الرغبات والأمنيات.
إنَّ الرئيس « أوباما» الذي تحدث باللغة الانكليزية مع الرئيس الروسي» ميدفيديف» وطلب منه الدعم من الرئيس الروسي القادم « بوتين» لا يضمن أنْ يسمع كلاماً بهذه اللغة من « بوتين» , الذي استطاع أن يعيد لروسيا مكانتها ودورها كقطب أساسي,والذي يُذكّر مواطنيه بشكل دائم بأنَّ اقتباس كلمة أجنبية في كلامهم يُشكل إساءة للغة الروسية, ويزرع النقص في الثقة بالنفس بأمة تفخر بجذورها الحضارية والثقافية التي لا تجاريها دولة تستمد قوتها من مستودعات السلاح, /المقصود بهذه الدولة الولايات المتحدة/.
بقي أن نقول إنَّ هذا الاستجداء من قبل الرئيس الأميركي « أوباما» كان من الممكن أن يبقى سرا كما أراده صاحبه., إلا أنَّ الميكروفون المفتوح, فضح ذلك لأن أوباما نسي هذا الميكروفون المفتوح, وبالتالي فقد وقع في فخّه , حيث تسلل هذا الاستجداء للصحافة, ثم للناس جميعاً.
وهنا نشير إلى أن قادة دول عظمى سبقوه إلى الوقوع في هذا الفخّ منهم الرئيس الأميركي السابق/ جورج بوش الابن/ الذي كثيراً ما زلت لسانه , ففي عام /2006/ وبينما كان يتحادث مع رئيس وزراء بريطانيا الأسبق / طوني بلير/ استخدم كلمات بذيئة في وصف سورية وحزب الله من دون أن يعرف أن الميكروفون مفتوح, وبالتالي وصل كلامهما إلى الصحافيين.
وكذلك جرى الأمر نفسه مع أوباما قبل أربعة أشهر عندما كان يتحدث مع شريكه/ ساركوزي/ , معتقداً أن لا أحد يسمعهما, وراح الرجلان يصفان « نتنياهو» بالكذب والخداع, بينما نسيا أن الميكروفون مفتوح.
وتحوّل حديثهما إلى فضيحة مدوية استدعت من كل منهما جهوداً مضنية وتنازلات كبيرة ليغفر لهما نتنياهو ما وصفاه به.