تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر
طباعةحفظ


تقسيم ليبيا ... وخيوط المؤامرة الغربية

شؤون سياسية
الأثنين 9-4-2012
هيثم عدرة

مايجري في ليبيا هو بداية تقسيمها وتقطيعها إلى أجزاء تحت تسميات مختلفة والهدف هو شرذمة إمكانياتها وقدراتها على الصعيد الاجتماعي والسياسي والاقتصادي والعسكري وتبديد ثروتها وحرمان أجزاء من ليبيا من ذلك ,

وهذا يؤكد البعد السياسي الذي بدأ يتضح حول مايريده الغرب والولايات المتحدة من ليبيا, وهذا بطبيعة الحال حصل سابقا في السودان والذي تحول إلى بلدين متناحرين , وتلك الحالة بدأت تلوح في الأفق في ليبيا ليسهل السيطرة عليها عبر تسميات أضحت معروفة ومكشوفة .‏‏

علينا أن نعود للبداية لربط خيوط المؤامرة التي طالت بلداً عربياً غنياً بالطاقة .‏‏

قضايا كثيرة لابدّ من الوقوف عندها والنظر إليها بإمعان وتحليل حول ماجرى ويجري في ليبيا , وهل يمكن القول إن التدخل فيها كان عبر دوافع إنسانية من أجل حقن دماء المدنيين أم أن الأمر تجاوز هذا الإطار ليصل إلى حدّ التطاول على سيادة ليبيا بحجة الحرية المزعومة التي تتشدق بها الولايات المتحدة وحلفاؤها .‏‏

إن قرار مجلس الأمن الدولي جعل الكثيرين يقفون عنده ويتناولونه عبر التحليل من حيث سرعة القرار وسهولة تبنيه مما يعطي الضوء الأخضر للمشاركة في الحرب , ويمكن أن تطرح تساؤلات كثيرة وإشارات استفهام حول استقامة القانون الدولي والسيناريوهات التي أعدت ويراها الغرب والناتو واقعية ومناسبة تجاه ليبيا ومستقبلها الذي تم تحديده ورسم معالمه في الغرف المظلمة .‏‏

لابدّ من القول : إن بعض المراقبين والمحللين في الغرب يرون أن الحملة العسكرية على ليبيا هي أول تدخل على شكل شعار إنساني في التاريخ المعاصر يجري وفقا لأصول القانون الدولي وبموافقة الجامعة العربية , ويقول أصحاب هذا الرأي: إن تسديد الضربات الجوية على القوات الليبية النظامية آنذاك نابع من الرغبة في وضع حدّ لإبادة السكان المدنيين المعارضين للنظام الليبي والحيلولة دون وقوع كارثة إنسانية واسعة النطاق , أما وجهة النظر التي تقابل تلك التي تحدثنا عنها تقول من خلال رأي الخبراء أن عمليات قوات التحالف في ليبيا تجاوزت إطار قرار مجلس الأمن الدولي وباتت تشكل تطاولاً على السيادة الوطنية ودعما للمعارضة المسلحة في حرب أهلية ظهرت صورته فيما بعد ضد النظام الليبي السابق والذي كان بكل الظروف نظاماً شرعياً رغم اختلافه وخصوصيته عن غيره .‏‏

الأمر الآخر انه تم ضرب قوات المعارضة من قبل حلف الناتو مرات عديدة عن طريق الخطأ كما يدعون , وكان الأسف الشديد هو الحل , وهذا بحد ذاته يجعلنا نقف مطولا حول ماكان يجري في ليبيا من قبل قوات الناتو , وما هي الأبعاد الحقيقية في طبيعة هذا التدخل والتي كما ذكرنا كان سريعا تحت عنوان حماية المدنيين , والسؤال الذي يطرح ماهي الحماية التي قدمت في حينها وما هي الأبعاد الحقيقية لهذا التدخل , وهذا السؤال له مبرراته بسبب كثافة العمليات القتالية التي جرت من قبل الحلف ضد الجيش الليبي .‏‏

الواقع الحالي في ليبيا يعطي مؤشرات على أن النزاعات المسلحة المتتالية بين الميليشيات الليبية سيكون له دور سلبي على المدى القريب أو البعيد وخصوصا أن الحكومة يبدو أنها عاجزة عن حل موضوع السلاح المنتشر وبقوة في جميع أنحاء ليبيا , وهذا مايجعل البعد الحقيقي لضربات الناتو يظهر عبر هذه الصيغ والتي ربما تصل بليبيا إلى التقسيم وهذا يجعلها ضعيفة ويسهل السيطرة على مقدراتها عبر الطابع التناحري الذي سيتصاعد مستقبلا بين المناطق الليبية .‏‏

النقطة الأخرى التي ظهرت بعد انتهاء عمليات الناتو هو السلاح والذي يطرح سؤالا مهما حول تداعيات تهريب السلاح من ليبيا على الأمن في المنطقة , وما هي الجهات التي تتدفق إليها الأسلحة والذخائر المهربة من مستودعات الجيش الليبي , وكيف ستواجه السلطة الجديدة في ليبيا الترسانة العسكرية التي وقعت فجأة في أيدي غير العسكريين؟ .‏‏

يبدو أن موضوع مشكلة تهريب الأسلحة من ليبيا منذ أن بدأت المواجهات , إلا أن دول التحالف الغربي وبعض الدول العربية , وبسبب الانشغال بمهمة استبدال النظام الحاكم في ليبيا لم تبد اهتماما يذكر آنذاك بنهب مستودعات السلاح الليبي ونقله إلى الخارج , وقد اتضحت أبعاد هذا الاتجاه المثير للقلق في أواخر العام الماضي , ماجعل الأمم المتحدة تدق ناقوس الخطر للتنبيه إلى عمليات تهريب السلاح الليبي على نطاق واسع .‏‏

طرق التهريب من ليبيا تتجه ليس فقط نحو الجنوب إلى تشاد والنيجر , ونحو الغرب إلى الجزائر , فهناك معلومات تفيد بأن السلاح الليبي انتشر بطرق غير مشروعة في منطقة تمتد من مالي ونيجيريا إلى سورية على رأي بعض المحللين .‏‏

وثمة مشكلة أخرى بالنسبة للسلطات الجديدة في ليبيا وبالنسبة للأمن الدولي , ألا وهي المعلومات التي تتحدث عن العثور على احتياطات من السلاح الكيماوي في ليبيا , ولا بدّ من إتلافها والحيلولة دون الاستيلاء عليها من قبل بعض الجماعات , ويمكن لهذا الخطر الحقيقي أم الواهي الذي يشكل ذريعة لاستئناف التواجد العسكري فيما بعد لدول حلف الناتو في ليبيا تأمين سلامة حدودها ومكافحة تهريب السلاح هذه المرة .‏‏

إضافة تعليق
الأسم :
البريد الإلكتروني :
نص التعليق:
 

 

E - mail: admin@thawra.sy

| الثورة | | الموقف الرياضي | | الجماهير | | الوحدة | | العروبة | | الفداء | | الصفحة الرئيسية | | الفرات |

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية