تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر
طباعةحفظ


الناتو يجر أذيال الخيبة في أفغانستان

عن الفايننشال تايمز
ترجمة
الأثنين 9-4-2012
ترجمة: خديجة القصاب

منذ خمس سنوات مضت كانت واشنطن ترفض التكلم مع حركة طالبان لتصبح اليوم تلك الحركة هي التي ترفض التكلم مع ادارة البيت الابيض.

خطوات ان دلت على شيء فإنما تكشف كيف تغيرت موازين القوى في افغانستان بعد ان باءت محاولات التدخل الغربي في شؤون تلك الدولة بالفشل ولان الناتو يجر اذيال الهزيمة في افغانستان ها هي قواته تستعد منذ اليوم للانسحاب من الاراضي التي احتلها هناك وذلك في الموعد الذي حدده الحلف أي عام 2014 كما جاء في تصريحات قادته مؤخراً .‏

وقد علق مسؤول باكستاني بارز بسخرية على تلك التصريحات قائلاَ: اذكر حتى الان كيف دأبت واشنطن على القول ان افضل انواع طالبان هم الذين يتم قتلهم والتخلص منهم ثم تراجع هؤلاء عن اقوالهم تلك وبدؤوا يطرحون رأياً جديداً مفاده ان حركة طالبان ليست عدوتهم الآن.‏

هذا بينما لاتزال على ارض الواقع العداوة بين قوات الناتو وحركة طالبان محتدمة في ساحة المعركة لكن وفي محاولة يائسة لجعل افغانستان تنعم بالاستقرار كما تقول قيادة الناتو بعد انسحاب قواته من تلك الدولة تعمل واشنطن وحلفاؤها جاهدة لتشرك طالبان في العملية السياسية بعد عام 2014 في حين تبدو حركة طالبان غير متلهفة للتفاوض مع الحكومة الامريكية وقوات الائتلاف الغربي المنتشرة في افغانستان ومؤخراً عمدت تلك الحركة على تعليق حوارها مع تلك الاطراف فاقترب موعد انسحاب قوات الناتو من افغانستان دفع حكومة كابول لممارسة قليل من الضغوط على طالبان بغية حثها للتوصل الى تسوية مع الاطراف الأخرى.‏

فذريعة تواجد القاعدة في افغانستان كانت وراء تدخل الناتو هناك ما منح بعداً اخلاقياً جديداً لحركة طالبان التي راحت تثير الرعب في نفوس الشعب الافغاني.‏

هذا ويصر الاميركيون على ان مشاركة طالبان في مسيرة العمل السياسي في كابول تعتمد على موافقتهم على الدستور الافغاني الحالي والذي شمل حماية حقوق الانسان الى جانب ما تحتويه تلك الحقوق من تعهدات لضمان المساواة بين المواطنين الافغان لكن الحقيقة التي يجب عدم تجاهلها هي ان غالبية الشعب الافغاني لا تفقه القراءة والكتابة وضمن هذا السياق صرح احد وزراء الاتحاد الاوروبي قائلاً: لا تستطيع نسبة ثلاثة ارباع الشعب الافغاني قراءة الدستور فعلياً لكونها امية.‏

اما بالنسبة لوضع المرأة فحتى في ظل حكومة كابول الحالية لا تزال اوضاع النساء الافغانيات مأساوية ومؤخراً سلطت منظمة هيومن رايتس ووتش الضوء في احدث تقرير لها على وجود مئات من النساء الافغانيات سجينات وراء قضبان هذه الدولة جراء ارتكابهن “جرائم اخلاقية” كمقاومتهن على سبيل المثال الزواج القسري وتذمرهن من تعرضهن للاغتصاب ورغم ذلك حققت المرأة الافغانية بعض المكاسب على غرار السماح لها بالذهاب الى المدرسة بهدف التحصيل العلمي او على صعيد الاخذ بشهادتهن امام القضاء الافغاني لكن في حال استعادة حركة طالبان نفوذها السياسي في افغانستان فعلى الارجح ستصبح تلك المكاسب التي حصلت عليها المرأة الافغانية عرضة للتجاهل والنسيان.‏

وفي الواقع فتح مقتل اسامة بن لادن على يد القوات الاميركية العام الماضي الأبواب على مصراعيها امام واشنطن التي تحتاج لتلك العملية لتبرير انسحابها من افغانستان لتتمحور اهداف الناتو بالنسبة لأفغانستان حول توفير الأمن بشكل كامل في انحاء تلك البلاد والمطلوب ان لا تتحول أفغانستان ثانية الى دولة حاضنة للإرهاب.‏

وقد لا تتحقق تلك الاهداف حتى وان كانت في ادنى مستوياتها لان مساعي الناتو حول تدريب وتجهيز قوات حفظ الامن الأفغانية لاتزال بعيدة المنال ولم تصل الى غايتها منذ عجز القوى الافغانية في تولي وتسلم المهام التي كانت منوطة بقوات حلف الاطلسي.‏

فتمويل القوات الافغانية العسكرية تتراوح تكلفته بين 8 – 9 بلايين دولار امريكي سنوياً فهل يستطيع الغرب الاستمرار في ضخ تلك المبالغ في افغانستان؟ هناك جدل يدور حول عملية التمويل تلك ان داخل حلف الناتو او في واشنطن وبروكسل وفي هذا الصدد اكد وزير خارجية السويد “ كارل بلدن” خلال انعقاد منتدى بروكسل مؤخراً قائلاً: انه في حال تقاعس الغرب عن تمويل قوات حفظ الامن الافغانية فسوف يصبح اكثر 000/100 مواطن افغاني تم تدريبه على حمل السلاح عاطلاً عن العمل لكن حتى لو تم ضم هؤلاء العاطلين الى صفوف الجيش الافغاني النظامي فمن المتوقع ان تغرق افغانستان في مستنقع حرب اهلية شاملة مما سيؤدي الى تحويل حركة طالبان الباكستانية المجاورة باتجاه راديكالي نظراً للارتباط القبلي والديني والعسكري على طرفي الحدود بين الحركتين في كل من افغانستان وباكستان.‏

فما ان وصل الرئيس باراك اوباما الى سدة الحكم حتى وصف باكستان بأنها الدولة الأكثر اثارة للرعب في العالم واكد على ان المشكلة الافغانية لا يمكن فصلها عن مصير جارتها الباكستانية رغم ان تلك الاخيرة اكبر مساحة من الاولى لذلك كان الاصرار الامريكي على اظهار الوجه القبيح لحركتي طالبان الافغانية والباكستانية ثم جاءت دعوة واشنطن لتسريع انسحاب القوات الغربية من افغانستان .‏

ومع ذلك فالمشكلة التي تعاني منها باكستان تواجه خطر التجاهل ليشكل هذا التجاهل معضلة في حد ذاتها فالأوضاع في باكستان اليوم تثير القلق عما كان عليه الحال يوم تسلم اوباما السلطة في البيت الابيض وقد وصف وزير خارجية السويد “ كارل بلدن” خلال زيارته الاخيرة لباكستان الاجواء التي تهيمن على تلك البلاد قائلاً: هناك شعور هيستيري ضد كل ما هو امريكي وقد تفاقم هذا الشعور بعد ان اعلنت واشنطن مؤخراً انها لن تعاقب او تتهم اي جندي امريكي شارك في الهجوم الذي شنته قوات الناتو على باكستان وادى الى مقتل 24 جندياً باكستانياً في تشرين الثاني الماضي .‏

اما المقولة التي ترّوج لها واشنطن حالياً بالنسبة لوضع يدها على الاسلحة النووية الباكستانية فقد اصبحت تستحوذ على اهتمام وسائل الاعلام الباكستانية والطبقة الحاكمة في تلك البلاد لذلك اخذت باكستان تتفاخر كرد فعل على تلك المقولة بإنتاجها سلاحاً نووياً وسعيها لنشره فوق اراضيها .‏

وكنتيجة لاحقة ستظل الولايات المتحدة تعمل على مواجهة الارهاب المزعوم في جنوب شرق اسيا لتظل الهجمات التي تشنها طائرات امريكية بدون طيار على المجاهدين الباكستانيين في المناطق القبلية في باكستان سيفاً ذا حدين يسهم من جهة في تدمير الدور القيادي لتنظيم القاعدة ومن جهة اخرى في تنامي مشاعر الكراهية ضد كل ما هو امريكي وغربي وهو الامر الذي سيولد جيلاً جديداً من الارهابيين في باكستان .‏

وقد اوضح احد المسؤولين الباكستانيين رفيعي المستوى انه رغم اغتيال الشخصية التي تحتل المركز الثالث في القاعدة للمرة الخامسة على التوالي الا ان هذا المركز الثالث سيظهر قريباً شخص يحتله مجدداً في هذا التنظيم تلك هي العقلية التي تؤدي الى اتساع نفوذ القاعدة في كل من باكستان وافغانستان.‏

 بقلم : جدعون راشمان‏

إضافة تعليق
الأسم :
البريد الإلكتروني :
نص التعليق:
 

 

E - mail: admin@thawra.sy

| الثورة | | الموقف الرياضي | | الجماهير | | الوحدة | | العروبة | | الفداء | | الصفحة الرئيسية | | الفرات |

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية