تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر
طباعةحفظ


جنوب السودان .. تزاوج المصالح الإسرائيلية- الأميركية

عن موقع : Voltairenet
ترجمة
الأثنين 9-4-2012
ترجمة: دلال إبراهيم

تشكل حالة جنوب السودان مثالاً نموذجياً لنجاح الاستراتيجية الإسرائيلية في أفريقيا .

حيث استطاعت إسرائيل وحلفاؤها بالاعتماد على القوات العسكرية الأميركية , كما في العراق وفي ليبيا , من إقصاء الصين , منافستها الاقتصادية عن جزء غني بالموارد الطبيعية . وبصفتها نموذجاً ومثالاً , عهد بالمهمة الإعلامية لهذه العملية إلى الممثل الهوليوودي جورج كلوني , الابن الضال والناطق الرسمي لاقتران المصالح الاستعمارية الإسرائيلية- الأميركية .‏

وعقب مشهد جورج كلوني الذي أداه أمام السفارة السودانية في واشنطن جاء دور هيلاري كلينتون لكي تصعد إلى الخشبة والدموع في عينيها وتعبر عن عميق قلق وانشغال الولايات المتحدة بالأزمة الإنسانية وضحاياها الكثر في الجزء الجنوبي من السودان . مشاهد لامست الخيال الأميركي , هدفها المشهد الإعلامي العالمي . بينما الحقيقة مختلفة كلياً .‏

على مدى عقود من السنين , دعمت الولايات المتحدة ومعها إسرائيل القوى الانفصالية بينما كان يدعى في ذلك الحين منطقة جنوب السودان لغاية عام 2005, حيث وقع الشمال والجنوب اتفاقاً , اعتبرته إدارة الرئيس بوش بمثابة انتصار حقيقي في معرض السياسة الخارجية . وجنت ثماره إدارة الرئيس اوباما , ففي التاسع من شهر تموز العام الماضي أعلن جنوب السودان استقلاله الذاتي . وبالتالي نشأت دولة جديدة بمساحة قدرها 600,000كم2 (أكبر من مساحة فرنسا وضعف مساحة إيطاليا ) وبعدد سكان يبلغ 8- 9 ملايين نسمة . ومن خلال فصلها عن باقي البلاد , امتلكت جنوب السودان 75% من الاحتياطي النفطي السوداني . على النقيض من شمال السودان الذي يمتلك خطوط النفط , وعبرها يتم نقل نفط الجنوب نحو البحر الأحمر ليتم من ثم تصديره . ومن هنا ينبع العداء بين الحكومتين حول تقاسم العائدات النفطية , يغذيه الصراع على السيطرة على مناطق حدودية بطول يبلغ أكثر من 1500 كم , صراع تقوده مجموعات مسلحة محلية .‏

وضمن هذا السياق , تستمر الولايات المتحدة في لعب الدور الرئيسي . حيث يتم إدراج جنوب السودان ضمن برنامج ايميت Imet ( العسكرية الدولية , للتدريب والتعليم ) ويديرها أفريكوم بتمويل من وزارة الخارجية الأميركية , وضمن هذا البرنامج يتم تدريب 10000 ( زعيم عسكري ومدني أفريقي ) كل عام , والذين يذهبون إلى 150 مدرسة عسكرية أميركية .‏

وبالتزامن مع ذلك ,وبتوجيه من واشنطن يجري حالياً الإعداد لتنفيذ مشروع ممر جديد للطاقة , ويضم خط نفط وطريقاً سريعاً وخط سكك حديدية, وسوف يتيح هذا المشروع نقل نفط جنوب السودان إلى الميناء الكيني لامو . ومن المتوقع أن تتضاعف أرباح واشنطن . من جهة , سوف تضيق , من خلال التخلص من خط نفط شمال السودان على السودان الضعيفة أصلاً بسبب فقدانها لثلثي احتياطيها النفطي , الأمر الذي سيؤدي إلى انهيار الحكومة في الخرطوم . ومن جهة أخرى ستعمل على تهميش الشركات الصينية , التي تستثمر النفط السوداني إلى جانب بعض الشركات الهندية والماليزية , حيث إن الجزء الأعظم سيتم السيطرة عليه من قبل الشركات الأميركية والبريطانية .‏

ولا يملك جنوب السودان البترول فحسب , بل تعتبر أراضيه غنية أيضاً بمناجم الذهب والفضة والألماس واليورانيوم والكروم والتنفستن والكوارتز التي لا تزال في باطن الأرض بحاجة إلى استثمار , ويضاف إليهم حوالي 50 مليون هكتار من الأراضي الزراعية المروية من مياه نهر النيل . وهذا يعني أعمالاً تجارية مزدهرة رابحة بالنسبة للشركات المتعددة الجنسيات المضمونة أعمالها من قبل الحكومة الجديدة في جوبا , وكذلك مضمونة من جانب كل من واشنطن وتل أبيب .‏

وثمة أمر له دلالته العميقة , وهو عزم جنوب السودان افتتاح سفارة لها في مدينة القدس , وباعترافها بالقدس عاصمة لإسرائيل , سوف تجري إسرائيل استعداداتها لاستقبال الآلاف من اللاجئين من جنوب السودان قبل استعادتهم . بينما اختارت جنوب السودان , ضمن أول أعمالها اللغة الانكليزية وليس العربية كلغة رسمية للبلاد و طالبت بالانضمام إلى الكومنولث البريطاني , وبالتالي فقد انضم إلى المستعمرات البريطانية القديمة نموذج استعماري جديد .‏

 بقلم : مانليو دينوتشي‏

إضافة تعليق
الأسم :
البريد الإلكتروني :
نص التعليق:
 

 

E - mail: admin@thawra.sy

| الثورة | | الموقف الرياضي | | الجماهير | | الوحدة | | العروبة | | الفداء | | الصفحة الرئيسية | | الفرات |

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية