إلى جانب استنهاض الفكر المقاوم لخلق حالة وحدوية شعبية تؤكد بأن أمتنا حية وقادرة على النهوض والتصدي للموقف وللمخاطر بالموقف الموحد والكلمة الصادقة في وجه أْعداء الشعوب وأعداء الحقيقة ويقول الشاعر والأديب خالد أبو خالد.
نحن بالفعل نحتاج إلى مراجعة لفكر المقاومة، اخفاقاته، ونجاحاته، ولكن فكر المقاومة من حيث هو نظرية لا يحتاج إلى مراجعة، فهو يستند إلى بديهية تقول «أي عدوان يجب أن يواجه بالمقاومة» وفي تاريخنا العربي من قطر إلى أخر، حدثت مقاومات منذ عشرينات هذا القرن في مواجهة الاستعمار التقليدي، وفي تاريخنا أبطال حقيقيون استطاعوا أن يقدموا الأمثولة بالتضحية، ولكن القضية تتركز في الممارسات التي يجب أن تعتمد على المنهج، ومثال ذلك: أنه عندما ورث الاستعمار القديم تركه الرجل العثماني المريض، كان النهضويون العرب الذين قاوموا الاستعمار العثماني، يفكرون بمقاومة تؤكد على وحدة الأمة ووحدة الوطن العربي، فجاءت المقاومات القطرية لتقاتل منفردة في كل قطر على حدة، ما جعل مسألة المقاومة تنقسم إلى قضايا قطرية بالتتابع وليس بالتلازم، وبالتالي كان أكثر ما نحتاج إليه في ذلك الحين، هو أن نقاوم على صعيد عربي، على المستوى القومي، من أول الوطن إلى أوله الآخر، ولكننا لم نفعل، وسقطنا في فخ سايكس بيكو، وأصبحنا نتحدث كثيراً عن الاستقلالات الناجزة تحت يافطة«خذ وطالب» من هنا حاول الاتجاه القومي الذي تمثل في عدد من الآحذاب القومية في الوطن العربي أن يستنهض الأمة لاختراق خطوط سايكس بيكو، ولجعل المقاومة أكثر شمولاً من القطرية، غير أ نكبة فلسطين وهي نكبة عربية بامتيازاً أسهمت في احدات سلسلة من التغيرات الاجتماعية والاقتصادية والثقافية التي أرهقت بالفعل بمقاومة عربية شاملة، لكن النزعات القطرية كانت لها الغلبة، فأصبحنا ضحايا جامعة الدول العربية التي أنشئت باقتراح بريطاني، لتطويق احتمالات الوحدة.. ومن هنا لم يعد هناك مقاومة على المستوى القومي الشامل، بل أصبح هناك تأكيد على خطوط سايكس بيكو، تحت شعارات قومية أحياناً، قطرية في غالب الأحيان، هذا يعني أن علينا أن نراجع منهج المقاومة بدءاً من فلسطين وصولاً إلى سورية الراهنة التي تتعرض لأشرس هجمة عنصرية متوحشة من الغرب وأدواته في المنطقة التي لم تعد تشكل غطاء للهجمة فقط ولكنها تشارك بالهجوم على آخر خنادق المقاومة «أعني سورية»....
ضرورة إعادة صياغة الجغرافيا السياسية العربية
ويتابع الشاعر ابو خالد القول: تعلمنا الشعوب في نضالاتها المتعددة طوال اكثر من 500 عام, في مواجهة هذا الغرب المتوحش أن ماحدث لديها تقريبا هو ماحدث لنا, فبعد ان كانت امريكا اللاتينية تناضل تحت راية واحدة والهند الصينية تناضل تحت راية واحدة، اصبحنا نراها تناضل تحت رايات متعددة, فاذا كان الارهاب معولماً ومخترقاً لخطوط سايكس بيكو, فالاجدى على القوة الثورية ان تخترق هذه الخطوط وان تعيد صياغة الجغرافيا السياسية العربية حسب طموحاتها وحسب مايجب ان يحدث في مقابل التشتيت والتفتيت تحت وطأة الهيمنة من اجل تحقيق تجزئة التجزئة لهذا الوطن, وهي محاولات لتجزئة المواطن الواحد والبيت الواحد والمدينة الواحدة والعشيرة الواحدة والجغرافيا الواحدة..
والسؤال الكبير الذي يطرح, ماالعمل لكي نصنع المقاومة على منهج صحيح وبأدوات سليمة، تخرج هذه الامة من محيطها الى خليجها من هذا المأزق التاريخي الذي يقذف بها الى مجهول خطير؟.
في منهج المقاومة علينا ان نغلق كافة النوافذ التي فتحت تحت شعارات الانفتاح، والتي يستفيد منها عدونا الآن, واستفاد منها في الماضي.. وعلينا كجهة مقاومة ان نحصن المواطن في مواجهة الغزو الثقافي والاعلامي الذي يحيط بموقع الحرب التي نخوضها, وعلينا ان نخاطب الناس ليس عبر الميكرفون فقط وعبر الصورة او الصحيفة, بل على الاعلاميين والمثقفين ان ينتشروا بين الناس وان يكونوا جزءاً منهم, وان يتلمسوا تطلعاتهم, وان يؤكدوا على ماهو صواب في حركة الناس ومنطقهم ويناقشوا ماهو خاطىء..
علينا ان نوسع جبهة الاصدقاء على المستوى المحلي والاقليمي والدولي والعالمي ونضيق جبهة الاعداء بنفس الروح, وعلينا ان نجزىء عدونا الى عدو رقم واحد, وعدو رقم الف, وان نجعل عدونا رقم الف يتراجع الى عدو رقم 999, بهذا المنهج الذي يحتاج الى عمل شاق ومضن ويومي, وان نحيد ماامكن جزءاً من هؤلاء الاعداء, والعدو ليس كتلة صماء, العدو يمكن تجزئته ايضا بالقتال كما بالحوار، ويمكن ان اكسب في كل يوم الى سقف المقاومة اصدقاء جدد, بهذا المنهج استطيع ان اعيد عملية البناء المجتمعي, وفي نفس الوقت ان اهدم واخترق الجبهة المعادية..
إن مايتعرض له الوطن العربي خطير, ويجب ان يستنفر كل الطاقات الخيرة في المواطن العربي من الحد الادنى الى الحد الاعلى..
هذا هو الدرس المستفاد من درس المقاومة ونذكر بعض مذكرات القائد الفيتنامي العظيم (هوتشي منه) حيث افرد سطورا عديدة تتحدث عن نضالات الشعب السوري في مواجهة الاستعمار الفرنسي، محرضاً شعبه على الاقتداء بالشعبين السوري والتونسي في مقاومتهما للاستعمار الفرنسي..