تؤدي خدمات للمواطنين في بلاد تسعى للنهضة..
يا صناع العقول حملة الشهادات هذه يقدمون خدمات مهمة للمجتمع والوطن. لكنهم لا يمتلكون القدرة على التغيير لأنه لا علاقة لهم بالفكر أصلاً.
أما المدرسة القادرة على تكوين مغيِّري العالم هي مدرسة الفكر والعلوم الإنسانية، التي هجرها الكثير من الناس. لذلك أصبحنا عاجزين أن نفهم الحراك الاقتصادي، والحراك الاجتماعي، لأننا لم ندرس علوم الاجتماع، والتربية وعلوم السياسة.
أهملنا علوم الاتصال والتواصل، والأهم أنه غاب من حياتنا علم العمران البشري، ما جعل البعض يسابقنا ليتزعم الحياة السياسية ويُصنِّع داعش التي حشو عقل أفرادها بالقتل والعفن. لأن الآخرين لم يستطيعوا قيادة فكر الشعوب نحو الأفضل.
أما المشايخ فوحدهم حكاية خاصة.. فاعتنى بعضهم بنواقض الوضوء، وآخرون جيروا أنفسهم لأجل حكام ظلمة يطلبون منهم فتاوى تخدم مصالحهم وخططهم الجهنمية.. كمفتي الوهابية.ومنهم من غرق في وادي عبقر مع الجن وأغرق تابعيه.
كيف لأمة أن تتغير إذا لم يخالط مثقفوها الواقع، ويراقبونه عن بعد فقط فلا تمتد أيديهم إليه خشية حرق أصابعهم. تاركين الشعوب عرضة لرجال الأعمال، الذين يستثمرون أموالهم على حساب هذه الشعوب، حتى لم تعد تشعر أنها حية..
في خمسينات القرن الماضي كان المسؤول الماليزي يحلم أن تصبح ماليزيا مثل سورية عندما زارها.. أين نحن اليوم من ماليزيا. ما الذي أصبح يبهرنا بهم وهم المبهورون بنا قبلاً. التقدم ليس بكثرة الأطباء والمهندسين والنداء للمثقفين....
أيها المثقفون ..وأنتم أيها الإسلاميون.. اصنعوا عقولاً في أمة العرب.. تدرك كيفية التغيير..كي تغلق الأبواب بوجه الداعشيين وأمثالهم.. فمعظم هؤلاء من متعاطي الخمر والمخدرات غيروا أماكنهم وهيئاتهم فأضاعت اللحى ملامح وجوههم..
هؤلاء السفلة درسوا وتدربوا على سياسة التدمير فذهبوا إلى التغيير والحراك في العالم الإسلامي والعربي، أثروا العقول بما ادعوا أنه الفقه والإسلام حتى جروا الكثيرين لإرهاب أسموه ثورة، بينما هو إتلاف للعقول، وتخريب وهدم للأوطان.
أيها المثقفون لا تتركوا الساحة للمخربين، صَنِّعوا عقولاً واعية تتبنى القيم وتدرك أنها وحدها تحفظ كرامة الإنسان. وتكون قادرة على تغيير عوالمنا. حكِّموا صوت العقل، وأثروا التنمية بالحكمة المطلقة. بعيداً عن أبجديات التفتيت والصراع..
يا صنّاع العقول تصدَّوا بالفكر لمن سعوا لوأد العروبة والإسلام، بإسلام مزيف وكفر بالعروبة. اصنعوا عقولاً عبر المنظومة الأخلاقية، تكتب تاريخاً لا تخجل منه الأجيال. كونوا ببقايا الشهامة؛ الرديف الحقيقي لمن رووا بسخاء الأرض بدمائهم.
الجنون المقرح تحت عباءة الدين وذرائعه العجيبة الغريبة؛ يحاول حملته هدر ما تبقى من ماء الحياة. فكونوا أعتى قوة مليئة بالحياة. تنهي سنوات الجمر والنار. أزقة الفرح المختبئة في حنايا الوطن، تشتاق الطيور المقصوصة الريش فأطلقوها.
يا صناع العقول كونوا الطاقة الخلاقة التي تعيد للأرواح والأنفس توازنها. أنقذوا العقل العربي قبل أن ينضب بفعل الشر المتناثر. احسبوا لقادمات السنين. لا تتركوا النار في معاطف التخلف المجتمعي. أطلقوها لتحرقها.. كسّروا قيود الغل والحسد.
اصنعوا عقولاً تسعى لاعتلاء منصات التتويج، وتجيد لغة الينابيع المتدفقة قيماً وسلوكيات، تسامق حرارة جراح الأحبة. بعيداً عن محيطات أرادوا أن تمخر فيها خطب الكراهية. واستمرار الاتجار بسفن الخيبات.. وبشاعة تصنيع (الثورات) .
انبذوا كسل الكتابة..وازرعوا النسيان لعمر رهن العقل لإقامة جبرية في عتمة سكون الفكر. افتحوا البوابات الصاخبة، وانفخوا في الجمر الخابي تحت الرماد، كي يتوهج العناق التوفيقي، لتضاء العقول وتهدأ النفوس. وندفن الكره تحت ركام المدن.
يا صناع العقول، اجعلوا أسلحتكم من ورد وشموع ، انبذوا الكساح الوطني، وصولاً لمهابة توازي بطولات الصمود والظفر. اغرسوا في عقول التغيير قدرة على نبذ رزايا الدنيا، والتصدي لمسالك تفريخ الأكاذيب التي توصل القلوب للخيبة والانكسار
ليكن الوعي الذي يحفره المثقفون في العقول، يغذي حيوية اعتناق حب الوطن، وعدم الوقوع في بئر المهانة. ويعصم من الانزلاق في المزاجية. يعزز الصبر على الزمان المتحرك الذي يعاقر الفقد والموت. ويجعل التحدي عاملاً للتميز والتمايز.
يا صناع العقول.. لا نريد مثقفين بيادق على رقعة شطرنج، ولا نريدهم ديكوراً لا قيمة له.. الوطن يحتاج عقولاً نيّرة لديها مع الثقافة صفاء وجدان يحمل قيماً إنسانية عالية، ينجي من الزلل إلى مساحات الخيانة.. نريد القادرين على قول الحقيقة.