اليوم وبالتزامن مع إجراء الاستفتاء على انفصال «كردستان» العراق، وانتظار ما ستؤول إليه النتيجة، تظاهرت الولايات المتحدة برفضها لهذا المشروع، كي توهم العالم بأنها الحريصة على مصالح العراقيين، بعد أن تركت البلد الشقيق نموذجاً لعدم الاستقرار، وزرعت انطباعاً بأن العراقيين كانوا وما يزالون السبب وراء ما يحدث لهم الآن.
فالإعلان الأميركي الرافض للاستفتاء، لم يكن سوى ذرّ للرماد في العيون، ظناً من تلك الإدارة أن اللغة الدبلوماسية المطاطة التي تتعامل فيها لجهة القضايا في المنطقة، سوف تنطلي على الشعب العراقي الذي ما انفك يعاني من آثار الغزو البربري الأميري والذي بدأ بحقبة تسلط بول بريمر عام 2003.
والرفض الأميركي الرسمي سواء على لسان البيت الأبيض أم موفد البنتاغون أم ريكس تيلرسون، يشير ظاهرياً إلى إدارة واشنطن مع وحدة العراق، لكن ثمة نيات خفية تقبع تحت الطاولة، وأن وراء الأكمة ما وراءها، أهمها العودة إلى اقتراح الكونغرس ومشروع بايدن، والذي يتقاطع مع حديث الفعاليات الكردية المختلفة التي تتحدث بكل ثقة عن استكمال المشروع، والتوصل إلى ما يسمى فيدرالية الدولة المزعومة، وهذا ما كان ليتجرأ عليه هؤلاء، ولا المسؤولون عنهم، لولا الضوء الأخضر الذي يلمع بقوة من أميركا.
فضلاً عن ذلك وجود الكثير من الشخصيات الأميركية في إربيل، وأحد هؤلاء مدير حملة الرئيس دونالد ترامب الانتخابية بول مانافورد الداعم الأكبر لفكرة الاستفتاء، و»استقلال» كردستان، بالإضافة للسفير الأميركي السابق في العراق وأهم أعمدة المحافظين الجدد زلماي خليل زاد الذي التقى الكثير من الشخصيات الكردستانية من معسكري إربيل والسليمانية، بالإضافة لبرنار كوشنير وزير خارجية النظام الفرنسي الأسبق.
هذه الدلائل والمؤشرات تؤكد أن أميركا، تخبئ في صدرها ما يتناقض مع ما تصرح عنه وتعلن، لأن المصلحة العليا في واشنطن تقتضي ليس تقسيم العراق وحسب، بل تقسيم العالمين العربي والإسلامي، لغايات كثيرة معروفة ولا مجال للحديث عنها.
huss.202@hotmail.com