وكلما شعرت شعوب المنطقة بتعافيها من نتائج الإرهاب المدمرة وخطت بقوة نحو الحفاظ على وحدة أراضيها اتجهت قرون استشعار أميركا إلى اختراع أزمات جديدة تنسف هذا الأمر وتمهد لرسم خرائط تقسيمية هدامة شبيهة بل ومستنسخة من مخططات واشنطن بالفوضى الهدامة التي أطلقت عليها يوماً بناءة وخلاقة.
مثل هذا الكلام لم يعد رجماً بالغيب أو تحليلاً سياسياً بقدر ما هو حقيقة تؤكدها الوقائع اليومية في ميادين السياسة والحرب والدبلوماسية، وما أن ظهر للعالم أن فزاعة داعش المتطرف التي اخترعتها أميركا آيلة للسقوط والانهيار وأنها تشهد موتها السريري حتى خرجت مشكلة استفتاء إقليم كردستان العراق وكأنها حلقة أميركية جديدة في سلسلة الفوضى الهدامة تلك.
وما أن نشرت مجموعتان دوليتان للمراقبة تقريراً موثقاً يؤكد استمرار البنتاغون بنقل عدد كبير من الأسلحة إلى الإرهابيين في سورية وشحنها في السابق أسلحة بقيمة تتجاوز الملياري دولار حتى ذهبت الإدارة الأميركية أبعد من هذه الخطوة في تسليح مجموعاتها وأدواتها من قسد وغيرها والتبجح بدعمها بذرائع محاربة الإرهاب المزعوم.
لكن المثير للاشمئزاز والسخرية في آن معاً أن أميركا مازالت تكذب بكل وقاحة فتقول إنها أوقفت برنامج تسليح الإرهابيين في الوقت الذي تزيد فيه جرعة دعمها لهم، وتعلن على الملأ رفضها لاستفتاء كردستان العراق لكنها أيدت وحمت وباركت الخطوة من تحت الطاولة، وتصرح أنها مع حل أزمات المنطقة بالطرق السلمية في الوقت الذي تعصف فيه خططها التقسيمية خرائطها واستفتاء الإقليم العراقي خير شاهد.
ترفض شعوب المنطقة وحكوماتها تقسيمها على أسس طائفية وعرقية وتجهد أميركا نفسها لتكريس هذه الظواهر المرضية، تعمل هذه الشعوب على تجاوز آثار الإرهاب المدمرة وتفعل واشنطن المستحيل لتوسيع رقعتها، تبحث الشعوب عن الأمن والسلام وتنشر أميركا الخراب والدمار.