تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر
طباعةحفظ


الأصدقاء المزعومون للشعب السوري.. أكذوبة جديدة تسقط

دراسات
الاثنين 8-12-2014
عبد الحليم سعود

لأن حبل الكذب قصير كما يقال.. لم تعمر طويلاً الأكذوبة التي تمَّ الترويج لها كثيراً خلال السنوات الماضية تحت عنوان (الصداقة للشعب السوري) من قبل الغرب وأدواته في المنطقة،

فسرعان ما سقطت هذه الأكذوبة ـ شأنها شأن الكثير من الأكاذيب والأضاليل والفبركات التي قامت عليها (الثورة) المزعومة في سورية ـ بعدما ضاق الأصدقاء المزعومون للشعب السوري ذرعاً بأعباء مساعدته وتخفيف معاناة نازحيه ومهجريه ولو من البعد الإنساني.‏

ففي تطور يكشف عمق الأزمة الأخلاقية التي يعاني منها الغرب وأدواته وخاصة أولئك الذين تنكروا على مدى ثلاث سنوات بزي الصداقة للشعب السوري، بدأت الأمم المتحدة قبل أيام بخفض قيمة مساعداتها الغذائية للاجئين السوريين بسبب نقص في التمويل، حيث أعلن عن تقليص قيمة المساعدات بنسبة تتراوح بين 30% و40% في كل من لبنان وتركيا والأردن والعراق ومصر، كما شمل هذا التقليص النازحين داخل سورية، ويقدر برنامج الأغذية العالمي النقص في التمويل بنحو 350 مليون دولار في ثلاثة أشهر.‏

وللمفارقة فقط تجاوزت تكاليف التحالف المزعوم لمحاربة داعش عتبة الـ 15 مليار دولار حتى اليوم ولم يستطع هذا التحالف باعتراف واشنطن إضعاف داعش أو تقليص نفوذه أو هزيمته في مدينة صغيرة كعين العرب السورية، في حين تمَّ الإعلان عن برامج لتدريب وتأهيل جيل جديد من الإرهابيين من أجل إرسالهم لسورية تحت عنوان (معارضة معتدلة) من قبل السعودية وتركيا، بينما لم يبخل (أصدقاء) الشعب السوري على مدى أربع سنوات تقريباً في تقديم كل ما يحتاجه الإرهابيون من مال وسلاح وعتاد وذخيرة ومرتزقة وقتلة من أجل إسقاط الدولة السورية وقتل وتهجير شعبها خدمة لأجندات استعمارية صهيونية حاقدة لم تعد خافية على أحد..؟!‏

وهنا تبدو المقارنة غير عادلة وغير منطقية بين المبالغ الشحيحة التي تدفع من أجل المساعدة الإنسانية للنازحين السوريين والمبالغ الهائلة التي تقدم من أجل قتل بقية السوريين، بحيث يصبح عقد الدول المانحة مهدداً بالانفراط فلا يجد مكاناً ليجتمع فيه أو يستضيفه ـ والكويت نموذجاً ـ بينما يتزايد عديد المنضمين إلى واشنطن على نية الحرب المزعومة على الإرهاب ليصحو العالم مجدداً على واقع مزيف لا يقل ضراوة عن الإرهاب الذي تعاني منه سورية وبقية بلدان منطقة الشرق الأوسط.‏

ما من شك أن ملف المساعدات الغذائية والإنسانية للنازحين والمهجرين السوريين يشوبه الكثير من الفساد والمزايدة والمتاجرة الرخيصة على المستوى الإقليمي والدولي، وهو بحاجة إلى إعادة تقييم ومراجعة وإصلاح ولا يجوز أن يبقى على حاله، فالإحصائيات التي تقدمها دول الجوار وخاصة الأردن وتركيا ولبنان حول أعداد اللاجئين لديها هي إحصائيات مبالغ فيها كثيراً وتعكس نيات مبيتة من قبل حكومات هذه الدول لاستغلال معاناة النازحين السوريين لديها وتوظيفها في مسائل تهمها واستخدامها كورقة رابحة في بورصة الحصول على أكبر كم ممكن من هذه المساعدات، في حين أن العبء الأكبر يقع على الدولة السورية التي تستضيف القسم الأعظم من النازحين وتتكفل بهم وتقدم لهم مختلف أنواع المساعدات الغذائية والإنسانية والخدمات الصحية والتعليمية برغم الحرب والحصار والعقوبات الاقتصادية المفروضة من قبل دول شتى يتشارك بعضها في الحرب الإرهابية على سورية، والطامة الكبرى هو أن العديد من هذه الدول يتحالف في إطار الحرب على إرهاب داعش.‏

من المفارقات الكبرى أن معظم الدول التي ادعت الصداقة للشعب السوري في مرحلة من المراحل غابت عن المشهد اليوم، ولم يبقَ في هذه اللعبة القذرة سوى بعض الدول الغربية إلى جانب عدد من الدول العربية انخرطت إما عن حقد أو جهل في هذه اللعبة، ولو أن جهود ومساعي هذه الدول انصبت على إيجاد حل سياسي للأزمة في سورية بدل دعم التطرف والإرهاب لما حدثت هذه المأساة الإنسانية الكبرى، ولعل أكثر ما يثير الاشمئزاز حيال ذلك هو أن أكثر الدول تورطاً ومشاركة في سفك دماء الأبرياء في سورية هي نفسها الأكثر تخلياً عن مسؤولياتها تجاه ما ترتكبه وتمارسه عصاباتها الإرهابية في سورية وهي الأكثر (تباكياً) في إعلامها على ما تصفه بمعاناة الشعب السوري والنازحين السوريين، ولا أدل ذلك مما تقدمه قنوات التلفزة الخليجية التابعة للنظامين القطري والسعودي من برامج تضليلية وتقارير مزيفة لم تعد صالحة للاستخدام في برامج التسلية والترفيه..؟!‏

من الواضح أن الغرب وعملاءه باتوا يتاجرون بآلام وعذابات ومعاناة السوريين ولا يعنيهم منها إلا ما يخدم مصالحهم وأهدافهم، ما يحتم على السوريين جميعاً معالجة أوضاعهم بأنفسهم والتعاون مع دولتهم ومؤسساتها لإنقاذ ما يمكن إنقاذه بدل الارتماء في أحضان الأعداء وانتظار الحلول من الخارج وهي لن تأتي أبداً.‏

إضافة تعليق
الأسم :
البريد الإلكتروني :
نص التعليق:
 

 

E - mail: admin@thawra.sy

| الثورة | | الموقف الرياضي | | الجماهير | | الوحدة | | العروبة | | الفداء | | الصفحة الرئيسية | | الفرات |

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية