فهي أعلنت استمرار العمل على هذه القضية المهمة وبالتشارك مع مختلف المؤسسات، وعلى جوهر القضية وهو التمكين، فالعمل على تحسين واقع الأشخاص ذوي الإعاقة ضمن مجتمعاتهم هو تمكين الأشخاص ذوي الإعاقة وفسح المجال أمامهم للمشاركة في الحياة الاجتماعية والثقافية والاقتصادية والسياسية، وكل ذلك من منطلق الحق، ولأنه أحد أهم روافع التنمية المستدامة بالمجتمع.
عمل وتحد
وجاءت أعمال الورشة لتعكس ليس الاهتمام بهذه القضية وإنما طريقة ومنهج العمل عليها، فقد كان للأشخاص ذوي الإعاقة الحضور القوي والمشاركة الفعّالة سواء الطلبة منهم أم الخريجين والعاملين، أم القادمين من جمعيات ومعاهد خاصة بهم، فقد قدمت كلمة افتتاح الورشة المكفوفة فاطمة موسى وتحدثت عن واقع العمل مع الأشخاص ذوي الإعاقة في بلدنا واعتبرت أن قانون تشغيل المعوقين نقلة حضارية نحو تحقيق العدالة الاجتماعية وطالبت بالمزيد من الاهتمام لتصبح هي وزملاؤها جزءاً منتجاً في المجتمع، كما كرّمت الورشة مجموعة من المتفوقين في دراستهم وعملهم ومن بينهم خولة حنا والتي بقيت مهمشة خمس سنوات بعد إعاقتها بسبب حادث وكانت بعمر الثالثة عشر، بعد ذلك ونتيجة اهتمام الأهل والأصدقاء والقوانين المساعدة تمكّنت من الدراسة والتّخرج والعمل.
وعن التكريم وتوقيته تقول رلا المحمد المدربة في معهد المكفوفين ورئيسة اللجنة الطلابية للمكفوفين في الجامعة: يأخذ التكريم أهمية خاصة في هذه الظروف الصعبة التي تمر بها بلدنا، لأن التحدي ازداد أمام الحكومة وأمام الجميع مع زيادة أعداد المعوقين بسبب القذائف والأعمال الإرهابية، وعلينا جميعاً الصبر إن ضعف الاهتمام، لأن بلدنا كما قلت تمر بظروف صعبة وخاصة، ورغم ذلك جميع الطلبات التي أقدمها للزملاء مستجابة، وأضيف: علينا نحن ذوو الاحتياجات الخاصة رفع أصواتنا وأن نعي حقنا، لأن المسؤولين حتى لو كانوا على وعي بقضيتنا لن يعرفوا كل احتياجاتنا إذا لم نطالب بها.
خطة وطنية
تقول التجربة إن اهتمام الحكومة شجع الأهالي على عدم تهميش أبنائهم المعوقين، وسواء كان العمل بطيئاً هنا أم متعثراً هناك إلا أن تقدماً ملحوظاً يمكننا ملاحظته، تقول السيدة هديل الأسمر رئيسة الهيئة: (سورية التي انضمت لهذه الاتفاقية بدون تحفظات أحرزت تقدماً مقبولاً في هذا المجال من حيث سن القوانين وتشكيل مجلس الإعاقة وتخصيص عدد من المعاهد لرعاية وتأهيل الأشخاص ذوي الإعاقة وكذلك الأمر تشجيع المجتمع الأهلي للعمل بهذا المجال... ولكن كباقي الدول يبقى ما تم تقديمه متواضعاً خصوصاً بعد أن عاشت سورية حتى اليوم ما يقارب الأربع سنوات بحرب أثقلت على كاهل الأسرة السورية من حيث أعداد الشهداء والجرحى الذين أصبح معظمهم بعداد المعوقين... إذ يعاني هذا المجال من غياب خطة وطنية مبنية على أساس دراسة علمية ومنهجية تقوم على أساس البيانات الإحصائية الدقيقة التي تحدد واقع الإعاقة في سورية من حيث النوع والجنس والمنطقة الجغرافية والخدمات المقدمة وما إلى ذلك من معلومات تضبط جودة الخدمات وتمنع الهدر والتكرار... خطة تراعي الكشف والتشخيص المبكر مقرونين بالتربية الدامجة والتأهيل المبكر، مع الأخذ بعين الاعتبار إعداد الشخص ذي الإعاقة ليعيش حياة مستقلة، وإحداث المزيد من المراكز المهنية التي تقدم التدريب المتنوع للأشخاص ذوي الإعاقة وكذلك للعاملين معهم ودعم هذه البرامج بميزانيات كافية مع الحرص على تحديد معايير الجودة للممارسات المهنية... ورفع الوعي إزاء القضايا التي تهم الأشخاص ذوي الإعاقة وتقوية الشراكة والتعاون بين الفاعلين في هذا المجال وإدماج هذه الشريحة من المواطنين في الاستراتيجيات التنموية).
أدوار
بالإضافة إلى تأكيد جميع الجهات المنظمة والمشاركة على أهمية التعاون بين الأهل والأصدقاء والحكومة والجمعيات في هذه القضية، فإن أعمال الورشة قالت ذلك أيضاً حيث أشار الدكتور طاهر سلوم عميد كلية التربية إلى أن الجامعة تخرج كوادر بشرية للعمل مع هذه الشريحة، كمان أن أوراق العمل المقدمة من معاهد المعوقين وباقي المؤسسات العاملة معهم وهيئة الأسرة أكدت ذلك.
إنها قضيتنا جميعاً لأننا جميعاً معرضون للإعاقة بسبب حادث أو مرض أوقذيفة، لكن العمل الأهم يقع على الحكومة لتشجع الجميع وتضبط العمل وتتابعه وتسأل المتراخي والمقصر.
نجاح
وأختم بما قالته السيدة هديل عن هذه التجربة: لن أنسى ما حييت السيدة ندى التي زرتها في منزلها بإحدى العواصم الأوربية حيث استقبلتني بكرسيها المتحرك على العشاء الذي طهته بنفسها وهي سيدة سورية الأصل فقدت الحركة بحادث على أحد الشواطئ في مدينة اللاذقية، وهي اليوم زوجة سعيدة وأم لشابين بالجامعة ومديرة لإحدى أهم مكتبات الأمم المتحدة، وأنا أجزم أنه لولا ذلك المجتمع الإيجابي المتقبل للآخر والمتحسس لاختلاف الاحتياجات لما حققت ندى هذا النجاح والاستقرار بحياتها... فلنتعلم من دروس الآخرين.