العديد من الحرفيين لعرض منتجاتهم وتسويقها بعضهم يسعفه الحظ ويلقى الرواج وبعضهم يبقى طيلة فترة العرض بلا سؤال .. ولكن أياً كانت النتيجة فهي خطوة ذات صفة محلية ، وربما دولية تسجل في سير الحضارة وعمل اقتصادي استثماري سياحي بالغ الأثر وعلينا الالتفات اليه ..طالما أنّ الفن والصناعة اليدوية الحرفية هما رديفان لاحتياجات السوق المحلية .. وتهدف إلى رفع مستوى الذوق العام..وتقوية مستويات الابداع ..
المهندس منذر رمضان « عضو المكتب التنفيذي في اتحاد الحرفيين» أوضح أن المعرض لهذا العام أقيم بمشاركة ستين حرفيا وحرفية بمهن مختلفة تحت عنوان:( سورية التاريخ والحضارة ) لمعروضات تميزت بالغنى التاريخي..
ولفت الى أن هذا المعرض يقام للحفاظ على الإرث والهوية إضافة إلى كونه بوابة للترويج لهذه الحرف لضمان استمرارها بأيدي حرفيين مبدعين أتقنوا هذه الحرف وهم بالأصل متعلقون بجذورهم وتراثهم .
كما اضاف بأن سورية من أقدم المدن المأهولة على وجه الأرض وهذا ما اكده جميع الباحثين والمختصين , ومنها انطلقت رحلة الزمن والتاريخ ومنها نشأت الحضارة وبالتالي هي انطلاقة الإنسان نحو الابتكار والإبداع بشكل عفوي وتلقائي ..
اما بالنسبة للحرير فقد بدأ بالعودة للحياة برعاية من جميع المعنيين
وأضاف ان هناك تصميماً بدعمه ومتابعته لنستعيد أمجاد طريق الحرير كما كانت التسمية لمدينتنا قديماً ..
كما كان أيضا للعطور حضور مميز من خلال صابون الغار الذي تم تصنيعه مباشرة أمام الزائرين فكانت رائحة الغار تعبق في كل مكان ..
وفي كل ركن وزاوية قصة تروي تاريخ وحضارة فكان هناك « أطباق القش المشغولة بأنامل الأحفاد ولوحات الحرير وألبسته المحاكة بأدق التفاصيل التراثية , المقطرات من ماء الورد والزهر ومونة الأجداد، كما كانت تسميتها كما كان هناك حضور راق للمطرزات من القماش والأعمال اليدوية من حلي قديمة تم تطويرها لتتناسب مع العصر ومشغولات من الخيزران والشموع والكروشيه والصوف والجلديات والورود الطبيعية وورود اصطناعية من الخرز رائعة الجمال، وعدد كبير من الأعمال الفنية والنحتية وما كان يستخدمه الأجداد ..»
وأضاف رمضان بأن المعرض لم يقتصر على التراث المادي فقط بل رافقه فرقة البحارة بزيها الذي يحاكي التراث وقدمت أجمل اللوحات الفنية الراقصة واستمر المعرض لأكثر من اسبوع واختتم بالطرب التراثي الأصيل على أنغام العود وصوت الفنان هادي غزال وكان لجميع المشاركين شهادة تقدير مقدمة من منظمة اتحاد الحرفيين بطرطوس عربون وفاء لعطائهم وتقديرا لحفاظهم وتمسكهم بأدق التفاصيل من موروث الأجداد مما يثبت بأن سورية كانت وما زالت وستبقى بلاد الشمس وهي منارة الحاضر والماضي والمستقبل .
مع المشاركين في المعرض ..
الحرفي النحال حسين بدر يوسف تحدث عن عمله حيث قال : نشارك في كل عام تقريبا و لدينا مناحل كثيرة نقوم بنقلها عبر مناطق عدة حسب موسم الأزهار ونحن عبارة عن مجموعة مكونة من /7/ أشخاص نملك نحو /1000/ خلية نحل ..نعتمد في غذاء النحل فقط على الرحيق .. ولا نقوم بإضافة أي أغذية سكرية في العسل وهو مكفول ..اما الاقبال في المعرض فكان وسطياً لان الطلب على العسل في فصل الصيف هو اقل منه في الشتاء..
الحرفي بسام صيداوي شيخ الكار «جلديات « تحدث عن مشاركته /26/ في المعرض فقال : نحن أتينا من دمشق ومن محبتنا بطرطوس وأهلها نشارك في كل عام وسنبقى أما بالنسبة لعملنا فهو عبارة عن جلديات شرقية من حقائب وجزادين وأحذية واكسسوارات وأحزمة ..وفي هذا العام قمنا بإدخال البروكار والأكسسوارات لإضافة الجمالية للأعمال المقدمة ..
وأوضحت الحرفية نهى حاج معلا عن مهنة الحرير الطبيعي أن العمل في هذه المهنة يحتاج إلى وقت ومجهود كامل ضمن مشروع متكامل حيث تقوم العائلة المتفردة بهذه المهنة في محافظة طرطوس بالمناوبة على العمل وأضافت بقولها: رغم وجود العمال إلا أنهم لا يستطيعون القيام بالأعمال بشكل دقيق فكل قطعة مثلا من الحرير تحتاج الى الوقت الكافي كي تظهر بالشكل المناسب ..ولفتت الى ضرورة احياء التراث بشكل عام واحياء هذه المهنة بشكل خاص لما تشكل من دعم للاقتصاد الوطني ان استثمرت بالشكل الصحيح ..
الحرفية هيام اسعد خريجة فنون نسوية ايضا تحدثت عن مشاركتها الاولى ولفتت الى ان العمل بالكريستال والخرز والسنارة يحتاج الى دقة وتحتاج القطعة مثلا الى يومين لتكتمل.. واضافت الى ان المشاركة بالمعرض كانت بمثابة خطوة جديدة للتعريف بالمنتجات والترويج لها..
الحرفية سحر اسماعيل عن عمر 54 عاما تحدثت عن مشاركتها بالمعرض بشغل الكروشيه ..حيث قالت :ان هذه المشاركة هي الاولى وتابعت بقولها : رغم انني اعمل منذ 5 سنوات لا اضيع وقتاً ابدا اقوم بالعمل يوميا .. سررت بالإقبال الذي تم وتعرفت على اشخاص جدد ..رغم ان المبيعات قليلة لكن المشاركة كانت مفيدة للجميع..
في الختام ..
يمكننا القول: إن بناء منظومات المعارض والتي تقام بشكل عام من خلال المشاركات والولوج للأسواق وبناء علاقات مع الجهات المنظمة لهذه
الفعاليات وكسب ثقتهم، والتحاور معهم هي ليست مسألة سهلة أو ارتجالية يمكن أن تُبنى بين ليلة وضحاها، أو تكون رهينة للصدف، وهو أمر غائب عن أذهان الكثيرين، بل هي جهود تبذل ومحاولات وتفكير ومتابعة مستمرة خاصة في ظل الزخم الذي ينتاب هذه المعارض والتسابق عليها من قبل الجميع، فالكل يرغب في نيل حصة أكبر أو مساحة أوسع انطلاقا من نقطة الصفر وإلى أن تقف على قدميها ولترتدي أجمل وأبهى حللها و تسرّ الناظرين..
لذا كان من الواجب أن نعزز الترويج بكافة أشكاله وان نعتبره قبل كل شيء استثمارا، فهو تكلفة مضمونة العوائد ولو بعد حين، خاصة المعارض والفعاليات المباشرة التي تعزز الانطباعات الإيجابية لدى السائح من خلال زيارة جناح أو الالتقاء بالعارضين والاستماع إلى شروحات وغيرها من مظاهر التواصل المباشر مع الجماهير.. ويبقى الأهم أن يتم الاعتماد عليها في امتصاص جزء كبير من نسبة البطالة وتوفير فرص عمل للشباب وهذا يشكل التحدي الأكبر..