الجريدة وأخذ بوجهه بين يديه ضاغطا بأنفه على أنف والدي وسأل جده : هل أنت موجود ؟ سؤال عميق وكبير؟ بالفعل لنسال أنفسنا هذا السؤال .أيتها الأم.. أيها الأب.. أيتها الجدة .. أيها الجد هل أنتم موجودون فعلا ؟ التواجد يعني الاقتراب من اولادنا وفهم هذه القلوب و الغوص بها و التعرف على معالمها و خصائصها وصفاتها وسماتها .. التواجد يعني فهم قلوبهم و التواصل و الترابط معهم و التواصل لا يكون بالحديث معهم فحسب بل و مشاركتهم بأشيائهم.وحتى ألعابهم ونزهاتهم ..لكي نلامس قلوبهم ونفهمهم حقا علينا أن نفعل أكثر من البقاء معهم في بيت واحد و لا يكفي أن نشاركهم بحفلة ميلادهم أو حضور أنشطة تخرجهم من المدرسة أو حضور المناسبات العائلية... علينا التخطيط أكثر لفهمهم و الغوص في مكنوناتهم... و نحن ندرسهم علينا قبل ذلك اكتساب المعارف و الطرق التي تخلق انطباعا عميقا ودائما في عقولهم وقلوبهم ..
وفي طريقنا لإيصال أولادنا إلى المدرسة .. ماذا تحدثنا معهم هل قرأنا لهم الكون بطريقة مبسطة .. هل عرفناهم عن هذا العالم وما يحويه من جبال و انهار وتضاريس و مدن وعواصم واقاليم ..نعم يمكن ذلك ونحن في طريقنا إلى المدرسة أو إلى اي مكان آخر..
لا بأس من ايصال معلومة سيأخذها في درس العلوم في ذلك اليوم بطريقة سهلة و ممتعة وانت تعلم ان طفلك سيأخذ اليوم درسا عن الشمس و حجمها وفوائدها.
ما المانع ان نختبره بقولك من الأكبر الشمس ام الأرض، هل تعلم كم تبعد الشمس عن الأرض و هكذا قبل وصولك للمدرسة تعطيه و تصحح أجوبته و هكذا في طريقك إلى المدرسة أو في الطريق لاي نشاط آخر كالذهاب للنادي أو لإيصاله بيت صديقه هي فرصتك لتفتح مسام طفلك وذهنه حتى يسمعك و يشعر بحبك عندها نأخذ وقتنا لسماع آمالهم و أحلامهم وطموحاتهم وما يفكرون و يتطلعون إليه..بهذه الطرق و غيرها نستطيع إيصال طفلنا إلى المهارات الثمانية المطلوبة لتنمية نجاحه بالحياة وهي تعزيز الثقة بالنفس و بالتالي القدرة على حل المشكلات مع قوة التحمل و المرونة و الإبداع و التفكير الإبداعي و التركيز على الهدف و المبادرة و ترتيب الأولويات و التنظيم الجيد للامور...
تقول إحدى الأمهات: لقد صنعت من طفلي رجلا قويا .. كيف ؟ علمته ان البكاء هو حجة الضعيف ،لم أصرخ في وجهه و لا مرة حتى يعتاد على التكلم بهدوء ،كنت أنفذ وعوداً له فتعلم بذلك أن الرجل الحقيقي يفي بوعوده، لم ألجأ للضرب لأنه من مدمرات الطفل و حتى لا يكون قاسي القلب ، كنت اعتذر منه ان أخطأت في حقه حتى يتعلم ثقافة الاعتذار ،تعلم مني ان المعنى الحقيقي للرجولة لا يكون بالعضلات و القوة الجسدية و إنما بالأخلاق و المبادىء و القيم النبيلة ووصلت مع طفلي وعائلتي إلى القواعد الخمس البسيطة للسعادة و هي تحرير القلب من الكراهية وتحرير العقل من الهموم و عش ببساطة و كن كريما في العطاء وقلل من توقعاتك من الآخرين..وعند السؤال عن مدمرات الموهبة لدى الطفل ،وجدنا أن الضرب على الوجه يقتل حوالي ٣٠٠ خلية عصبية في الدماغ و ان المسح على الرأس يخلق خلايا دماغية جديدة ،وعدم السخرية من أفكار الطفل و الاستهزاء بما يقدم من انجازات فتصبح الدافعية عنده متدنية ..
و ينبه علماء النفس و التربية ان التعليم بالتلقين و عدم مراعاة ميول و قدرات الطالب هو من مدمرات الموهبة و لابدّ من الانتباه إلى الألعاب الإلكترونية و ماتسببه من إيذاء للدماغ و استهلاك خلايا الدماغ ..و يلجأ البعض إلى قفل باب الحوار مع الاطفال منذ الصغر و تهميشهم و أمرهم بالسكوت بحكم العادات و التقاليد الخاطئة و بذلك يتم قتل الذكاء اللغوي و الاجتماعي لديه ..والآن فرصتنا في هذه العطلة الصيفية من تعويض معاناة أطفالنا و تمكينهم من عيش طفولتهم الطبيعية بعد ان اغرقناهم بالأنشطة التعليمية .و اخيرا :نقول لاتفوح رائحة الكعك الزكية الا حين تمسها حرارة الفرن كذلك أحلامنا و أطفالنا لن ينضجوا ما تمسهم قسوة التجارب .