فلماذا الدراما هي الوحيدة ذات الحظوة بين الفنون الأخرى? وهذا السؤال له مبرراته حتى قبل قرار الدعم. فالدراما كانت في الأساس مدعومة, وتخصص لها أكبر ميزانية في التلفزيون ,
3سواء لانتاج المسلسلات من قبل مديري الانتاج التلفزيوني , أو لشراء المسلسلات التي أنتجها القطاع الخاص.
الدراما تحظى منذ سنوات طويلة بالدعم الكبير, بينما نجد الإهمال يصيب الاشكال التلفزيونية الأخرى. فالأغنية مثلاً.. أليست أداة مهمة, ففي الوقت الذي نجد فيه أصواتاً غنائية أكاديمية تحقق نجاحات على الصعيد العربي والعالمي , وتحقق سمعة كبيرة لسورية , ربما أهم من الدراما نجدها مهملة في بلدها.. أذكر على سبيل المثال وعد بوحسون التي تقف على أكبر مسارح العالم وتغني في أهم المهرجانات مثل مهرجان المتخيل بباريس ومهرجانات أصيلة وقرطاج والمدينة وغيرها . وفي بلدها لم تقدم لها أي رعاية ولم تلق أي اهتمام اعلامي.. إلا بجهود فردية. وأيضاً لبانة قنطار المغنية العالمية التي يحضر حفلاتها في أوروبا الرؤساء والملوك. تبحث عن إقامة حفلة لها , فلا تجد من يرعاها ولم يشاهدها جمهور التلفزيون على شاشته ولو مرة واحدة. في الوقت الذي يرتع فيها صياع الغناء.
المسألة الثقافية.. ألا تحتاج إلى دعم ورعاية وهي حاجة وضرورة ملحة وليست ترفاً وتسلية كما مشاهدة المسلسلات. الكتاب عندنا في أزمة, الكتّاب (بتشديد التاء) يعانون الفاقة . النشاطات الثقافية ريعها للكاتب أو الأديب مخجل.
إن مجابهة الغزو الثقافي والسياسي الذي تتعرض له سورية, لايكون بالمسلسلات , وخاصة أن مسلسلاتنا في السنوات الأخيرة عانت من تدهور واضح في سويتها, ولم تعد تقدم أي مضمون فكري أو ثقافي. الغزو الثقافي والسياسي الذي نتعرض له يكون بهجوم ثقافي مضاد. يكون بتسليح المواطن وتثقيفه وتحصينه ضد تلك الهجمة. ولايكون ذلك بالتنظير, وإنما بالتأسيس لحركة ثقافية قوية وجادة , عمادها الكتاب والبرنامج الثقافي التلفزيوني الحقيقي , لا كما نشاهد. وكل هذه الأمور تحتاج إلى دعم مادي أكثر من المسلسلات التلفزيونية التي عرض منها المئات حتى الآن, ولم يبق منها في الذاكرة شيء وهذا دليل على أن تأثيرها في الناس كان سطحياً.