تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر
طباعةحفظ


أمسية حوارية...العلاقات السورية-الأميركية: حاضرها وآفاقها

دراسات
الأحد 7/8/2005
حسن حسن

ماذا تريد أميركا -بالضبط- من سورية? فمع مطلع كل يوم يخرج مسؤول أميركي جديد ليلوح بقائمة لا تنتهي من المطالب,

مغلفة بتهديدات مكتوبة-أو منطوقة- بلغة عنصرية شديدة الاستعلاء, وتصب في مجملها في مطلب رئيس وهو أن (تخرج سورية من جلدها) من عروبتها, بل من مصالحها الاستراتيجية المباشرة, أن تتحول سورية الى كيان سياسي مستنسخ لا علاقة له بسورية التي نعرف.‏‏

وقد عزا ذلك الدكتور كمال خلف الطويل في المحاضرة التي ألقاها في أعمال الأمسية الحوارية في المركز العربي للدراسات الاستراتيجية وهي بعنوان ( العلاقات السورية-الأميركية: حاضرها وآفاقها وتوقعاتها..) الى عودة اليمين الأميركي بما يمثله من جناح أقوى عدة وأشد تطرفا داخل الحزب الامبراطوري, والذي أضحى أكثر صقورية مع سقوط حائط برلين, وآمن أن الفرصة سانحة الآن أمام تسييد الهيمنة الأميركية على العالم والتي شرطها ودربها إزالة مواقع الممانعة المتفاوتة والباقية على خط ذاك المحور.‏‏

ومن مفاعيل نشوة النصر شبه السريع في العراق المتصاحب بانهيار الدولة, والمفجر لجيشان مكتوم من سخط متراكم لدى شرائح مجتمعية واسعة, قدرت الإدارة الأميركية أن تشابهاً لا بأس به يسمح بتناظر في قراءة الواقعين السوري والعراقي, وأن السقوط في بغداد يفتح الطريق على تهاو في دمشق, لكن هل يعني ذلك تكرار تجربة الحرب على العراق? تبدو الفكرة غير قابلة للتطبيق بيد أن الهدف الجوهري هو ذاته:‏‏

أي تغيير جوهري من داخل النظام أو للنظام السياسي في سورية بما يضمن انتقال هذا البلد العربي المهم الى حيز أو مظلة الهيمنة الأميركية فيسير حزام الهيمنة الممتد من الخليج حتى تركيا دون إعاقة أو انقطاع وتكون أميركا قد خطت الخطوة الثانية المهمة في إعادة هندسة السياسة في الشرق الأوسط لمصلحتها.‏‏

ويرى الدكتور كمال الطويل أن اللعبة الأميركية تتكون من العناصر الآتية:‏‏

أولا: الهدف الحقيقي ليس هو ماورد في قانون محاسبة سورية, وإنما الهيمنة على سورية من خلال تصعيد متدرج للضغوط عليها, ثانيا: السيناريو الرئيسي للضغوط يشمل طائفة من التدابير العسكرية تبدأ من محاصرة سورية من جانب اسرائيل وأميركا معا, ثالثا: إن سورية وجنوب لبنان سينظر إليهما كطرف واحد, رابعا: إن التدرج من مستوى ضغط الى مستوى أعلى محكوم بسقف زمني يصعب تقديره بالضبط, ولكنه قد لا يتجاوز كثيرا فترة عام واحد للوصول الى الهدف الأميركي الجوهري, وهو تمكن أميركا من إعادة هندسة الأوضاع السياسية في المنطقة وخاصة من خلال الهيمنة على سورية, ويضيف الدكتور الطويل قائلا: وفي هذا السياق تمت عملية استعادة غير كاملة للبنان من الضفة السورية ليتحول رويدا رويدا الى قاعدة لقوى هي الآن شريكة في رسم وتنفيذ خطط تبغي النأي بلبنان عن دوره العربي لتطبيق الحصار على سورية, والهدف من كل ذلك هو خلط الأوراق وبث البلبلة وتجريء الجمهور على النظام.‏‏

ويبحث الدكتور الطويل في العوامل الاقليمية التي تصب في قناة المسعى الأميركي ضد سورية وكذلك المعيقات ويرى أن العوامل التي تصب في المصلحة الأميركية تتمثل في:‏‏

1-تطويق حزب الله بخناق من قوى عوكرية في السر والعلن تبغي شل إرادته في التدخل نصرة لسورية وايران في حال تعرضهما- أحدهما أو كليهما- لهجمات أميركية أو اسرائيلية مستعيضة بالسياسة المرهبة عن التصادم المسلح.‏‏

2-توريط جيب كبير -وإن كان غير مهيمن بعد- داخل بنية السلطة الفلسطينية في أعمال عنف ضد المقاومة تشلها عن التفكير والتخطيط لليوم التالي بعد الانسحاب من غزة .‏‏

3 -استخدام بعض الجماعات العراقية كرأس رمح ضد المقاومة هناك وكساتر محلي لآلة الاحتلال يقيها من التآكل المتزايد.‏‏

4-رفع منسوب الضغوط على ايران بحجة مساعيها النووية وبما يجعل إنجادها لسورية -ساعة- الخطر أمرا مكلفا خصوصا إذا ما اقترن بغواية تنييم الملف النووي.‏‏

5- مشاركة أنظمة عربية معنية- بالفعل أم بالتفاعل- في عملية الحصار, أما العوامل المعيقة لمسعى واشنطن فهي: 1-إن حزب الله قابض على سلاحه حتى لو كلفه ذلك حربا لأنه يؤمن بقدرته على حسمها لمصلحته بسرعة, وهو أيضا جاهز لعون سورية عبر تهديد الشمال الإسرائيلي.‏‏

2-إن قدرة جيب السلطة المتواطىء على لجم المقاومة الفلسطينية محددة في أحسن أحوالها ومعدومة في أسوئها.‏‏

3-منحنى المقاومة العراقية البياني هو الى تصاعد لدرجة احتمال وصولها مع نهايات هذا العام الى ذرى غير مسبوقة.‏‏

زد الى ذلك العوامل الدولية, فإذا كانت فرنسا متساوقة مع الولايات المتحدة في مسعاها بظن أن الشراكة الجديدة تعيد لها نفوذا تلاشى في بلاد الشام فإن هناك تفاوتا ملحوظا نلمسه بين تمنع ايطالي-اسباني -بلجيكي, وبين انسياق بريطاني-هولندي وتراوح ألماني كالبندول, لجهة روسيا والصين فهما سيسهمان أكثر من السابق في عرقلة المقاصد الأميركية خصوصا وأنهما يبنيان علاقات استراتيجية شاملة مع ايران ويهتمان بصياغة علاقة وظيفية مع سورية صديقة في جغرافيا مهمة, والممانعة الروسية-الصينية هي الآن أيسر وأجدى عنها في السابقة العراقية, لأن ضعف القدرة الأميركية هو الآن محسوس ولم يعد فقط مستشفا كما كان الحال حينها, ودعا الدكتور الطويل في ختام محاضرته الى تعميق الوحدة الوطنية بما يكفل أن يتحول الشعب والنظام الى كتلة صلدة تعلي قيم الوطنية الجامعة فوق أي اعتبار..وكفيلة بتعطيل مفاعيل الغواية الهابة من الخارج طلبا لإبدال منظومة القيم الوطنية بأخرى تحت وطنية تلتحف به تبعية والتحاقا.‏‏

بعد ذلك قدمت جملة من المداخلات تركزت في مجملها على ايجابية الدور السوري في تعاطيه مع متطلبات المرحلة, والحديث عن الأسباب التي أدت الى الخروج السوري من لبنان, والدعوة الى تصحيح العلاقات السورية-اللبنانية بما فيه خير للشعبين, كذلك الحاجة الى الحذر والانتباه مما تحيكه الدوائر الأميركية بشأن سورية, لأن (تلك الملفات-الاتهامات) في مجملها ستار من دخان كثيف يخفي المخططات الأميركية -الاسرائىلية التي تستهدف كسر سورية وتطويعها ثم إلحاقها بقطار الهيمنة الذي لا يزال متعثرا محطم القضبان..في بغداد وفلسطين.‏‏

إن دعم ومساندة سورية بكافة الأشكال الممكنة, شعبيا ورسميا, يصبح فرض عين, لأنه ليس فحسب لسورية..في معركتها مع هذه المخططات الشريرة..بل حماية لأوطاننا ولأمنها القومي بل إن أردنا الدقة أكثر حماية لأنفسنا.‏‏

تعليقات الزوار

أيمن الدالاتي |  dalatione@hotmail.com | 07/08/2005 01:40

عندما تستهدف أمريكا سورية لعروبتها فإنها لاتستهدف النظام فقط بل الشعب أيضا, ومن هنا يصبح مطلب الوحدة الوطنية أولى مطالب الدفاع والحماية , ومن هنا أيضا فإن أي معارضة اليوم تخطو إعلاميا أو عمليا على هوى السيناريو الأمريكي فإنها ترتكب الخيانة بحق الشعب قبل النظام.

إضافة تعليق
الأسم :
البريد الإلكتروني :
نص التعليق:
 

 

E - mail: admin@thawra.sy

| الثورة | | الموقف الرياضي | | الجماهير | | الوحدة | | العروبة | | الفداء | | الصفحة الرئيسية | | الفرات |

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية