وحرمت بذلك الشعب الكوري من حريته واستقلاله الوطني, واستمر الاحتلال منذ عام 1905 وحتى عام .1945 وخلال فترة الاحتلال قتل الغزاة اليابانيون أكثر من مليون مواطن كوري, وساقوا عنوة أكثر من 8,4 ملايين من الشباب والرجال الى ساحات الموت في مواقع الحرب والسخرة, وفرضوا على أكثر من 200 ألف امرأة كورية العمل (كفتيات للمتعةَ) للمحاربين اليابانيين , وتحولوا عملياً الى رقيق أبيض لديهم. وكما هو حال جميع الغزاة فقد نهب المستعمرون موارد كوريا الطبيعية وكنوزها الثقافية, وحرموا الكوريين من استعمال لغتهم القومية نطقاً وكتابة, وارغموهم على استبدال اسمائهم واسماء عائلاتهم بأسماء يابانية, لدرجة أنه بدأت تظهر ملامح تلاشي كوريا كبلد مستقل وأمة لها هويتها وثقافتها وكيانها الخاص. وخاف الكوريون أن تختفي أمتهم من الأرض, ما جعل الشعب الكوري ينهض دفاعاً عن حقه في الحياة والوجود بقيادة كيم ايل سونغ(1912-1994) الذي استطاع تنظيم جيش كوري مسلح انضم إليه مئات الآلاف من الوطنيين الكوريين الذين بدؤوا الكفاح المسلح لطرد المحتلين من وطنهم الأم كوريا. في عام 1926 أسس كيم ايل سونغ (اتحاد إسقاط الامبريالية) والذي يتألف من جيل جديد من الثوريين الوطنيين الكوريين, وبهذا التأسيس أعلن عن بدء النضال التحرري الوطني للشعب الكوري وفي حزيران عام ,1930 أصدر كيم ايل سونغ مؤلفه المشهور في كوريا وفي كثير من دول العالم بعنوان (طرق التقدم للثورة الكورية) وفيه يوضح مبادىء فكرة زوتشيه التي تتمحور حول عصر الاستقلال للشعب الكوري , عن طريق النضال المسلح المناهض للامبريالية اليابانية, وإن تحقيق التحرر الوطني لا يمكن أن ينجح إلا بخوض النضال المسلح المعتمد على القوة الذاتية للشعب . وفي يوم 25 نيسان عام ,1932 أسس كيم ايل سونغ (الجيش الثوري الشعبي الكوري) وهذا الجيش يشكل اليوم دعامة لجمهورية كوريا الاشتراكية وحصناً للاستقلال والسيادة الوطنية. ومنذ تأسيس الجيش الثوري الكوري كانت مهمته الرئيسية خوض الحرب ضد الامبريالية اليابانية. وفي أيار عام 1936 تشكلت جمعية استعادة الوطن وهي منظمة جبهوية وطنية متحدة مناهضة للمحتلين اليابانيين. وانضم الى هذه الجبهة جميع الكوريين المحبين لوطنهم والعازمين على تحريره واستقلاله, بغض النظر عن أفكارهم وآرائهم السياسية وانتماءهم الطبقي ومعتقداتهم الدينية, فالجميع اتحدوا بهدف ارتقاء النضال الوطني التحرري الكوري, وأصبحت الجبهة كمنظمة منتشرة في جميع أنحاء البلاد الكورية. وكان النضال ضد اليابان المتحالفة آنذاك مع ألمانيا النازية, هو نضال مصيري يصب في النضال العام ضد الفاشية والنازية في العالم أجمع. وعلى امتداد 15 عاماً من النضال بقيادة كيم ايل سونغ تمكنت كوريا من الانتصار على اليابان العسكرتارية.
وحدد الجيش الثوري الكوري أشكال نضاله ومن أهم هذه الأشكال كانت حرب العصابات التي اثبتت جدواها في البلدان المستعمرة. فالمقاتلون وفق هذه الاستراتيجية استطاعوا الإمساك بزمام المبادرة في القتال وقهر العدو المتفوق عسكرياً وعددياً, وانتهج تكتيك القيام بعمليات كبيرة وصغيرة في نفس الوقت.واستطاع الجيش الثوري الشعبي الكوري توجيه ضربات عسكرية قوية وساحقة بالقوات اليابانية الغازية في كل معركة من المعارك. وانتشرت في تلك الأيام بين الكوريين واليابانيين على حد سواء شائعات اسطورية تقول :إن (الجيش الثوري الشعبي الكوري يظهر ويختفي كالأشباح) وإن زعيم هذا الجيش كيم ايل سونغ يمارس فن تقصير المسافات .. ولاقى هذا الجيش كل الدعم من الشعب الكوري مادياً ومعنوياً وهنا يكمن سر انتصاراته العظيمة. وفي اليوم التاسع من آب عام ,1945 أصدر كيم ايل سونغ أوامره ببدء العمليات الهجومية النهائية لاستعادة حرية واستقلال الوطن. ومع بدء هجوم الجيش الكوري انتفض الشعب الكوري معلناً انتفاضته المسلحة في جميع أنحاء البلاد واستطاعوا بفترة زمنية قياسية اقتحام معاقل اليابانيين المحتلين وتوجيه ضربات حاسمة ضدهم وفي 15 آب عام 1945 أي قبل 60 عاماً حققت كوريا انتصارها النهائي وطردت المستعمرين اليابانيين واستعادت حريتها واستقلالها الوطني. وما زال حتى اليوم الكفاح الشعبي الكوري ضد المحتلين مثالاً يحتذى لدى مجموع الشعب الكوري رغم جميع الصعوبات التي يعاني منها جراء الحصار الامبريالي لكوريا الديمقراطية. ولكن عزيمة الشعب الكوري وعشقه للحرية سيكفلان له استمرار خوض النضال ضد كل من يتربص بالأمة الكورية الطامحة لوحدتها القومية. إن نضال الشعب الكوري تاريخ مشرق لكوريا الجديدة وللنضال التحرري الوطني لجميع الشعوب المهددة حريتها من قبل المستعمرين من كل لون وشاكلة.