تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر
طباعةحفظ


جون أفريك...لماذا يتوجب علينا مغادرة العراق?

دراسات
الأحد 7/8/2005
ترجمة مها محمد

بقلم جان ميشيل أويريه

للمرة الأولى مسؤول أمريكي سابق رفيع المستوى يطالب بانسحاب سريع للقوات الأمريكية من العراق..‏‏‏

جون دوتش نائب وزير دفاع سابق ومدير لوكالة الاستخبارات سي.آي.إيه بين عامي 1994-,1996كان أحد أقطاب السياسة الأمريكية خلال ولاية كلينتون الأولى يعمل الآن مدرساً للكيمياء في إحدى الجامعات لكنه يتابع عن كثب الشؤون السياسية العالمية وهو معارض للرأي المسيطر على السياسيين الأمريكيين من جمهوريين وديمقراطيين ويعبر عن قلقه الكبير حيال المغامرة الأمريكية الخطيرة في العراق ويرى وجوب انسحاب سريع جداً للقوات الأمريكية من العراق ليس لأسباب أخلاقية أو إنسانية إنما من أجل المصلحة العليا لبلده في الشرق الأوسط وغيره وهي المرة الأولى التي يتخذ فيها مسؤول أمريكي من هذا المستوى موقفاً واضحاً ويؤكد أن الولايات المتحدة لم تحقق أياً من أهدافها الأساسية في العراق وأن أقل الحلول سوءاً هو الانسحاب بأسرع وقت ممكن يقول دوتش:‏‏‏

يجب أن تكون السياسة الأمريكية موجهة وفق مبدأين أساسيين:‏‏‏

الأول هو حماية أمننا والدفاع عن مصالحنا السياسية والثاني هو أن نقدم دعماً للشعوب لمساعدتها على الازدهار والوصول إلى سيادتها وعندما تبذل أمريكا قصارى جهدها لفرض حكومات موالية لها في أنحاء عديدة من العالم وإعلاء قيم الديمقراطية بإرسال وحدات عسكرية فهذا يعني أنها تسلك طريقاً محفوفاً بالمخاطر وهذا حقيقي في كل الحالات التي تدخلنا فيها كما هي الحال في العراق فمسؤولو إدارة بوش كانوا مقتنعين بأن قلب نظام صدام حسين -وقليل من الحظ- كاف ليحظى الشرق الأوسط بالديمقراطية لكن هذه الاستراتيجية الخاطئة التي تقوم على التدخل في شؤون الدول لتغيير مجتمعات ليست جمهورية ولا محافظة واعتبار أن وظيفة أمريكا هي دعم حقوق الإنسان أمر يدعو إلى السخرية بكل وضوح.لقد مر الخطاب الديمقراطي بالتدريج من مفهوم الحفاظ على السلام إلى إقامة السلام بالقوة لا بل بناء الأمة ,ونتذكر تماماً أن الهدف من تدخل إدارة كلينتون في البوسنة أواسط التسعينيات كان في البداية إيقاف التطهير العرقي الذي شنه الصرب ضد البوسنيين ثم تحول إلى حلم بإقامة مجتمع متعدد العرقيات يقوم على التعايش السلمي بين مسلمي البوسنة والكروات والصرب,والآن ما الذي يجب أن نفعله في العراق? إن انسحاباً على المدى المنظور يبدو غير ممكن بالنسبة لغالبية المسؤولين الأمريكيين سواء كانوا من الجمهوريين أو الديمقراطيين لأنهم يخشون أن خروجهم من العراق سيخلف الكثير من الفوضى في المنطقة ,حتى الذين استنكروا الاحتلال عام 2003 يرون أن إبقاء الولايات المتحدة قواتها في العراق ربما يحقق الأمن للشعب العراقي وقيام حكومة مستقرة خلال مدة معقولة وإن أرغمنا على البقاء في هذا البلد لعدة سنوات قادمة فسيكون العبء ثقيلاً والتكاليف باهظة وسنقدم عشرات القتلى والجرحى اسبوعياً كل ذلك من أجل أهداف لا تستحق شيئاً من هذا,يضاف إلى ذلك أن استمرار وجودنا في العراق لا يتوافق مع مصالحنا في العالم العربي وسيؤثر على قدراتنا في مواجهة التهديدات الأخرى مثل كوريا الشمالية أو الإرهاب العالمي لذا يجب على الذين يعتبرون أن بقاءنا في العراق ضروري بأن يفهموا أن الإخفاق الأمريكي في العراق ستكون عواقبه وخيمة وأنا لا أرى أننا في طريقنا لتحقيق أي من أهدافنا الأساسية ولم نستطع تحقيق الأمن حتى الآن بل على العكس الوضع الأمني يزداد تدهوراً إذ إنه ومنذ سقوط بغداد واتخاذ القرار بحل الجيش العراقي سادت حالة الفوضى ولا يمكن الآن للقوات الأمريكية أن تقمع أي حركة حتى وإن التزم حلفاؤنا الأوروبيون واليابانيون والأمم المتحدة بشكل جدي في العراق فلن يتغير شيء,بل أفضل قرار يمكن اتخاذه اليوم هو التركيز على خطة انسحاب سريع باتخاذ تدابير سياسية وعسكرية واقتصادية محددة.‏‏‏

على الصعيد السياسي يجب أن تعلن الولايات المتحدة رغبتها بسحب القوات والضغط على بغداد وجيرانها للإقرار بأن المصلحة المشتركة هي إحلال السلم في العراق وأن يكون الخامس عشر من كانون الأول القادم موعد الانتخابات الأولى في العراق بعد اعتماد الدستور هو الوقت الملائم لبدء الانسحاب, أما على الصعيد العسكري نستطيع وضع برنامج لتخفيض عدد القوات تدريجياً ومراقبة الحدود وتدريب قوات الأمن العراقية وجمع المعلومات.‏‏‏

وعلى الصعيد الاقتصادي يجب أن نحدد حجم المساعدة التي نريد تخصيصها للعراق والأفضل أن تكون هذه المساعدة مدرجة ضمن برنامج أوسع لمساعدات اقتصادية مخصصة للبلدان العربية المتجاوبة مع مصالحنا وقد لا تكفي هذه الإجراءات لضمان عودة الأمن والديمقراطية إلى العراق بمعزل عن أي دور خارجي.ولكن ستكون خطوة أولى في وضع استراتيجية لأمد طويل ومن ثم الحفاظ على المصالح الحقيقية لأمريكا في الشرق الأوسط ومنطقة الخليج.‏‏‏

إضافة تعليق
الأسم :
البريد الإلكتروني :
نص التعليق:
 

 

E - mail: admin@thawra.sy

| الثورة | | الموقف الرياضي | | الجماهير | | الوحدة | | العروبة | | الفداء | | الصفحة الرئيسية | | الفرات |

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية