على ملتقى رجال الأعمال الأول, الذي نظمته مجلة الاقتصاد في مركز المؤتمرات (رضا سعيد) في جامعة دمشق,توقع مشاركة فاعلة في توجيه مسارات الخطة واعتراضاً أو انتقاداً لمحاور فيها إلا أن المفاجأة التي عبر عنها الدردري نفسه, كانت في عدم اكتراث مجتمع رجال الأعمال (على الأقل ممثلي هذا المجتمع) في مدينة دمشق, بتفاصيل الخطة ورؤيتها الاستراتيجية لما يفترض أن تكون عليه سورية عام .2005
وذهب المحاورون بمداخلاتهم ونقاشاتهم بعيداً - حيث التركيز على القضايا الآنية والآليات والبرامج التنفيذية- القادرة على تجاوز الواقع الراهن ,خاصة ما يتعلق بالقانون والفساد والبيروقراطية,وترهل القطاع الحكومي,وفقدان الثقة بين المواطن والحكومة,أو بين القطاع الخاص والحكومة,حسب تعبير أحد رجال الأعمال ,عندما قال:
(نحن لا نثق بالحكومة الحالية,والقطاع الخاص ورجال الأعمال ليس لديهم ثقة بهكذا حكومة,فكيف يناقشون توجهاتها التي يعتبرونها سلفاً مجرد أحلام وتصورات وردية).
وإذا كان من رهان بالانتظار هو تشكيل حكومة جديدة لنرى ماذا يمكن فعله وقوله آنذاك.
عودة إلى الملتقى الأول المنعقد مع بداية شهر آب 2005 حيث قررت مجلة الاقتصاد تنظيم لقاء شهري بين رجال الأعمال والإعلام وشخصية حكومية أو اقتصادية أو خبرة معينة, بهدف التواصل وتقديم المقترحات والتحاور بما يعزز ويخدم توجهات القيادة السورية تحقيق برنامج الإصلاح والتحديث..
واللقاء الأولي كان مع السيد نائب رئيس مجلس الوزراء حيث عرض الخطوات التي سبقت وترافق مراحل اعداد الخطة الخمسية العاشرة في سورية ,وتصور السورية المعاصرة .2025
معتبراً أن هذه الخطة هي الأولى من حيث تركيزها على الجوانب الاستراتيجية والتنمية المستدامة التي يشكل المواطن محوراً فاعلاً وأساسياً فيها, ومن حيث مشاركة الجميع بتفاصيلها سواء القطاع الحكومي أو الخاص أو منظمات وهيئات المجتمع المدني والمؤسسات المختلفة والتي تجاوز عدد المشاركين في إعداداها 3000 شخص.
والأهم في تفرد هذه الخطة وتميزها هو العقلية التي يفكر بها المسؤول أو المشرع أو المنفذ,حيث الجميع تحت مسمى (الموظف العام) (والوظيفة العمومية) .
وما يترافق معها من أخلاقيات تلك المسميات,ودون وجود هذه الاخلاقيات سيبقى الكلام نفخاً في الأبواق , وقرعاً على الطبول..!
أما الجانب الآخر للتمييز في الخطة الجديدة هو قبول التحدي والرهان على وجود مؤسسات وإدارات قادرة على تحويل الحلم إلى واقع,وهنا تأتي أولوية الإصلاح المؤسساتي الجذري, نحو مؤسسات عامة شفافة مرنة قادرة على التعامل بكفاءة مع متطلبات المرحلة.
وتأسيساً على ذلك فإن الخطة العاشرة هي خطة تحول مجتمعي شامل, ومحرك رئيسي لتحول جذري في الاقتصاد السوري, من حالة اقتصاد بلا هوية إلى وضوح في الهوية والمعالم.
ما الجديد في التطور الاقتصادي السوري
ودون الدخول في تفاصيل الخطة والتصورات المستقبلية لسورية بعد 10 أو 15 سنة.
فإننا نلمس أبعاداً جديدة,تطلقها الخطة, نحو رؤية واضحة ومسارات محددة تجعل القول إن تطورا ًحقيقياً حصل خلال سنة أو أكثر أو بعد مضي سنوات الخطة المقترحة.
من هذه المسارات,تحديد الأولويات الآنية والمشاريع المناسبة لتحقيق هذه الأولويات.
وأهمها :
1-تحرير قطاع الاتصالات والطاقة وبعض القطاعات الاستراتيجية خلال الأشهر القادمة وحتى نهاية العام الحالي.
وهنا سيكون التوجه إلى إزالة كل أشكال الاحتكار وفتح باب المنافسة أمام الشركات والأشخاص والقطاعات تحت مظلة جهاز ناظم للمنافسة ,وقانون يضمن المشاركة ولن تكون المؤسسة العامة للاتصالات في هذا التوجه الحديث إلا جزءاً من الشركات العاملة في قطاع الاتصالات (كمثال)!
2-التركيز على تحقيق نجاحات واضحة في مجال التصدير وزيادة الصادرات سعياً للوصول إلى حجم صادرات غير نفطية يتجاوز 85% من إجمالي الصادرات ..في السنوات القادمة.
3-تطوير البنية الاستثمارية والتشريعات اللازمة لها.
4- إطلاق حزام أمان اجتماعي (تحسين آلية الضمان الصحي والصحة والتعليم وتحسين مستوى دخل الفرد وتوسيع آليات التأمينات الاجتماعية).
ونشر صناديق التحويل في الريف وبحدود570 صندوقاً خلال الأشهر القادمة.
5- إصلاح جذري وعاجل في القطاع المصرفي والسياسة المالية والضريبية والنقدية وأسعار الفائدة وسعر الصرف, حيث سيشهد القطاع المالي والمصرفي السوري تغييراً جذرياً مع نهاية العام الحالي.
كذلك القوانين والتشريعات المالية والمصرفية .
6- مع سنوات الخطة الأولى ,التوجه نحو إعطاء الفرصة أولاً للقطاع العام لإصلاح نفسه, بعدما يتاح له حرية العمل وفق آليات اقتصاد السوق الحر, بكل استقلالية إدارية ومالية ثم الحكم على هذا القطاع,إنه ناجح أو فاشل.
ومع تحقيق نجاحات في الإصلاح سيكون الدعم المالي.
7- الحفاظ على العاملين في القطاع العام والحكومي,حيث لا تسريح من الوظائف ولا خصخصة خلال السنوات الخمس القادمة.
المواطن ..والسؤال: (أسمع جعجعة..فهل نرى طحناً)
المهم في توجهات الحكومة, هو إقناع المواطن,والأهم كما يرى السيد الدردري أن يكون المواطن محو ر التنمية,والمتلقي الأول لنتائج التطور والتحول حيث هو في معادلة الإصلاح والعلاقة بينه وبين الحكومة ( سيداً) وليس العكس..
وعندما يشعر المواطن أنه مركز اهتمام واحترام ,وأن ما يحصل من تحولات إنما تلبي رغباته وحاجاته وتحفظ له كرامته وتوفر الحد الراقي والحضاري لمكانته في وطنه حينها يمكن القول إن شيئاً ما حصل! إذاً المطلوب نتائج وسرعة في تغيير صورة الواقع الراهن,وهذا ما يجب فعله, وخصوصاً من قبل المؤسسات العامة في قطاعات الخدمات ولن يقبل المواطن تفسيراً للطرق غير الحضارية بل البدائية سواء في تعامله مع البنوك أو المصارف أو مؤسسات الكهرباء والمياه والهاتف وغيرها..
ولن يقتنع المواطن بأي برامج أو سياسات نظرية وهو رهين الروتين والبيروقراطية والموظف المتسلط ومهما قيل ويقال فإن المواطن يرى في ( مقولة أسمع جعجعة ولا أرى طحناً) هي حالنا الراهن ولن يغير الحال هذا إلا طحيناً ممتازاً وبكميات وفيرة!
والسؤال ما الخطوة الأولى?
بكل بساطة هناك جوانب يومية وقضايا استراتيجيه.وهناك شكاوى دائمة وأخرى متجدده!
وعندما يكون الحديث عن أمور يومية إجرائية بلغة البرامج الطويلة الأمد( مثلاً توفير شقة سكنية بعد 5 أو 10 سنوات ) ومن خلال قرعة أو ادخار أو بعد طوابير وازدحام ووساطات وغيرها فإن جانب الإقناع أو الجدية سيكون غائباً تماماً ولن يتقبله أحد..
فالجميع يعلم أن بناء المسكن لا يكلف ولا يستغرق أكثر من أشهر لا يتجاوز ال¯(6 أشهر) في حال توفرت السيولة النقدية ..وما أكثرها لدى المصارف والمستثمرين..
وعندما نتحدث عن سورية المعاصرة الواعدة والواثقة المحاطة بأسوار من مخالفات سكنية تلف عاصمتها دمشق التي عرفت بشامة المنطقة وبستان فاكهة العالم وسلة غذاء الإمبراطوريات.
عندما نتحدث عن المعاصرة والمستقبل ولا نمتلك أي مقومات لنقل حضاري أو مؤسسات عصرية أو آليات إقناع وجدوى اقتصادية لزراعة هجرها أصحابها بحثاً عن الوظيفة في الدولة أو العمل في العاصمة.
أو سياحة لا تعرف مناطق الاستثمار السياحي شيئاً عنها وأسعار إقامة في الفنادق تتجاوز أسعار باريس في ظل غياب شبه كامل لخدمات حضارية.
كثيرة هي المقاربات والمقارنات ما لم يلمس المواطن شيئاً قريباً وسهل التحقيق.
خاصة (المسكن - المعيشة- الصحة-المدرسة- الجامعة-العمل) .