قبل هذه الحرب، وما فرضته على الناس من آثار سلبية، أيضا بدأ الطلاق ينتشر بين الأزواج الشباب. ربما كان الدافع للحفاظ على هذه الرابطة في بعض الأحيان هو نظرة المجتمع إلى المرأة المطلقة، مما يجعلها تتحمل المشاكل مقابل أن تبقى في بيتها بعيدة عن أصابع الاتهام، وفي أحيان أخرى وهي الغالبة، يكون الدافع هو غياب ثقافة الحقوق و الواجبات، وإجحاف قانون الأحوال الشخصية بحق المرأة.
ومع الاهتمام بقضايا السكان، وزيادة الاهتمام بالقوانين التي تحمي المرأة و الطفل، هل جاءت تلك القوانين لصالح حماية الأسرة، وانصاف الزوجين؟ لعل انتشار ثقافة الحقوق وحصول المرأة على العمل، قد أعطاها فرصة المطالبة بالطلاق، لكن ذلك أتى على حساب استقرار الأسرة، لذلك لابد من العمل على حماية كيان الأسرة، في مختلف الظروف وحالات الخلافات الزوجية.
نعلم جميعاً أهمية الحب والتفاهم والسكينة في البيت، ليس بالنسبة للأطفال فقط، وإنما للزوجين أيضاً، لذلك مهما تم العمل على القوانين لابد من مراعاة أولوية استمرار الأسرة، وبناء أسرة سليمة يشترط القدرة والاستطاعة على تحمل مشقات وتكاليف الزواج، والقدرة المقصودة هنا ليست التكاليف المادية أو التكاليف الأخرى من ناحية النفقة والكسوة للزوجة فقط بل الموضوع أوسع وأشمل ويتعدى ذلك بكثير، لأن الزواج ليس مجالاً للمغامرة و التجارب.
وقد فاضت ورشات السكان، وندوات الاتحاد العام النسائي، وهيئة الأسرة، بأدبيات قدمها الكثير من المختصين في مجال العلاقات الإنسانية المرتبطة بسيكولوجية الأسرة بمعايير بناء الأسرة السليمة، منها مثلا الأدوار المنوطة بكل طرف، وعلى كل من الزوج و الزوجة التركيز على الاستقرار من خلال أداء الواجبات و السعي نحو السعادة ،التعاون على أداء الأدوار الاجتماعية والبيولوجية ، أي المشاركة في أداء المسؤوليات الملقاة على عاتقيهما فالرجل والمرأة مكلفين بتربية الأبناء على السواء و الحفاظ على الاستقرار و المشاركة في كل ما يهم الأسرة من أمور أكبرها وأصغرها. واعتماد المشاركة والشورى في اتخاذ القرارات مع التعاون على تنفيذها قدر المستطاع . أيضا هناك التخطيط الأسري، أي تنظيم الشؤون الأسرية وفق برنامج محدد لتحقيق أهداف معينه خلال فتره زمنيه.
فوجود التخطيط العائلي في الحياة يسمح للأسرة بأن تتعامل وبتعقل مع المستجدات التي تحدث في نطاق العائلة, فالتخطيط يشعر الإنسان بقدر كبير من الاطمئنان والأمل في التعامل مع المشاكل من حوله، لأن التخطيط ما هو إلا عملية توقع مدروسة وبشكل علمي للكيفية التي يستطيع الإنسان معها أن يتعامل مع مشاكله الداخلية والخارجية على نطاق الأسرة.
أن كل تلك الأدبيات هي ثقافة داعمة لاستقرار الأسرة، دون التفريط بالقوانين التي تحمي الحقوق، لذلك لابد من العودة على إحياء العمل عليها جميعا، فور انتهاء الحرب، لوقف التراجع الحاصل والانطلاق بأسرة سليمة.