تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر
طباعةحفظ


لا حوارَ لحقٍّ إلا.. بصوتِ سوريَّتنا..

فضائيات
الأربعاء 27-11-2013
 هفاف ميهوب

بالرغم من تواري كُثر ممن يدَّعون بأنهم مثقفون, عن واجباتهم وعن ساحة النزف السورية, وبعد إغلاقِ أعينهم وآذانهم إلا عن رؤية وسماعِ ما يدغدغُ أطماعهم وآراءهم وانتماءاتهم المجرورة بكلِّ ما عزلها عن واجباتها الأخلاقية والمهنية.

بالرغم من كل ذلك, فإن ما يشرح ثقافتنا ويبشِّر بالوعي الذي ينشره ولو قلة من رجالاتنا, أولئك الذين امتلأت أرواحهم وأنفسهم, بغضبٍ سببهُ ما آلَ إليه حالنا وتفكيرنا.. غضبٌ جعلهم لا يتوانون وكلما أتيحت لهم فرصة الكلام, عن إطلاقِ لعنتهم وعلى كلِّ فاسدٍ أو خائنٍ أو قاتلٍ أو تاجر دين وأخلاقٍ وحرام..‏

إنهم المبشرون بالوعي, ممن ومثلما تعنيهم الشؤون الثقافية والفكرية والتاريخية. تعنيهم أيضاً, وخصوصاً في هذه الفترة, الشؤون السياسية والاقتصادية والاجتماعية والدينية والأهم الإنسانية. تلك التي كانت أكثر ما أثارَ غضب الباحث والمؤرخ «شمس الدين العجلاني» ولدى استضافته على «الفضائية السورية».. وفي برنامج «حوار اليوم» الذي حملَ فيه من عشقه لسوريته حداً, جعله يطالب كل مثقفٍ بأن ينزل من برجه العاجي, وإلى حيث ينشر ثقافته بين الأطفال أولاً, ولأن للثقافة الدور الأكبر والأكثر توعيةً في الحرب التي يشنها أهل الظلام والجهل. الحرب ذاتها التي شنَّها علينا المحتل عام 1920 والتي تغلَّبت فيها لُحمتنا الوطنية. أيضاً التي تختلف في انعكاساتها حالياً, وبسبب الوباءات التي صدَّعت بنية مجتمعنا بالاقترافات البشعة التي مارستها الوهابية.‏

هذا ما طرحه «العجلاني» مع «أليسار معلا» مقدمة البرنامج التي كان موضوع حوارها, عن كيفية إعادة إعمار البشر في وطنٍ ناقشت مع ضيفها, كلِّ ما يتعرض له من ضغوطٍ وجشعٍ وأوضاعٍ مأساوية وشروخ فكرية واجتماعية وسوى ذلك مما جعل «العجلاني» يكرّر تأكيده, بأن الأساس في خلاصنا وفي إعادة بنائنا, هو ضرورة المحافظة على أمننا الثقافي الذي يُعتبر جزءاً هاماً من أمننا العام.. أيضاً, ضرورة تصدِّينا لما نتعرَّض له من أميّةٍ ثقافية حمَّل مسؤولية محوها للحكومة, ومن خلال رعايتها للأجيال وفسح المجال لتثقيفهم وتوعيتهم وتنويرهم, عبرَ المدارس والكتب والمنشورات والمؤسسات المعنية.‏

هنا, لابد من أتوقف وإن كان الأمر على سبيلِ التعقيب لأقول, يا سيدي «العجلاني» معك كل الحق في كلِّ ما حملتَه من غضبٍ وخصوصاً على من عاث ولا يزال بأمننا وثقافتنا ودمائنا وعقليتنا وديننا وعلمانيتنا. لكن, أن تلقي على الحكومة مسؤولية تثقيف وتوعية الجاهل, فهو أمرٌ أستميحكَ فيه عذراً لطالما, إن كان في كلامك بعض الصواب, فالأكثر صواباً, ما شيَّدته الدولة من مراكز ثقافية ومدارس وصالات فنية وعلمية. وهنا, هي ليست في موضعٍ تتحمَّلُ فيه مسؤولية إجبارِ كل مواطنٍ على تثقيف أخلاقه بحدِّ سلطتها, وإنما وبعد أن قامت بواجباتها, يبقى الواجب الأكبر على عاتق الأسرة التي يُفترض أن تكون المربية الأقدر على تثقيفِ أبناء رحمها, ليكون الواجب بعدها على الفرد ذاته, وعن طريق وعيه بأخلاقه ووطنه وحضارته, وكذلك انسلاخه عن كلِّ ما يحوِّل أفكاره وانتماءاته إلى هدَّامة‏

ومنحازة وحاقدة وتكفيرية..‏

بكلِّ الأحوال, وبغض النظر عن كل ما تمَّ تداوله في «حوار اليوم» ومع أشخاصٍ شاركوا ولو عبر اتصالٍ في البرنامج, يبقى ما نطق به «العجلاني» وإن كان غضباً على عتب, هو ما نحتاج لأن ينطق به كُثر من مثقفين وفنانين وباحثين وسواهم ممن علينا ألا نتوانى عن استضافتهم على فضائياتنا, ومن أجل أن يسمع كل من بالغ بصمتهِ أو تاجرَ بصوته وثقافته وأخلاقه وإنسانيته, بأن لا اختلافَ يمنعنا من قولِ رأينا بصدق, ولا حوار إلا ويعلو فيه صوت سوريتنا.. صوت الوطن والحق..‏

إضافة تعليق
الأسم :
البريد الإلكتروني :
نص التعليق:
 

 

E - mail: admin@thawra.sy

| الثورة | | الموقف الرياضي | | الجماهير | | الوحدة | | العروبة | | الفداء | | الصفحة الرئيسية | | الفرات |

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية