تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر
طباعةحفظ


عندما يغيب «الأب الثاني ».. من يثقف و يربي أطفالنا ؟

مجتمع
الأربعاء 27-11-2013
منال السمّاك

رسائل إعلامية خطيرة يتلقاها أطفالنا على مدار الساعة و نحن في غفلة عنهم ، و في وقت يؤكد فيه المتخصصون في علم النفس و التربية أن وسائل الإعلام استحقت بجدارة لقب الأب ،

نتساءل عن واقع وسائل الإعلام الخاصة بالأطفال !! هل يجد الطفل خطاباً إعلامياً يشكل مادة تدعمه ثقافياً وتربوياً، خاصة في ظل الأزمة التي شغلت حيزاً واسعاً من إعلامنا .. لا مكان للطفل فيها .. و لا حل إما أن يتابع برامج الكبار أو ينصرف لمحطات عربية أو أجنبية كثيرة باتت تستهوي صغارنا ..‏

يشكل سلوكهم و ثقافتهم‏

يرى الدكتور مجدي الفارس - اختصاصي علم النفس الإعلامي أن عالم اليوم أصبح مرتعاً خصباً و مطبخاً لإنتاج الأزمات التي يزداد عددها و تتنوع في توجهاتها ، و هذا ما يستدعي توفر إرادة حقيقية و جهوداً منظمة لمواجهتها ، وكثيراً ما يقال إن كل أزمة تحتوي بداخلها بذور النجاح وجذور الفشل أيضاً ، فمهمة الإعلام الأساسية في الأزمات أياً كان نوعها هي جعل المعلومات التي نريد إرسالها معروفة ومفهومة لدى المرسل إليه ، حتى تحدث تفاعلاً معه ، و يعتمد العمل الإعلامي استخدام الرموز و الكلمات و الصور وغيرها لنقل معلومات و خبرات يتفاعل بمقتضاها متلقي و مرسل الرسالة الإعلامية في مضامين معينة و مفاهيم متقاربة ، بحيث تتوافق المضامين عند المرسل و المتلقي بما يحقق فهم المعلومات و يستخدمها في تجاوز الأزمة بأقل الخسائر .‏

التلفزيون قبل الأب و الأم يقول علماء النفس .. إن التلفزيون يأتي في علم التربية الحديثة بعد الأب و الأم ، وبات من المؤكد تأثير التلفزيون على سلوكيات الأطفال طبقاً لجميع الأبحاث العلمية بهذا المجال ، و لم يعد ممكناً منعهم من مشاهدته أو هذا الكم الهائل من البرامج و الأفلام التي تشكل الآن أحد المراجع الأساسية في سلوك و تفكير و تربية و تعليم الطفل .‏

حضر الأطفال و غاب الإعلام‏

أطفالنا أذكى مما نتوقع .. هكذا وصفهم د.الفارس ويشير أنه يفترض للصغار أن يتابعوا إعلاماً يخاطبهم ، و لكنه في الحقيقة غائب عنهم إلى حد كبير ، و أمام الكم الهائل من وسائل الإعلام بين مكتوب و مرئي و مسموع، لايصعب علينا إحصاء عدد الوسائل الخاصة بالطفل لأنها لاتتعدى أصابع اليد الواحدة ، و هذا الأمر بالتالي غير مقبول في عصر بات الجيل فيه يسمى جيل الإعلام ، والصغار باتوا إلى حد كبير من متتبعي وسائل الإعلام مثل الأهل ، و بذلك يشكل إعلام الأطفال إشكالية لابد من تسليط الضوء عليه ، سواء من جهة القناة الخاصة بالأطفال أو المطبوعات أم من جهة مضمون المواد التي تقدمها .‏

و في وقت باتت وسائل الإعلام تشكل مادة داعمة في التثقيف و التربية إلى جانب دور الأهل و المدرسة، نتساءل؟؟‏

إذا ما الذي يعيق وجود إعلام خاص بالأطفال ؟ و ما واقع وسائل الإعلام التي تعنى بالطفل ؟ يقول د. الفارس إن برامج الأطفال فقيرة جداً لجهة الإنتاج والإعداد ، و تعاني من الإهمال و الضعف و السبب يعود أساساً إلى عدم وجود إعلام متخصص بتقديم وإنتاج برامج خاصة بالأطفال بشكل متطور و حديث ، لأن كليات الإعلام تغيب عنها شعب متخصصة بإعداد كوادر إعلامية متخصصة بصحافة الأطفال و إعداد البرامج الخاصة بها بناء على غياب مواد تعنى ببرامج الأطفال، و هذه مهمة صعبة في مجتمعات تكاد الثقافة الوطنية العامة تندحر أمام انتشار ثقافة العولمة التي تسيطر على كل شيء ، فإذا كانت الثقافة الوطنية أو القومية غير محصنة جيداً ، و إذا وجدت برامج الأطفال فإنها قليلة بأعداد الكوادر التي تعمل جاهدة في الكتابة و الإعداد و التطوير ، كما نلحظ غياب التنسيق بين وزارة التربية و الإعلام من أجل النهوض بإعداد برامج متخصصة ، و غياب واضح لدور الدولة لوضع خطة لتطوير إعلام الأطفال و إعطاء امتيازات خاصة للراغبين بفتح قنوات جديدة متخصصة .‏

صورة غير متوازنة عن الطفل‏

و يؤكد د . الفارس أن لصورة الطفل التي تعكسها وسائل الإعلام أثراً عميقاً في مواقف الأطفال و لها أهمية في التأثير على سلوك الكبار تجاه الأطفال ، فوفقاً للإتحاد العام للصحفيين فإن وصف الطفل في وسائل الإعلام يدعم مجموعة من المعتقدات الخاطئة ، و مثال ذلك الأسر في البلدان النامية تقدم صورة عن استغلال الطفل و تهميشه ، و الأطفال الذين يعيشون في فقر و ضحايا حرب و كوارث ، يفتقدون شخصيتهم الفردية و إنسانيتهم ، و غالباً ما يتم تصويرهم كفئات عاجزة و غير قادرة على التصرف و التفكير و التعبير عن نفسها ، فتغطية قضايا الطفولة تميل إلى التركيز على الإثارة مع تجاهل الكثير من القضايا التي تواجه الأطفال والواردة في اتفاقية حقوق الطفل ، و تقارير وسائل الإعلام عن الأطفال غالباً ما تكون لمرة واحدة مع القليل من التحليل والمتابعة ، و في أحيان كثيرة تقدمه التقارير الإخبارية ضمن قوالب نمطية كأطفال المجازر أو الصورة التي تظهر الطفل في غياب الاهتمام ، فتسيطر عليها قصص الاعتداء و أطفال الشوارع ، في حين أن القضايا الأوسع نطاقاً لحقوق الطفل ، كحقه في اللعب و الترفيه و الرياضة و المساواة ، فكثيراً ما تعتبر أنها ليست مادة إخبارية ، لتكون المحصلة تكوين انطباع غير متوازن عن الطفل كضحية أو شخص خطير .‏

و في النهاية هناك أسئلة تطرح نفسها .. هل يقوم التربويون بدور الإعلاميين .. و هل يقوم الإعلاميون بدور التربويين ؟ و ماذا يريد كل طرف من الآخر ؟ في إشارة من د.الفارس إلى ضرورة تعاون كلا الطرفين لأن هدفهما مشترك .. التربية و التثقيف و تأكيد حق الطفل في التمتع بحقوقه كافة .‏

إضافة تعليق
الأسم :
البريد الإلكتروني :
نص التعليق:
 

 

E - mail: admin@thawra.sy

| الثورة | | الموقف الرياضي | | الجماهير | | الوحدة | | العروبة | | الفداء | | الصفحة الرئيسية | | الفرات |

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية