تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر
طباعةحفظ


سورية معادل الدنيا.. بقي عليها أن تعادل ذاتها!!

شؤون سياسية
الأربعاء 27-11-2013
 بقلم: د. أحمد الحاج علي

إذا ماتجاوزنا طبيعتهما الموحدة في المنطلق وفي الهدف نجد أن الإرهابيين الصهيوني الدائم والاستعماري التكفيري القائم يتشابهان في ثلاثة أوجه هي التي تشكل مادة التكوين وبنية التنظيم لهما،

والوجه الأول الذي يجمع الإرهابيين هو اعتماد مبدأ المجزرة البشرية بل كلما تكررت هذه المجازر وتعمقت صيغة الذبح والقتل والتدمير كلما كان ذلك أدعى لكي يحقق الإرهاب منهما شرط وجوده والمغزى الأساس من ممارساته الإرهابية.‏

لعلنا نذكر، بل لن ننسى مجازر الصهيونية في سنوات ماقبل قيام الكيان الإسرائيلي المغتصب ومابعده، يومها نفذت العصابات الصهيونية، شتيرن والهاغانا ومثيلاتهما أبشع المجازر في فلسطين ونستحضرهنا قبية ودير ياسين والسموع ونستحضر المجازر الصهيونية في بحر البقر وفي داعل ومجازر صبرا وشاتيلا وقانا، ومسلسل المجازر الإرهابية الصهيونية لم يتوقف إلا حينما تم ردع الكيان الصهيوني المعتدي بدءاً من حرب تشرين المجيدة في العام 1973 ومن انتصارات المقاومة الوطنية والإسلامية في جنوب لبنان في العام 20٠6 في شهر تموز من ذلك العام، وعلى ذات المساحة والأفق والممارسة نفذت القوى الإرهابية الراهنة مجازر مازالت حية في الوجدان ومازالت تصدم الطبيعة والتاريخ والإنسان وهذا ليس وجهاً للتشابه فحسب بين الإرهاب التكفيري والإرهاب الصهيوني بل هو قاعدة وجودهما والعلامة الفارقة لطبيعة التنظيمين.‏

وفي الوجه الثاني تشابه الإرهابان الصهيوني والتكفيري في أسلوب تنفيذ المجازر عبر الخديعة واستشراء نزعة سفك الدم وعبر اجراءات لوجستية هي من اختصاص هذين الإرهابين، وهنا نلاحظ أسلوب التلطي في الظلام وحفر الخنادق والأنفاق وممارسة القتل تحت الأرض وفوق الأرض، إنه الأصل الواحد والطبيعة الواحدة لكليهما ولقد أشار القرآن الكريم إلى ذلك بأن هذه المجموعات القاتلة إنما تقاتل في قرى محصنة ومن وراء جدر، ويحسبهم الناظر جميعاً وقلوبهم شتى، والمؤشر هنا واضح المعالم ليس لهذه القوى الإرهابية المشروعية فيما تمارسه من إرهاب، إن الصهيونية والإرهاب معاً أعداء الله وأعداء التاريخ وهذا النوع من الإرهاب يتميز بكونه وحشاً همجياً مفترساً، القيم والإنسان معاً أول ضحاياه وكما يفتقدان للمشروعية فإنهما يفتقدان للمشروع إلا إذا كان هذا المشروع هيجاناً من الداخل وسفك دم الأبرياء والأطفال والنساء عبر السلوك الظاهر، وهنا لانحتاج لعناء لكي نكتشف بأن حالة الخواء في الذات الإرهابية المزدوجة إنما تنم عن تكوين مسموم مضطرب في العمق وعن هلع وخوف وارتباك في المواجهة، إن الإرهابين هما خلاصة الانحراف البشري في تكوينه الشاذ والسادي والغرائزي المقيت، أما الوجه الثالث لتشابه بل تطابق الإرهابين المجرمين فهوالمتصل بتركيزالهدف من العدوان في سورية وعليها، وهكذا نرى أن وطنناالحبيب هوبؤرة الاستهداف للجريمة الاستعمارية بعيدها وقريبها، باستمرار هناك تطلع إرهابي لتدمير قواعدهذا الوطن ومعالمه ومكوناته البشرية والمادية وهذا أمر طبيعي فمازالت سورية موئلاً للحق العربي والإنساني ومازالت سورية منطقة إشعاع وإنارة للوطن العربي وللإقليم بل للإنسانية كلها،وسورية في مقدمة غيرها هي التي جذرت موقفاً عربياً حضارياً صدم المشروع الاستعماري وأعاده إلى مقوماته السوداء وهي التي اتخذت من الهدف القومي مبتدأ وخبراً لها وحولت فلسطين العربية إلى هم ذاتي وإلى بوصلة دقيقة نميز عبرها الصدق من الإدعاء والوفاء من الخيانة والسمو من الدناءة والغدر والتسول السياسي، وبهذه الأوجه الثلاثة نستدل على المصدر الواحد للإرهاب رغم تعدد أفواجه وأمواجه ورغم تنوع أساليبه وأدواته ورغم التعديلات البنيوية الحاصلة على التكوين الواحد الموحد للإرهاب العالمي تاريخياً.‏

إنها مسألة استثمار حركة التطور في إنتاج أسلحة الدمار وفي الاندماج مع الجوهر الاستعماري الصهيوني وكذلك في الاستفادة من معطيات العصر التكنولوجية ولاسيما وسائل الاتصالات الحديثة والسلاح الذكي وربط الحرب النفسية والإعلامية والمالية بالميدان العسكري مباشرة. لعلها لحظة فريدة في نوعيتها وفي سياقها أن تتحرك موجات الإرهاب من منابعها الصماء والمظلمة إلى مشروع تدميري عسكري سياسي، تأتلف فيه كل أنماط العدوان وتتوحد عبره كل الأسلحة القاتلة فكرياً ومادياً ومعنوياً، وهنا تقع فرصة الحركة الاستعمارية الراهنة وقد وافت أكلها المرة وأماطت اللثام عن كل مستغرب ومستهجن ومرفوض، والدوافع في التكوين الإرهابي لاتكفي لتفسير حقائق الإرهاب الصهيوني والتكفيري فهذا أمر معروف ومتداول رغم إجراءات التضليل والتعتيم عليه ورغم تغليفه بغلالات متقيحة وموتورة من الادعاءات الكاذبة بأنهم يسعون نحو سلام البشر ونشر الديمقراطية في حياة الدول والمجتمعات، ومن هنا كان لابد من الرافعة العميقة عبر تكريس هدف العدوان في سورية العربية لأنهم يعلمون أن هذا الهدف هو بألف شعبة واحتمال وبأن على انهياره تتوقف سلسلة لاتنضب من الاندفاعات الهمجية بدءاً من سورية وانتشاراً في كل أنحاء العالم، والصورة تتوضح وتتعمق يوماً بعد يوم حيث لاغرابة فيما يفعله الإرهاب ولاغرابة أيضاً فيما تؤديه الحالة الوطنية السورية بكل إشراقاتها وتضحياتها ولطالما قلنا بأن سورية العربية الآن صارت معادل الدنيا وبقي عليها أن تعادل ذاتها.‏

إضافة تعليق
الأسم :
البريد الإلكتروني :
نص التعليق:
 

 

E - mail: admin@thawra.sy

| الثورة | | الموقف الرياضي | | الجماهير | | الوحدة | | العروبة | | الفداء | | الصفحة الرئيسية | | الفرات |

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية