تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر
طباعةحفظ


الرواية النيويوركية من الداخل..

عن لوفيغارو
ثقافة
الأربعاء 27-11-2013
ترجمة: مها محفوض محمد

لاتكاد نيويورك تصحو نهارا حتى تستيقظ ليلا على حركة مسارحها في برودوي وموسيقى بلوزها وجازها وعلى امتداد النهار يؤرقها صخب مصارفها الضخمة في وول ستريت وبورصتها الذائعة الصيت، وما ان يحل المساء حتى يعلوضجيج مطبوعاتها الاعلامية بشكل أساس.

في تلك الدوامة من الحركة المستمرة تنطلق أحداث رواية الأديب النيويوركي بيتي هاميل وعنوانها «مدينة صحافة القمامة» حيث يشغل بطلها سام بريسكووظيفة رئيس تحرير صحيفة «النيويورك وورلد» وتبدوتلك الصحيفة أكثر التزاما بأخلاقيات المهنة من مثيلاتها التي تصدر في تلك المدينة حيث الصراع على أشده بين سكانها المتعددي الاعراق، ولأن نيويورك أهم مدن الولاية التي تحمل اسمها وهي تطل على الاطلسي وتحتضن مبنى الأمم المتحدة منذ العام 1946 وفيها أهم الجامعات العالمية والمتاحف والمرااكز الفنية ودور النشر والطباعة فقد وجدت في رواية بيتي هاميل مرتعا لها ليواكب قارئ الرواية تحركات وتصرفات صحفيي النيويورك وورلد (البطلة الفعلية للرواية) فها هنا يجلس صحفي أمام مكتبه ليكتب مقالته وهناك زميله يتحدث عبر الهاتف مع مراسل بعيد وثالث يخرج من القاعة الجامعة لأسرة التحرير ليدخن سيجارته بينما كان يقام في احدى الصالات الضخمة عشاء فاخرا لمجتمع المدينة المخملي حيث تقع جريمة وتقتل المرأة التي أحبها سام بريسكوفي الماضي علما أن وقوع الجرائم لايتوقف في نيويورك على امتداد النهار والليل.‏

لم يدر بريسكوأن حياته المهنية ستنتهي بعد ذلك الحدث فقد قرر مالك الصحيفة التي يعمل فيها بريسكواغلاق مطابعها وصرف جميع من فيها هكذا دون انذار، كما تزدحم رواية «مدينة صحافة القمامة» بشخصيات متضاربة المصالح ولم تعد الطباعة الورقية مادة رابحة بالنسبة لصاحب نيويورك ورلد لذلك اتخذ هذا القرار المفاجئ بينما كان رجال الشرطة يحققون في جريمة العشاء الفاخر وهو آخر خبر تناولته الصحيفة المذكورة.‏

وسرعان ماتنتقل تلك الأحداث إلى حي هارليم الزنجي المعروف لتلتقي تلك الشخصيات في صالة مقهى تصدح فيه موسيقا الجاز وهنا يكتشف القارئ الوجه الاخر لعاصمة المال والأعمال في بلاد العم سام ليطرح بيتي هاميل السؤال التالي هل تختفي نيويورك التي عهدها وتولد أخرى مع افتقاد شريحة من سكانها لآمالهم وأحلامهم وطموحاتهم ؟‏

ومع سقوط الثلوج فوق مانهاتن تختنق تلك الأصوات بما فيها صوت سام بريسكوالذي استثمر شبابه في عمل صحفي لم يجد نفعا... فهل يبكي بحرقة وصمت على غرار عشرات المستأجرين في ناطحات سحاب نيويورك وقد ضربتهم الأزمة المالية عام 2008 ؟‏

ففي تلك المباني يعيش الاف من النيويوركيين الذين فقدوا أعمالهم وأصابتهم بطالة متفشية كما هوحال سام أما حبيبته القتيلة فقد كانت تجمع التبرعات لحماية مكتبة تراثية في احدى أحياء المدينة التي تتعرض للهدم لكن الموت كان الأسرع اليها واذا كان العنف والجريمة صناعة رأسمالية بامتياز - كما يقول الكاتب - فان من قتل المغدورة حبيبة سام بريسكوهوأحد المقاولين الساعي للحصول على أرض المكتبة مع أن الشكوك تحوم حول رئيس التحرير لكن من تأمر عليه هوالرأسمالي النيويوركي.‏

يقول بيتي هاميل: وفي المستقبل القريب سوف لن يبقى لدى باعة الصحف وسواهم ما يبيعونه وستصبح الطرقات حزينة كما يرجوهذا الأديب من القارئ عدم رمي جريدته لأنها ستتحول في الغد القريب الى ذخيرة وبعد سنوات ستغدوصفحاتها البيضاء ذات الحبر الأسود ثروة تراثية يجب المحافظة عليها للأجيال القادمة.‏

بهذه العبارة ينهي الأديب النيويوركي روايته «مدينة صحافة القمامة».‏

إضافة تعليق
الأسم :
البريد الإلكتروني :
نص التعليق:
 

 

E - mail: admin@thawra.sy

| الثورة | | الموقف الرياضي | | الجماهير | | الوحدة | | العروبة | | الفداء | | الصفحة الرئيسية | | الفرات |

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية