فإصرار السوريين على إنجاز استحقاقهم الانتخابي، لا يعكس انتصار وعيهم الكبير لخطورة المرحلة وحساسيتها واستثنائيتها، بقدر ما يعكس انتصار إرادتهم وذاتهم رغم حالة الوجع والحزن التي لم تبارحهم وتفارقهم منذ نحو ست سنوات.
في الإطار العام إن إنجاز الانتخابات البرلمانية في موعدها المحدد رغم كل ذلك الصخب والضجيج والصراخ المثار من قبل أعداء هذا الوطن والذي يشبه غثاء السيل، يندرج تحت عنوان إصرار السوريين على ممارسة حياتهم السياسية بشكل طبيعي تمهيداً لتحقيق انتصارهم الأكبر على الإرهاب وعودة الامن والأمان الى ربوع هذا الوطن الغالي، وهو في ذات الوقت رسالة جامعة متعددة الاتجاهات والأهداف تؤكد مجدداً أن الشعب السوري وحده القادر على صياغة ورسم مستقبله ومصيره بعيدا عن كل تلك الأيادي الخارجية التي لا تزال تحاول جاهدة فرض الحلول الجاهزة والمعلبة على السوريين.
إن مشهد تدافع السوريين إلى صناديق الاقتراع- كما هو مأمول ومتوقع اليوم- لانجاز هذا الاستحقاق الوطني الكبير، يبدو في ظل تلك المحاولات الحثيثة والمحمومة لإجهاض وإسقاط منظومة الدولة السورية بكافة ركائزها وأركانها الوطنية، أقرب إلى الأسطورة أكثر منه إلى الحقيقة، وهذا يحاكي الى حد بعيد تاريخ وأصالة وحضارة هذا الشعب الذي تعَّود صناعة المعجزات والمستحيلات والأساطير.