ولكن الغريب ما أطلقه المتحدث باسم التحالف الدولي ستيف وارن على الجماعات التي تلقت الدعم الأميركي في ريف حلب الشمالي اسم «الفصائل المنتقاة التي تحرت عنها الولايات المتحدة ووجدتها مؤهلة للتعاون معها والأغرب أن ما يسمى حركة أحرار الشام الإرهابية تتبع لتنظيم القاعدة.
الموقع الالكتروني الحكومي الأميركي لفرص التجارة الفدرالية (FBO) نشر وثائق تشير إلى أنواع وأعداد الأسلحة والذخيرة التي زودت بها الولايات المتحدة المجموعات المسلحة في سورية على الرغم من اتفاق وقف الأعمال القتالية.
وأصدرت FBO اثنين من العروض في الأشهر الأخيرة التي تشير إلى أن الولايات المتحدة تبحث عن شركات شحن لنقل مواد متفجرة من أوروبا الشرقية إلى ميناء العقبة الأردني نيابة عن قيادة النقل البحري العسكري بالبحرية الأميركية.
نُشرت الوثيقة الأولى في 3 تشرين الأول 2015، ونصت على أن الولايات المتحدة تلتمس من أحد المقاولين شحن 81 حاوية من البضائع، شملت مواد متفجرة، من كونستانتا في رومانيا إلى العقبة.
وفي وقت لاحق، تم تحديث قائمة التعبئة التفصيلية التي أظهرت أن البضائع بلغ مجموع وزنها 994 طناً، ما يقل قليلا عن نصف الشحنة التي كان من المقرر أن تفرغ في أغالار، وهو رصيف عسكري بالقرب من بلدة تاسوكو التركية ، فيما سيرسل النصف الثاني إلى العقبة.
قائمة الأسلحة
وشملت البضائع الواردة في الوثيقة بنادقAK-47 بنادق كلاشينكوف آلية، ورشاشات من نوع PKM، والرشاشات الثقيلة DShK دوشكا، بالإضافة إلى قاذفات صواريخ آ ربي جي RPG-7، وأنظمة فكتوريا 9 «K111M Faktoria9» المضادة للدبابات (وهي الجيل الأحدث من قواذف «Fagot» وتتميز بوجود رأس حربي ترادفي). أما باقي الشحنة فيشمل ذخيرة لهذه الأسلحة إضافة لقذائف هاون عيار 82 ملليمترا وقذائف صاروخية ترادفية لقواذف «آر بي جي»
من جهته، كشف موقع «غلوبال ريسيرش» الكندي أن وكالة الاستخبارات المركزية الأميركية «سي أي إيه» لا تزال ترسل آلاف الأطنان من الأسلحة الإضافية إلى ما يسمى المعارضة المسلحة في سورية.
وأشار الموقع الكندي إلى أن آخر شحنتين قدرتا بثلاثة آلاف طن من الأسلحة.
وقال الموقع إن مجموعة «أي أتش إس جاينز» الاستشارية البريطانية المتخصصة في شؤون الدفاع وجدت طلبين على موقع «فيديرال بيزنس أوبورتشنتيز» التابع للحكومة الأميركية خلال الشهور الأخيرة تبحث فيهما عن شركات شحن لنقل مواد متفجرة من أوروبا الشرقية إلى ميناء العقبة الأردني نيابة عن قيادة النقل البحري العسكري التابعة للأسطول الأميركي.
وأفادت «غلوبال ريسيرش» بأن السفينة كانت محملة بقرابة ألف طن من الأسلحة والذخيرة، من بلغاريا ورومانيا وكرواتيا، وغادرت انطلاقا من رومانيا في الخامس من كانون الأول الماضي إلى أغالار في تركيا ومن هناك إلى ميناء العقبة في الأردن.
أما الشحنة الثانية بحسب الموقع والتي بلغت ضعف الأولى إذ احتوت على 117 حاوية وبوزن إجمالي بلغ ألفي طن من الأسلحة والذخائر، فقد انطلقت من ميناء بورغاس البلغاري إلى ميناء العقبة، ولم تذكر تفاصيل محتويات هذه الشحنة، إلا أنها تشمل حوالي 162 طناً من المتفجرات.
وقد حصلت سفينة SLNC Corsica « سلينز كورسيكا» المسجلة لدى المنظمة البحرية الدولية تحت رقم 9222352، على العقد وغادرت بورغاس في 28 آذار 2016، ويعتقد أن السفينة قد أنجزت رحلتها بحلول يوم 4 نيسان الحالي.
تساؤلات يثيرها التوقيت والكمية
ويطرح الكشف عن هاتين الشحنتين بحسب محللين سياسيين وعسكريين نشرتها عدد من المواقع والصحف الإخبارية تساؤلات كبيرة حول حقيقة الخطة التي تسير عليها الولايات المتحدة في سورية، وهل هي ملتزمة فعلاً بالمسار السياسي أم تتخذه مجرد غطاء للتصعيد العسكري بهدف توريط روسيا في حرب استنزاف طويلة وقاسية.
وتبرز هنا ملاحظتان بحسب المحللين : الأولى تتعلق بتوقيت شحن الأسلحة؛ فالحمولة الأولى انطلقت من الميناء الروماني بعد أقل من شهرين على إعلان فيينا في 24 تشرين الثاني من العام الماضي أما الحمولة الثانية فقد وصلت إلى ميناء العقبة بعد سريان هدنة وقف العمليات القتالية في 27 شباط الماضي، بموجب التفاهم الروسي - الأميركي.
الملاحظة الثانية، تتعلق بالأعداد الكبيرة من الصواريخ المضادة للدروع الموجودة على متن الحمولة الأولى، والتي يقدر عددها وفق باحثين في المجلة البريطانية بحوالي 50 قاذفا مضادا للدبابات من طراز «Faktoria» وما بين 796 و854 صاروخاً لهذا النوع من القذائف.
وبحسب مراقبين، فالصواريخ التي كانت بحوزة الإرهابيين سابقاً كافية، وبالتالي فإن استجلاب صواريخ أحدث يدل على أن الهدف هو المدرعات والدبابات التي أدخلتها روسيا إلى الجبهات السورية مؤخراً، وهو ما يمكن اعتباره مؤشراً على وجود رابط ما بين شحنة السلاح الأميركية وبين ما يشهده ريف حلب الجنوبي من تصاعد العمليات الهجومية للمجموعات الإرهابية.
وبينت مجموعة «أي إتش إس جاينز» بأن من تدعمهم الولايات المتحدة تحت مسمى «المعارضة» في سورية حصلوا على كميات وفيرة من الأسلحة خلال تطبيق اتفاق وقف الأعمال القتالية وأن هؤلاء يتلقون نصف شحنات الأسلحة التي تأتيهم من تركيا والأردن.
ارتداد الإرهاب
وأكد موقع «غلوبال ريسيرتش» أن التجربة التاريخية أثبتت بما لا يدع مجالا للشك أن العواقب الوخيمة المصاحبة لتزويد هؤلاء بالأسلحة لم تقتصر على سورية وحدها إنما امتدت في صورة هجمات تستهدف الغرب ومصالحه.
وأشار الموقع في ختام تقريره إلى أن سقوط عشرات القتلى في تفجيرات شهدتها باريس وبروكسل مؤخرا وقبلها في لندن ونيويورك ومن المحتمل برلين، ليس كافيا على ما يبدو لردع الساسة الغربيين المتورطين بشكل كبير في الحرب التي تدور رحاها في سورية والتي يبقى الشعب السوري هو الضحية فيها.
جدير بالذكر أن جون كيرياكو، المحقق الرفيع في لجنة العلاقات الخارجية في مجلس الشيوخ الأميركي والضابط السابق لشؤون مكافحة الإرهاب في وكالة الاستخبارات المركزية الأميركية، كشف في تشرين الأول 2015 أن الكونغرس يسلح تنظيم «داعش» الإرهابي من خلال تقديم الأسلحة إلى من تدعوهم واشنطن «المعارضة المعتدلة» في سورية.
تجدر الإشارة إلى أن إدارة الرئيس الأميركي باراك أوباما أطلقت في العام 2015 برنامجاً ضخماً خصصت له دعاية كبيرة وأموالاً طائلة تصل إلى 500 مليون دولار لتدريب «المعارضة المعتدلة» وتسليحها.