تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر
طباعةحفظ


الديمقراطية الغربية .. حقيقة أم زيف ؟

عن غلوبال ريسيرتش
ترجمة
الأثنين 12-3-2012
ترجمة ريما الرفاعي

خلال العقد الماضي قتلت الولايات المتحدة وحكومات الدمى في حلف شمال الأطلسي آلاف المسلمين من الرجال والنساء والأطفال تحت ذريعة تحقيق الديمقراطية. ولكن هل الغرب نفسه ديمقراطي؟

يشير المشككون إلى أن وضع الرئيس الاميركي جورج بوش في منصبه من قبل المحكمة العليا وعدد من الانتخابات الأخرى تم بواسطة آلات التصويت الالكترونية التي لا تترك أي أثر ورقي. ويرى آخرون أن المسؤولين المنتخبين نجحوا في حملاتهم الانتخابية عن طريق تمويلها وليس نتيجة لأصوات الناخبين. وان خطة إنقاذ البنوك التي رتبها وزير الخزانة في عهد بوش الابن والرئيس السابق لغولدمان ساكس، هنري بولسون، وفشل واشنطن في توجيه الاتهام الى أي مسؤول بنكي في عمليات الاحتيال التي ساهمت في الأزمة المالية، ما هي الا أدلة على دعم الرأي القائل بأن حكومة الولايات المتحدة تمثل المال و ليس الناخبين.‏

لقد خلقت الأحداث الأخيرة في اليونان وايطاليا شكوكا كثيرة حول ادعاءات الغرب بالديمقراطية. واضطر اثنان من رؤساء الوزراء الأوروبيين المنتخبين، وهما جورج باباندريو من اليونان وسيلفيو برلسكوني من إيطاليا، الى تقديم استقالتهما بسبب قضية الديون السيادية. لا يمكن لبرلسكوني الملياردير الذي يواصل قيادة أكبر حزب سياسي إيطالي، الوقوف في وجه الضغوط التي رفعها محافظو البنوك الخاصة و مسؤولو الاتحاد الاوروبي غير المنتخبين.‏

استمر باباندريو عشرة أيام فقط بعد اعلانه في 31 تشرين اول 2011بانه سيجري استفتاء يتاح خلاله للناخبين اليونانيين قبول او رفض خطة التقشف التي يجري فرضها على الشعب اليوناني من الخارج. التقشف هو الثمن الذي دفع الاتحاد الأوروبي لإقراض الحكومة اليونانية المال من أجل الدفع للمصارف. وبعبارة أخرى، كان الخيار بين التقشف أو التقصير. ومع ذلك، فقد حسمت هذه المسألة دون مشاركة الشعب اليوناني.‏

وبناء على ذلك، نزل اليونانيون إلى الشوارع، حيث جعلت الظروف المصاحبة لآخر مرحلة من خطة الانقاذ أعدادا كبيرة من اليونانيين يخرجون الى شوارع أثينا ومدن أخرى احتجاجا على خفض 20٪ من الحد الأدنى للأجور والمعاشات التقاعدية اكثر سنويا، وعلى إقرار مزيد من التخفيضات في الوظائف في القطاع العام. وزادت الضرائب اليونانية 2.3 مليار يورو العام الماضي، ومن المقرر أن ترتفع 3.4 مليارات يورو اخر عام 2013. ويتم فرض خطة التقشف على الرغم من معدل البطالة في اليونان الذي ارتفع الى 21٪ عموما والى 48٪ بالنسبة لأولئك الذين تقل أعمارهم عن 25 عاما.‏

ولهذا الامر تفسير وهو أن البنوك، والتي لم تدرس قروضها إلى الحكومات جيدا، باتت تجبر الناس على إنقاذ البنوك من العواقب المترتبة على القرارات السيئة. وتفسير آخر هو أن الاتحاد الأوروبي يستخدم أزمة الديون السيادية بغية فرض سلطته وسيطرته على الدول الأعضاء منفردة في الاتحاد الأوروبي.‏

ويقول البعض إن الاتحاد الأوروبي يستخدم البنوك لتحقيق اجندة الاتحاد الأوروبي، بينما يقول البعض الاخر ان البنوك تستخدم الاتحاد الأوروبي لجدول أعمال البنوك.‏

وفي الواقع، فإنهما يستخدمان بعضهما بعضاً. بغض النظر عن الديمقراطية التي ليست جزءا من هذه العملية.‏

والجدير بالذكر ان رئيس الوزراء اليوناني المعين وغير المنتخب لوكاس باباديموس، هو المحافظ السابق لبنك اليونان، وعضو في لجنة روكفلر الثلاثية، والنائب السابق لرئيس البنك المركزي الأوروبي. وبعبارة أخرى، هو مصرفي عين لتمثيل البنوك.‏

في 12 شباط فشل رئيس الوزراء المعين، الذي تتمثل مهمته في تقديم اليونان إلى المصارف أو إلى بروكسل، في رؤية المفارقة في بيانه بان «العنف لا مكان له في دولة ديمقراطية.» كما أنه لم ير أي سخرية في حقيقة أنه تم طرد 40 ممثلاً منتخباً في البرلمان اليوناني الذين رفضوا شروط خطة انقاذ من جانب احزاب الائتلاف الحاكم. العنف يولد العنف. العنف في الشوارع ردا على العنف الاقتصادي الذي يرتكب ضد الشعب اليوناني.‏

وشكلت ايطاليا حكومة ديمقراطية ثانية وبالطبع خالية من الديمقراطية. ورئيس الوزراء المعين ، ماريو مونتي، ليس عليه خوض انتخابات حتى نيسان 2013. وعلاوة على ذلك، وفقا لتقارير صحفية، فإن «مجلس الوزراء التكنوقراط» لا يتضمن سياسياً واحداً منتخباً . وليس امام البنوك أي فرص: فمونتي هو رئيس الوزراء ووزير الاقتصاد والمالية على حد سواء.‏

وتشير خلفية مونتي الى أنه يمثل كلاً من الاتحاد الأوروبي والبنوك. وهو المستشار الأوروبي السابق لغولدمان ساكس، والرئيس الأوروبي للجنة الثلاثية، وهو عضو في مجموعة بيلدربرغ، مفوض الاتحاد الأوروبي السابق، وعضو مؤسس لمجموعة سبينيلي، وهي منظمة بدأت في ايلول 2010 لتسهيل التكامل داخل الاتحاد الأوروبي، وهذا هو من اجل تعزيز السلطة المركزية على الدول الأعضاء.‏

ليس هناك شك بأن الحكومات الأوروبية، مثل واشنطن، كانت تنتهج سياسات مالية مسرفة،وهو ما رتب أعباء الديون عن المواطنين.لذا ينبغي القيام بشيء ما . ومع ذلك، ما يجري هو خارج نطاق الديموقراطية. هذا إشارة إلى أن النخب الغربية - اللجنة الثلاثية، ومجلس العلاقات الخارجية، بلدبرغ المجموعة والاتحاد الاوروبي، والشركات عابرة للجنسية، والمصارف الضخمة والغنية - لم يعودوا يؤمنون بالديمقراطية.‏

ربما سيستنتج المؤرخون في المستقبل أن الديمقراطية عملت من أجل التحرر من سلطة الملوك والأرستقراطية، وافتراس الحكومة، ولكن بما ان المال يسيطر على الحكومات، فقد اصبحت الديمقراطية عبئا. وسيتحدث المؤرخون عن الانتقال من الحق الإلهي للملوك الى الحق الإلهي للمال.‏

 بقلم: الدكتور بول كريج روبرتس‏

إضافة تعليق
الأسم :
البريد الإلكتروني :
نص التعليق:
 

 

E - mail: admin@thawra.sy

| الثورة | | الموقف الرياضي | | الجماهير | | الوحدة | | العروبة | | الفداء | | الصفحة الرئيسية | | الفرات |

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية