في محاولة لاستغلال الوضع الراهن و استثماره لتحقيق نسبة عالية من الأرباح و ملء الجيوب ، لذلك بات الحديث الــذي يملأ الدنيا و يشغل الناس .. في العمل .. فــي الشارع .. في الأسواق ، يتمحور حول كيفية تدبير أمورهم المعيشية و المفاضلة بين أولويات في أغلبها ضروريـــات و لكن للضرورة أحكام .
و بفضل شطارة التجار و تحليق الأسعار أصبح المواطن ماهراً في العمليات الحسابية بل و متفوقاً بالجمع لمعرفة الزيادات الطارئة على أسعار السلع الاستهلاكية الضرورية ، و فنانا بالطرح للاستغناء عن الكثير من السعرات الحرارية المتأتية عن اللحوم و الفروج و الزيوت و السكر ، و بارعا بالضرب و القسمة لتوزيع ما تبقى من الراتب على فواتير الكهرباء و الماء و الهاتف والمواصلات و الأقساط الشهرية التي لم يبرأ منها أغلبية أصحاب الدخل المحدود ، و ربما عليه أن يكون مراقباً تموينياً للإبلاغ عن حالات عدم الالتزام بالتسعيرة ، و الشكوى حتى على جاره صاحب البقالية الذي يبيعه بالدين و يصبر عليه حتى آخر الشهر .
ثم يأتيك من ينظّر عليك و ينصحك بمقاطعة السلع الغذائية التي احتكرها تجارها ، لعجز أصابهم عن كبح جماح الزيادة ، و عدم كفاية دوريات التموين لمراقبة الأسواق ، أو قد يطرح عليك استبدال وجباتك الغذائية التي تحبها بوجبات أخرى لتتحاشى الزيادة بالتكلفة ، فبإمكانك استبدال البقدونس بالملفوف ، و الاستعاضة عن البيض الذي شهد ارتفاعاً ملحوظاً بالجبنة و اللبنة و الزعتر ، وزيت عباد الشمس و الذرة عوضاً عن زيت الزيتون ، بدائل كثيرة ارتأى طرحها أحد المسؤولين في وزارة الاقتصاد ، و ما عليك إلا الالتزام بهذه الوصفة السحرية لتتحدى هيستيريا الأسعار ، و لكن هنا نقول: التنظير سهل .. و من يأكل العصي ليس كمن يعدها !!