ومتابعة من قبل الإدارة الأميركية بالقول إنها رد على أسر جنديين إسرائيليين من قبل حزب الله, أو إنهاء حرب على حزب الله- في محاولة خبيثة لإيهام العالم أن ا لحرب ليست على لبنان -كما تقول وسائل الإعلام الغربية وبعض وسائل الإعلام العربية لتجريد هذا الحزب من سلاحه لبسط سلطة وسيادة الحكومة اللبنانية على كامل أراضيها وفق القرار الدولي 1559 وكأن سيادة لبنان تتطلب محرقة تلتهم لبنان كله لينهض لبنان من رماد الحرب من جديد لفرض سيادته التي مازال الرئيس بوش يتاجر بحرصه على هذه السيادة والتأكيد على نجاح حكومة الرئيس السنيورة.
شعار سيادة لبنان تحول على مدى سنة ونصف مضت إلى تحية يومية متبادلة بين أطراف لبنانية والإدارة الأميركية يضج بالحقد والتحريض على سورية وعلى القوى الوطنية ا للبنانية التي تدرك ماوراء هذا العشق الكبير بين هذه الأطراف اللبنانية وأميركا وإسرائيل.. فبعض هذه الأطراف اللبنانية ذات تاريخ مع إسرائيل, وبعضها الآخر بحسن النية أوسوئها وجدت نفسها تحاول الابتعاد بلبنان إلى خارج تاريخه ومصالحه وسيادته. ولقد أكدت هذه الحرب التي تشنها إسرائيل بقرار ودعم من الإدارة الأميركية أن أميركا لاتريد بلبنان خيراً ولا السيادة والتقدم والازدهار, فسيادة لبنان وازدهاره ليست في تدمير جسوره وقراه وطرقاته ومصانعه ومدنه وقتل مواطنيه, وتتضح الغاية اليوم من محاولات أميركا احتضان فريق لبناني قبل وبعد اغتيال الرئيس الحريري, فهي تهدف إلى دفع لبنان باتجاه إسرائيل, وهذا ماعبر عنه شمعون بيرس بعد لقائه رايس ومستشار الرئيس الأميركي لشؤون الأمن القومي بالقول(إن على رئيس حكومة لبنان فؤاد السنيورة الضعيف إقامة علاقة كاملة مع إسرائيل, وثمة أهداف أخرى. منها إخراج لبنان من عروبته بتوتير علاقاته مع سورية, وإضعاف القوى الوطنية والقومية فيه وتجريد المقاومة اللبنانية من سلاحها لأن هذا السلاح منع أميركا وإسرائيل من إخراج لبنان من محيطه وتاريخه وثقافته, وأفشل محاولة إعادة إحياء اتفاق17 ايار, وهوالقادر على تحقيق انتصارات جديدة نلمسها اليوم في تلك المواجهة البطولية التي تسطرها المقاومة في الجنوب ا للبناني, ومن الأسباب أيضاً أن الولايات المتحدة تريد انتزاع لبنان وهو أحد دول الطوق من موضوع الصراع العربي الإسرائيلي كما فعلت مع مصر والأردن.
هذه الإدارة الأميركية مازالت تكذب وتتظاهربأنها تريد دعم سيادة لبنان وهي تدعم إسرائيل عسكرياً وفي المحافل الدولية وتمنع استصدار قرار بوقف العدوان الإسرائيلي وتعطي الضوء الأخضر له لتدمير البنية التحتية للحياة في لبنان.. وعلى الرغم من كل ذلك مازال بعض الذين يتشدقون بالسيادة في لبنان يشنون حربهم الإعلامية على سورية ويصفون العدوان الإسرائيلي كرد طبيعي على ماقامت به المقاومة برغبة سورية ايرانية.. لن نخوض في هذا البحث الآن..
ليس لأن الحقائق بدت واضحة وحسب وإنما لانشغال السوريين اليوم بما هو أهم من الرد على هؤلاء, باستقبال المهجرين اللبنانيين الذين توافدوا على سورية لأنها الشقيقة ولتقديم كل وسائل الدعم لهم وللبنان ولمقاومته التي تقاتل عن كل لبنان والعرب والأمة الإسلامية, لأن الحرب الأميركية الصهيونية الدائرة على لبنان هي حرب على كل العرب.
لقد بات واضحاً أن الإدارة الأميركية هي التي أشعلت هذه الحرب الواسعة وأنها تريد استمرار ها لتحقيق ولادة ذلك ا لشرق الأوسط الجديد الذي وعدت به رايس حيث إنها تريد أن تستثمر تداعيات تلك الحرب بانصياع الجميع لمخططاتها, لهذا رفضت الإدارة الأميركية وقف إطلاق النار وعرقلت كل المحاولات الساعية لذلك, وترسل اليوم ديفيد وولش معاون وزير الخارجية إلى المنطقة لتهدئة بعض الأطراف من أجل استمرار الحرب فترة أخرى لتحقق إسرائيل مزيداً من التدمير.
إن المتابع لتفاصيل مايجري على الأرض وفي المحافل الدولية يجد أن الولايات المتحدة تغذي الصراع, وتمنع بوسائل شتى إيقاف إطلاق النار, ومع ذلك لانجد أحداً من أطراف السيادة- كما يدعون- يسأل أميركا عن فهمها لسيادة لبنان أو أين أصبح القرار 1559 الذي فضحت أهدافه وغاياته, وتعرت تلك الاتهامات الموجهة إلى سورية باغتيال الرئيس الحريري, فقد بدا من المؤكد أن اغتيال الحريري كان من أجل الأهداف التي تنشدها الحرب الإسرائيلية الأميركية لأن الأطراف التي انتجها القرار 1559 لم تنجح في تطبيق هذا القرار على الأرض وبخاصة في موضوع سلاح المقاومة, وفي اجتماع رايس مع قادة فريق 14 آذار كان كلام رايس واضحاً إذ خضعوا لعملية تأنيب وتسفيه لفشلهم في تحقيق الأهداف الموكلة إليهم.
إن هذه الحرب الوحشية التي تخوضها إسرائيل في لبنان من أهم الأدوات في انجاز المشروع الأميركي, فمن جهة, يستعرض الإسرائيليون الأسلحة الفتاكة التي يمتلكونها, ويكشفون عن قدراتهم التدميرية لبلد كلبنان خلال أيام, والهدف ضرورة التسليم بهيمنة إسرائيل عسكرياً في المنطقة, وعدم التفكير بالمساس فيها في المستقبل, القريب منه والبعيد! ومن جهة أخرى تعتبر واشنطن أن الصواريخ التي تصل إلى عمق فلسطين بشكل غير مسبوق كماً ونوعاً, عاملاً مساهماً في تأجيج مخاوف مهمة لدى الرأي العام ا لإسرائيلي, ما يضطر الإسرائيليين إلى إلقاء أنفسهم تماماً بحضن ا لإدارة الأميركية من غير أي اعتراض أو تلكؤ.