ويهرول الكثيرون ممن يدعون المدنية وراء هذا الضجيج تاركين خلفهم عالماً من الأحزان فهل كانت ألين كاي تعلم بما سيحل بأطفال فلسطين والعراق ولبنان عندما أصدرت كتابها (قرن الطفل) عام 1903 والذي انبثقت عنه وثيقة قانونية (وصفت بالأقوى) لأنها لا تعترف بحقوق الطفل فقط, بل تحميها وتدافع عنها, وهل نسيت الجمعية العامة للأمم المتحدة أنها تبنت ومنذ عام 1974 تحريم كل أشكال التعذيب والرمي بالرصاص والاعتقالات الجماعية الموجهة ضد الأطفال, وماذا يعني وجود مبدأ (حق الطفل في الحياة والبقاء والنمو) كأهم مبدأ من مبادئ اتفاقية حقوق الطفل, طالما أن معاناة الطفولة تتفجر كل يوم والموت التعسفي يتجول بين أطفال فلسطين منذ أكثر من 60 عاماً لتنتقل عدواه وتصل خيوط ناسجيه إلى مدن العراق وجنوب لبنان حيث يسقط عشرات الأطفال في كل يوم ضحايا لمخططات تتبناها دول تبث لنا الإنسانية بألوانها المختلفة.
ومع ذلك نريد أن نسأل هؤلاء المناطحين في مؤتمرات الطفولة والمحافل الدولية الذين ينادون بحق الطفل في التعليم والمساواة والصحة واللعب والحرية..الخ أليس من الأجدى لهم أن يبحثوا أولاً عن آدمية الطفل وإنسانيته وحقه في الحياة على أرضه وبين أهله بأمان, وهل تجرأ أحدهم وطالب بتحقيق دولي أو فرض عقوبات على الأقل للذين يرتكبون أبشع المجازر بحق الطفولة ويجعلونها حقول تجارب لأسلحتهم البيولوجية والفوسفورية.
ولعل الأمر لا يحتاج للشرح الكثير, مقارنة بسيطة ستكشف اللغز الحقيقي للمسألة فمن الواضح أن يتحدثوا ويقصدوا طفلاً آخر غير الذي نتحدث نحن عنه فيصوغوا له القرارات والتوصيات في حين يصوغون لأطفالنا هدايا الموت والاستشهاد أمام القذائف والدبابات, والحقيقة أن حواسنا توترت من كثرة التناقضات ومن جرأة هؤلاء الذين يهدرون إنسانية الطفل وحياته في ظرف من العالم ثم يجتمعون لبحث حقوقه في طرف آخر