تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر
طباعةحفظ


بورتريه ..سيرغي يسينين ما لا تراه عيناك تعلمه بقلبك

كتب
الاربعاء 9/8/2006م
لينا هويان حسن

(اليوم سيصبح ا لأمس/والغد سيصبح اليوم/وبعد ساعة يصبح اليوم غداً/ويسمى الأمس ويكون ماضيك/ماضيك الذي, ربما, لم تكن تقصده أبداً..)

اقتنصت هذه الأشعار من الألماني فيرنر شبرنغر لأجعلها مدخلاً للحديث عن الشاعر الروسي سيرغي يسينين...‏

إلقاء نظرة سريعة على دراماتيكية حياته القصيرة والسريعة المليئة.. والناضجة يجعلنا نبرر العنوان التي تم اختياره لمعرض الصور الفوتوغرافية الذي أقيم في موسكو أواخر الموسم الفائت احتفالاً بمرور 110 سنوات على ولادته حيث حمل المعرض اسم: (حياتي الطائشة) فقد عاش حياته هكذا.. هزائم كثيرة لخاطر انتصار يتيم.. هوالشعر... بفضل موهبته الاستثنائية, كسمكة سبح مبكراً في سماء الشعر وبره وبحره وإذا كان قد تسنى لمكر بعض الفلاسفة أن يقنعونا بفكرة من طراز: أن التجاهل الناجح نسيان?! فإن يسينين لم يحسن ابتلاع هذه الوصفة أو المواظبة على ممارستها?!‏

إذا كان شعراء مطلع القرن العشرين في روسيا (بلوك, اخماتوفنا, باسترناك, مايا كوفسكي, تسفيتايفا) كان معظمهم من أبناء أسر عريقة من المثقفين فإن يسينين اختلف عنهم في أمور كثيرة فهو ابن فلاح وأنهى فقط المدرسة الدينية التي يتخرج منها المعلمون للعمل في المدارس الابتدائية... ربما لهذا كان وظل أقرب الى الشعب الروسي ويكاد لا يخلو بيت من صورته...‏

ولد في 1895 ليغادر مسرعاً في 27 كانون أول عام 1925حيث وجد في غرفته بفندق وقد شنق نفسه -كما تقول الرواية الرسميةومشنوقاً كما أكد معظم أفراد الوسط االثقافي الروسي.. البعض اتهم الراقصة الأمريكية ايزادورا دانكان التي تزوجها بعد قصة حب (عاصفة) وقيل أن خيبته بشخصيتها وغيرته الشديدة عليها جعله ينتحر وقد وجدت قصيدة مكتوبة بدمه في غرفته حيث مات, من عباراتها: (وداعاً.. صديقي.. لا تحزن ولا تقطب حاجبيك ليس جديداً أن نموت في هذه الدنيا/وأن نعيش بالطبع, ليس جديداً أكثر).‏

قراءة متأنية لأشعاره نلمس أنه كان يخبى ء بأعماقه كائناً متلهفاً للمغادرة..?! بحثاً عن قبر أم بحثاً عن ساعته الأخيرة.. كان يتوق لنهاية ما..?!‏

ربما استقباله للثورة البلشفية ببرود وآراؤه المعادية للسلطة السوفيتية جعل من حوله يرجحون كفة: أنه قتل رغم أنه لم يخض في السياسة عملياً وكان دائماً يتجنبها, غوركي قال عنه ذات مرة: (إن يسينين ما هو الانسان قدر ما هو كائن خلق من أجل الشعر حصراً).‏

أما يفيتو شينكو قال: (لم ينظم أشعاره بل لفظها من أعماقه) في إحدى قصائده الأخيرة: بعنوان: رسالة الى أمي: (ألا تزالين حية يا عجوزي/يكتبون لي أنك تذوبين شوقاً/كما أصبحت تقلقين علي كثيراً/وأنك غالباً ما تخرجين الى الطريق/لا بأس أمي/اطمئني/فأنا لست بسكير مدمن/كي أموت قبل أن أراك/مازلت لطيفاً كما عهدتني/أحلم فقط بشأن واحد/أن أهرب بسرعة من الحزن المضطرب/وأعود الى بيتنا.. سأعود عندما تتفتح أغصان/حديقتنا.. في الربيع.. بشرط لا توقظيني عند الفجر.. لا توقظي ما لم يتحقق من أحلام.‏

إضافة تعليق
الأسم :
البريد الإلكتروني :
نص التعليق:
 

 

E - mail: admin@thawra.sy

| الثورة | | الموقف الرياضي | | الجماهير | | الوحدة | | العروبة | | الفداء | | الصفحة الرئيسية | | الفرات |

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية