تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر
طباعةحفظ


المقاومة أسقطت نظرية الردع الإسرائيلي وأثبتت أن حقوق الشعوب لا تموت

آراء
الاربعاء 9/8/2006م
سليمان حداد - عضو مجلس الشعب- معاون وزير الخارجي

منذ قيام الكيان الصهيوني, لا بل منذ تشكل فكرة قيامه كمشروع يأخذ طريقه إلى الوجود تؤكد الوقائع والحقائق والأحداث

كونه وجوداً سرطانياً يدمر ويحطم ما حوله ويتوسع على بقايا أشلاء الآخرين ويتنافر بسلوكه وممارساته مع الجسم المحيط به, رغم كل ما قيل ويقال عن إمكانية التعايش التي تحاول إظهارها اتفاقيات موقعة مع هذا الكيان من قبل بعض الأطراف العربية وهذه حقيقة يدركها قادة هذا الكيان منذ تأسيسه.‏

-يقول ديفيد بن غوريون لناحوم غولدمان (رئيس المؤتمر اليهودي العالمي ):‏

لو كنت قائداً عربياً لما تصالحت مع إسرائيل , هذا طبيعي ,نحن أخذنا بلدهم , إنهم يعرفون أننا أتينا وسرقنا أرضهم , لماذا عليهم قبول ذلك ?.‏

-وفي مكان آخر تقول غولدا مائير : لا يوجد شعب فلسطيني .‏

-ويقول أيهود باراك: لو خلقت فلسطينياً لانضممت إلى المنظمات الإرهابية ..‏

يقول فرع حماية الأطفال في السويد أن إسرائيل كسرت عظام ما بين 24000 إلى 30000 طفل فلسطيني إبان الانتفاضة الأولى.‏

-هجّرت إسرائيل شعباً كاملاً من أراضيه وقتلت الآلاف من الفلسطينيين والعرب.‏

لقد عودتنا إسرائيل على المجازر , وما نراه اليوم من قتل للأطفال والشيوخ والنساء هو استمرار لسياسة الإبادة الإسرائيلية ابتداءً بكفر قاسم ودير ياسين وقنية و اللد وصولاً إلى مجازر قانا الاولى و الثانية والقاع وصريفا وغيرها والتي لن تكون آخر المجازر الإسرائيلية , إنها الوحشية الإسرائيلية التي تقتل الأطفال والنساء والشيوخ وتمنع انتشال جثثهم من تحت الأنقاض , تهجر المدنيين الآمنين أو تحتجزهم في ماتبقى من بيوتهم وتقطع أوصال قراهم وبلداتهم وتمنع عنهم الماء والغذاء والدواء إنها ببساطة هولوكوست هذا الزمان تمارسه إسرائيل مدعومة هذه المرة بالقوى الغربية التي تدعي الحرية والديمقراطية وحقوق الإنسان ,فقد أصبحت إسرائيل محور سياساتها , خاصة بعد وصول المحافظين الجدد إلى مواقع صنع القرار واندماجهم مع اللوبي الصهيوني واعتبار أن لإسرائيل وأمريكا المصالح ذاتها , ومن هنا كان الدعم غير المحدود لإسرائيل ومن بعض تفاصيله مايلي:‏

1. تعادل المساعدات الأمريكية لإسرائيل خمس المساعدات الخارجية الأمريكية حيث يحصل كل إسرائيلي على 500 دولار أمريكي سنوياً كمعونات مباشرة عدا عن المعونات الاخرى.‏

2. نوعية السلاح الذي يقدم لإسرائيل ممنوعة حتى على دول الناتو .‏

3. القدرة النووية الإسرائيلية التي بنيت على المعونات التقنية والمادية الغربية أكبر بكثير مما نعرفه , حيث تملك إسرائيل ما يزيد عن 1200 صاروخ حامل لرؤوس نووية إضافة إلى خمس قنابل ذرية تعادل القنبلة التي ألقيت على هيروشيما و100-200قنبلة تدمر تدميراً كاملاً لمساحات تتراوح بين 5-10كم2 .‏

لدى اسرائيل اكثر من 500 طائرة مقاتلة متطورة من نوع f15-f16 وما هو‏

اكثر تطورا لدى اسرائيل اكثر من 200 طائرة اباتشي‏

لدى اسرائيل حوالي 4000 دبابة مركفا بانواعها الثلاثة‏

لدى اسرائيل 5000 سيارة مدرعة‏

-نظام صاروخي ارض جو متكامل‏

غواصات بحرية‏

ومن القوات البرية لديها حوالي 145000 جندي نظامي و حوالي 500000 احتياطي‏

ومن خلال ما تقدم أتساءل كما يتساءل كل مواطن عربي ما هو المبرر الاستراتيجي والأخلاقي لهذا الدعم الأمريكي غير المحدود , وهل يمكن أن تفسر لنا أمريكا الأسباب التي ترسل بموجبها صواريخها الذكية والغبية لتقتل الأطفال والنساء والشيوخ ?. وهل يمكنهم أن يقنعوا أحداً بأن هذه الحرب الوحشية التدميرية التي لا تستثني بشراً ولا حجراً تشن من أجل جنديين أسيرين?.‏

لقد جاء الجواب واضحاً مع بداية العدوان عبر تصريح كوندوليزا رايس وزيرة الخارجية الأمريكية بأن الهدف هو شرق أوسط جديد على القياس الأمريكي وبالأدوات الإسرائيلية ,‏

فمنذ أكثر من نصف قرن تمارس إسرائيل عربدتها عبر الحروب الكبيرة التي شنتها على العرب بالأسلحة الأمريكية المتطورة و حققت بعض الانتصارات على الأرض بتفوقها العسكري فتلجأ إلى قتل المدنيين و الأطفال و الشيوخ فهم جبناء... يضربون أهدافهم من مسافات بعيدة يحرقون الأخضر و اليابس وهم بعيدون عن الأهداف التي يدمرونها-من بوارجهم في عرض البحر ومن طائراتهم ومن فوق طبريا يقصفون الأهداف و ما أهدافهم ? هي قتل الأطفال و النساء و الشيوخ...من يقاتل اليوم هم الأمريكان, ضد مسنين وأطفال وشيوخ و منظر انتشال جثث الأطفال لا يحرك لهم ساكنا وهم ليسوا معنيين بالإنسانية والإنسانية بنظرهم لا تتعداهم- و التلذذ بالقتل لاسيما قتل الأطفال النساء و الشيوخ وتدمير الجسور و المشافي و سيارات الإسعاف كلها من شيمهم -إنها حرب تدمير شاملة لا تستثني أحداً -أن عملهم اليوم هو تجسيد حقيقي لعمليات الهولوكوست التي يزعمون أن العالم مارسها ضدهم .‏

* أين حضارة العالم و أين الديمقراطية‏

* أين هي القوى الكبرى و المنظمات الإنسانية‏

* أين هم الأصدقاء و أبناء القضية أين هي الأمة العربية النائمة الذين يسمون تحرير الجنوب مغامرة و ضرب حيفا و يافا و عكا‏

الحق معهم فقد اعتدنا أن نضرب و أن تّهدم منازلنا فوق رؤوس أطفالنا ورأينا كيف كانوا يدخلون إلى الفردان و الحمرا و الشياح و كيف قتلوا كمال ناصر عدوان و النجار وغيرهما , لكنهم الآن أمام معادلة مختلفة تماماً , فشجاعة المقاومين أرعبتهم و قهرتهم وهزمتهم-و أستطيع أن أقول اليوم و بكل فخر و اعتزاز أنها المرة الأولى منذ عام 1948 التي يواجهون فيها جبنهم و الرعب يسري في عروقهم كما الموت , وعندما أصبح المقاوم يتحداهم تركوا أشلاء جنودهم للغربان تنعق فوق هزيمتهم,يقاتلون بالسلاح الأمريكي المتطور, يضربون أهدافهم من مسافات بعيدة و معتمدين على التغطية الأمريكية التي يملكونها يتجنبون الحرب وجها لوجه,بينما يعتمد المقاوم على إيمانه بالوطن بالأرض بعدالة قضيته ومصداقيتها ومصمم على تحرير وطنه بالدم ,فهي اللغة الوحيدة التي تفهمها إسرائيل , و على إسرائيل و أمريكا أن يدركا أن حزب الله هو شعب و يقف معه كل العالم العربي و الإسلامي و الدولي حتى إذا ما أراد البعض تسمية ما يقوم به مغامرة .‏

عتاب بسيط لمن أباح لنفسه وصف هذا العمل المقاوم بأنه مغامرة فهذا يعني أن تحرير الجنوب عام 2000 كان مغامرة , والدفاع عن الوطن مغامرة أيضاً .‏

يتباهى أولمرت اليوم بأن بعض الدول العربية تقف إلى جانبه ويقول علنا إن هذه الحرب هي من أهم الحروب لأن معظم الدول العربية تقف إلى جانبه , وأقول بدوري إن هذه حرب الأمة التي تفخر بالانتصارات التي حققتها المقاومة , و لتعلم إسرائيل والعالم كله أن شروط السلام قد تتغير و أن شعبنا لا يؤمن بالسلام مع قتله الأطفال و النساء و الشيوخ فإسرائيل جسم غريب في قلب الأمة العربية ولا يمكن التعايش معها وشعبنا العربي من محيطه إلى خليجه وصل إلى هذه القناعة ولا تعايش مع القتلة الصهاينة وما أعطي لهم بالأمس قد لا يعطى إياه اليوم و السلام الذي قدم لهم مرارا على طبق من ذهب لم يحلموا به.‏

إن المقاومة اللبنانية ليست وحدها هي هدف هذه الحرب الوحشية التي هجّرت أكثر من مليون مواطن من بيوتهم وقراهم و مدنهم بعد تدمير أسباب التواصل و الانتقال,فإسرائيل وجهت صواريخها إلى الجيش اللبناني ايضا والى الكنائس و دور العبادة والى ميناء بيروت وطرابلس وجونيه ,أنها تريد استيلاد دولة تابعة لها-لكنها لم ولن تنجح فالشعب اللبناني كله مقاوم وكله مدافع عن أرضه ووطنه وكلهم حزب الله,بضع آلاف من المقاتلين المؤمنين وأصحاب العزيمة أذلوا الاحتلال و هو اليوم في حالة ضياع كامل بالرغم من وقوف العالم معهم. ولا يهم أن يقف العالم معهم لكن المؤلم أن يقف بعض الأشقاء يتفرجون أو يلومون و يصفون تحرير الأرض ومقاتلة العدو في العمق بالمغامرة , ولكنني أقول أن المقاومة بصمودها الأسطوري وتصديها الملحمي لجحافل العدو ودكها لمعاقله على امتداد الجبهة وفي عمق الكيان الغاصب قد أنتجت الحقائق التالية :‏

* لقد سقط المشروع الأمريكي في المنطقة وهزم المروجون له والمنفذون الذين أدركوا جيدا كما أدرك العالم كله أن انف إسرائيل و أمريكا مرغا بتراب مارون الراس و بنت جبيل و عيتا الشعب و غيرها من القرى الجنوبية التي احتضنت الأبطال فأعزتهم و خلدوها.‏

* لقد سقطت نظرية الأمن الإسرائيلية التي تعتمد على قوة الجيش الذي كان يشن حروبه في أرض الآخرين وينشر دماره فيها بينما يتمتع الغاصبون بالأمان , فهل تستطيع إسرائيل أن تقنع الآن مستوطناً أ ومشروع مهاجرٍ بأنها قادرة على حمايته بعد أن طالت صواريخ المقاومة معظم كيانها الغاصب .‏

* لقد سقطت نظرية التفوق العسكري بامتلاك الأسلحة الحديثة من بوارج وطائرات ودبابات وصواريخ موجهة , بعد أن قام عدد قليل من المجاهدين المزودين بأسلحة بسيطة والمؤمنين بقضيتهم بهزيمة أقوى جيوش المنطقة المدعوم من القوة العظمى في العالم .‏

وهنا أحب أن ألفت نظرالأخوة الأشقاء الذين يركبون القطار الخطأ أن ما تسعى إليه أمريكا اليوم و معها إسرائيل من خلال محاولة نزع سلاح المقاومة هو إضعاف لبنان العربي المقاوم وإلحاقه بالفلك الإسرائيلي كما كان مقررا له في اتفاق 17 أيار جديد .‏

إنهم يريدون تغيير الشرق الأوسط على طريقتهم ويريدون أن يكون لبنان حجراً في المشروع الأمريكي الاسرائيلي .‏

إن الشروط و الإملاءات التي رشحت إلينا لا تفضي في حال الرضوخ لها إلا إلى الاستعمار المقنع و سلب لبنان إرادته و قوته وسيادته و انتمائه العربي و الوطني .‏

إن لبنان اليوم صامد سياسيا بصمود مقاومته الباسلة ,وإن بعض القوى الكبرى التي تريد قطف ثمار هذا العدوان على حساب لبنان و تمشيها مع رغبات إسرائيلية و مخططات لها في الظلام لن يكتب لها النجاح فالمقاومة صامدة و الشعب اللبناني والعربي بأكمله يقف وقفه صادقة خلف هذه المقاومة الباسلة.‏

لقد أثبتت إسرائيل خلال هذه الحرب ما كنا نعرفه جيدا عن لاأخلاقية الجندي الإسرائيلي و عن الضابط الإسرائيلي و عن السياسي الإسرائيلي المهووس بالقتل الشامل دون تمييز .هؤلاء جميعا لا يكترثون إطلاقا بقتل الأطفال و تهديم منازلهم فوق رؤوسهم وعدم السماح بانتشال جثثهم ليعطوا فكرة للعالم عن عدم إنسانيتهم و عن قدرتهم على التدمير الكامل معتمدين على سلاح بوش المتطور و المقدم إليهم بهدف تدمير المقاومة فلا يجوز بعرفهم أن يبقى في الوطن العربي مواطن يرفع رأسه و يقول على المعتدي أن ينسحب من الأرض التي احتلها و على الجميع أن يوافقوا ويسكتوا عن الاحتلال.لقد علمتنا إسرائيل أنها لا تفهم إلا لغة القوة و كلمة السلام ليست في قاموسها‏

وهنا أحب أن أقول إن شعبنا العربي بكامله وبغض النظر عن حكوماته سيتحول إلى مقاومة فهي اللغة التي تفهمها إسرائيل .‏

و نحن في سورية إذا كانت إسرائيل تظن بأننا سنتركها تحتل الجولان إلى الأبد فهي مخطئة و سيتحول شعبنا إلى جانب جيشه إلى مقاومة كما في لبنان نقاتل من اجل تحرير الجولان تحت أي ظروف , إن السلام لا يمكن الوصول إليه بالعنجهية وإسكات صوت الحق ,على إسرائيل أن تضع في اعتبارها أن لا حل إن لم يكن شاملا لمشكلة الصراع العربي و الإسرائيلي, وإن انتشار القوى المتعددة الجنسيات على الحدود لن يحل المشكلة بل سيزيدها تعقيداً ,وإن مشروع القرار الأمريكي الفرنسي يأتي ضد مصلحة لبنان ويسلخ جزءاً من أرضه ويعطي الضوء الأخضر لإسرائيل أن تفعل ماتريد ,وهنا أؤكد أن للمقاومة الحق أن تقوم بعملياتها طالما بقي جندي واحد على أرض لبنان .‏

إن هناك فرقا ًكبيراً بين وقف الأعمال الحربية ووقف إطلاق النار , وإن الهدف من هذا القرار هو خلق فتنة داخلية في لبنان.‏

إن القرار يتحدث عن ترتيبات أمنية ومنطقة معزولة من السلاح وهذا يعني إلغاء اتفاقية الهدنة لعام 1949.‏

إن عبارة قوات دولية مفوضة من الأمم المتحدة يعني أنها ليست بإمرة الأمم المتحدة وستخضع للفصل السابع من ميثاق الأمم المتحدة ولها الحق باستخدام القوة , ولا يتضمن القرار عودة إسرائيل إلى خلف الخط الأزرق وإلى الوضع الذي كان قبل 12 تموز .‏

وبالنسبة لاجتماع وزراء خارجية الدول العربية الذي عقد في بيروت أمس الأول أرى أن هذا الاجتماع على درجة من الأهمية بالرغم من أنه جاء متأخراً جداً.‏

إننا ندعم الحل الذي يراه اللبنانيون ونوافق على البنود السبعة التي وافقت عليها الحكومة اللبنانية.‏

إننا في سورية لن نسمح لإسرائيل أن تحقق مكاسب سياسية عجزت عن تحقيقها في ميدان القتال , وسورية كما هي دوماً تدعم لبنان بشكل مطلق ولن تثنيها عن ذلك بعض التعليقات غير المسؤولة , ونقول للقلة التي أرادت رجم ضيوف لبنان كان الأحرى بهم أن يرجموا من جاء إليهم بالقنابل الذكية والتدمير والخراب وقتل الأطفال ,كان عليهم على الأقل أن يقولوا خيرا او يصمتوا...‏

ختاماً أقول أن على الجميع أن يدرك أن الحل يكمن في البحث عن جذور المشكلة و أسبابها في احتلال العدو الصهيوني للاراضي العربية المغتصبة وأن حل مشكلة الجنوب وحدها لا تعالج كامل القضية و عليه فإننا نرى ان الحل يجب ان يكون شاملا و يتضمن الاتي:‏

1. وقف فوري لإطلاق النار.‏

2. الانسحاب من جميع الأراضي العربية المحتلة بما فيها الجولان ومزارع شبعا والأراضي الفلسطينية والعودة إلى حدود 4حزيران 1967.‏

3. إقامة الدولة الفلسطينية وعاصمتها القدس على كامل التراب الفلسطيني.‏

4. عودة اللاجئين إلى ديارهم وعودة حقوقهم كاملة .‏

عندها فقط نستطيع القول إننا أمام شرق أوسط حقيقي تغيب عنه الحروب ويسوده العدل وتنتفي فيه كل أسباب النزاع وتتفرغ شعوبه للتنمية والازدهار .‏

إضافة تعليق
الأسم :
البريد الإلكتروني :
نص التعليق:
 

 

E - mail: admin@thawra.sy

| الثورة | | الموقف الرياضي | | الجماهير | | الوحدة | | العروبة | | الفداء | | الصفحة الرئيسية | | الفرات |

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية