ومثل هذا القرار الشجاع يتماشى مع قناعة زعيم عالمي على هذا المستوى لابدّ أن يوازي تأثير الصفعة على وجوه العديد من القادة والزعماء أصحاب القرار في بلادهم, عرباً كانوا أم أجانب ينتمون إلى دول منظمة المؤتمر الاسلامي ودول منظومة عدم الانحياز.
في حديثه إلى محطة الجزيرة الفضائية منذ أيام, أشار رئيس فنزويلا هوغو تشافيز إلى أنه خلال حوار كان يجريه مع مسؤول عربي سمع منه ما مفاده أنه بات متشائماً بالنسبة لمستقبل القومية العربية بسبب ما يحدث في المنطقة.
وكان تعقيب الرئيس كالتالي: لكن أنا متفائل
وبرّر سبب تفاؤله قائلاً بالحرف: لأن صوت ناصر ما زال موجوداً, أنا كنت ضابطاً في الجيش في زمن ناصر.
ولا أعتقد أن أحداً من قراء هذه السطور, يمكنه التنكر لتلك الحقبة من تاريخ الأمة العربية وليس تاريخ مصر فحسب, وما شاهده على مساحة الخارطة العربية من المحيط إلى الخليج. تلك الحقبة كانت حقبة استنهاض لأبناء الأمة العربية كي يستعيدوا ما خسروه من مواقع وحقوق خلال قرون من إخضاعهم للقهر والاستعمار ومحاولات طمس الهوية ومحو التاريخ.
وإذ يذكرنا الرئيس تشافيز بما نمتلك من مقومات الصمود في مواجهة الغزو الصهيوني وحلفاء إسرائيل ولانستخدمه كما يجب, يحزّ في نفوسنا أن نجد بعضاً من العرب ينسون الأمس, القريب منه والبعيد على حد سواء, وما جمال عبد الناصر في اعتقادي سوى النجم الذي أضاء سماء العروبة في خمسينات وستينات القرن الماضي, بين النجوم العديدة التي سبقت واهتدت بأنوارها قوافل الأبطال والشهداء من أبناء الأمة العربية على مدى التاريخ, إلى أن أصبح بيننا اليوم من بدأ يشعر باليأس على غرار من أشار إليه الرئيس تشافيز الذي وصف نفسه, وفي ذات الوقت بأنه ناصري!
ومن استمع إليه قبل أيام وهو على شاشة تلفزيون الجزيرة, يستطيع الحكم عليه وعلى أمثاله سواء ممن يؤمنون بقوّة شعوبهم, أو ممن خذلوا ويخذلون شعوبهم في أدق اللحظات التي سيتحدد من خلال نتائجها, مستقبل دولهم بجميع شرائحها وأطيافها.
إننا نقدر للرئيس هوغو تشافيز ملاحظته هذه, التي تصبّ في النهج الذي تلتزم به سورية حالياً, مع العديد القليل جداً من الدول العربية, وهو النهج الذي لابد أن يضع حداً لعنجهية قادة إسرائيل اليوم, أبناء وأحفاد مجرمي الأمس من زعماء العصابات الذين ارتكبوا المجازر على نحو مايرتكبه مجرمو اليوم, بتدميرهم للبنى التحتية في لبنان وقتل الأبرياء من سكان المدن والبلدات والقرى العزل من السلاح, بحجة ملاحقة مقاتلي حزب الله, وبين من يتعرضون للقتل أطفال رضّع ونساء وشيوخ.
إنها النازية الجديدة التي تدعي بنقاء العرق ولاتحسن قراءة تاريخ الحرب العالمية الثانية, حيث دفن هتلر في مخبئه, كما سيدفنون هم أنفسهم, لأنه خسر نفسه ولم يربح العالم.
DR-Louka @ maktoob-com