وهو ما يجعل هذه الأطعمة عرضه للفساد والتلوث في رحلتها الطويلة من المزرعة إلى طاولة الطعام بالاضافة إلى أن إنسان العصر الحديث يعتمد في غذائه اليومي بقدر أو بآخر على طعام خضع للمعالجة بطريقة صناعية وأضيفت اليه مواد كيميائية أو انتقصت منه عناصر غذائية في مرحلة ما من تصنيعه.
هذه الظروف الحديثة مجتمعة نتج عنها ازدياد هائل في الأمراض المنقولة مع الغذاء فعلى الرغم من أن هذه الأمراض تواجدت منذ قديم الأزل وعانى منها اسلافنا إلى حد كبير فإن تضافر العوامل والظروف التي ينتج فيها الغذاء حاليا ثم ينقل ثم يصنع ثم يحفظ ويحضر جعل من هذه الأمراض احدى أهم مجموعات الأمراض التي تصيب افراد المجتمع البشري حاليا..
وبوجه عام تحدث الاصابة بهذه الأمراض نتيجة تناول طعام ملوث بالبكتيريا أو بسمومها أو بالفيروسات أو بالطفيليات أو بالمبيدات الحشرية أو بالعقاقير والمواد الكيميائية أو نتيجة تناول بعض السموم الطبيعية كفطر عش الغراب السام..
وايضا ينتج تلوث الطعام بسبب عدم اتباع الاجراءات السليمة عند انتاج الاطعمة او اثناء تحضيرها وتخزينها وبسبب طبيعة وكيفية انتقال هذه الأمراض تعتبر الوقاية الأولية هي خط الدفاع الاساسي والأكثر فعالية في منع انتشارها..
هذه الوقاية يقع عاتقها على كل من الجهات الحكومية وعلى الأفراد من خلال سلوكهم في التعامل مع الأطعمة وتتمثل مسؤولية الجهات الحكومية وهي الجزء الأكبر من المسؤولية في النص على ارشادات وتعليمات واضحة ومحددة عند انتاج ونقل وتصنيع وتحضير وتخزين الغذاء بجميع انواعه على أن توجه تلك التعليمات إلى المزارع وشركات النقل ومصانع الغذاء والمطاعم ولكل من له علاقة بالسلسلة الغذائية برمتها.
وبالطبع لا يمكن لهذه التعليمات والارشادات ان تكون ذات فعالية تذكر دون ان تصاحب بنظام تفتيش ورقابة عالي الفعالية والكفاءة مدعوم بالسلطة القانونية القادرة على التغريم المالي و السجن احيانا للمخالفين.
ومن اهم تلك الاجراءات ربما كانت تلك المطبقة بشكل واسع في العالم الغربي والمعروفة بالقدرة على اقتفاء اثر المنتج التي تعني ترقيم المنتج الغذائي النهائي بشكل يمكن الجهات الحكومية من اقتفاء اثره من نقطة انتاجه إلى تصنيعه إلى تخزينه إلى تحضيره واحيانا حتى يمكن العودة الى الحيوان الذي تم الحصول على المنتج منه بالاضافة إلى التاريخ الطبي لهذا الحيوان وبقية أفراد القطيع المجاور له.
هذا النظام يمكن الجهات الحكومية من البحث والتحري بدقة للوصول إلى النقطة او المرحلة التي حدث فيها التلوث او انتقل منها المرض إلى المنتج الغذائي وبالتالي العمل على اصلاح الخطأ وفي الوقت نفسه سحب جميع المنتجات الغذائية الاخرى التي مرت بالنقطة أو المرحلة ذاتها خلال نفس الفترة الزمنية.
وهذه الدقة المتناهية والسرعة البالغة في اقتفاء الاثر تضمن من خلالها الجهات الحكومية ألا تتحول اصابة فرد أو قلة من الاشخاص إلى وباء يعم قطاعا اوسع من افراد المجتمع ويوقع عددا اكبر من الضحايا.
ولن يمكننا هنا استعراض جميع الاجراءات الواجب اتباعها والقوانين المفترض تطبيقها للحفاظ على سلامة الاطمعة وإن كان جديرا بالذكر هنا ضرورة الالتزام بما يعرف بالسلسلة الباردة وهو الحفاظ دائما على درجة حرارة معينة لبعض الاطعمة من نقطة البداية إلى نقطة النهاية.
وهذا الشرط الأخير يقع جزء من تطبيقه على عاتق المستخدم النهائي في المنزل أيضا حيث يجب الحفاظ على الكثير من الأطعمة داخل الثلاجات المنزلية طوال الوقت,مع التأكد من فعالية التبريد داخل الثلاجة من حين الى آخر.وتمتد المسؤولية الفردية لتشمل ضرورة غسل اليدين قبل تحضير ا لطعام وقبل الأكل,والحفاظ على المطبخ في حالة نظيفة قدر الإمكان وغسل الفواكه والخضراوات بماء حار والتأكد من تاريخ صلاحية عبوات الاغذية قبل استخدامها ,ويكفي للدلالة على أهمية هذه الارشادات والنصائح ان نتذكر ان الآلاف من البشر يفقدون حياتهم سنويا بسبب ان شخصا ما في مرحلة ما في تعامله مع الطعام يجهل هذه النصائح أو قرر تجاهلها.
عن مجلة ( العلم والحياة)