تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر
طباعةحفظ


أهمية الإعلام البيئي

آراء
الخميس 14-6-2012
د. هزوان الوز

لا تأتي أهمية الإعلام البيئي في كونه عنصراً أساسياً في بناء الوعي البيئي ونشر مفهوم التنمية المستدامة فحسب، بل إن أهميته تكمن حالياً في نشر ثقافة الكوارث والوعي بها، وبناء قدرات التكيف لدى الإنسان لمواجهتها مواجهة عقلانية. فمع التغيرات المناخية لم تعد أي دولة آمنة من الكوارث الطبيعية.

لذلك تزداد حاجة المجتمعات إلى الإعلام البيئي يوماً بعد يوم. وهذه الحاجة ملحة ومستمرة ومتجددة، وتزداد إلحاحاً عند ظهور مشكلة بيئية مثل التلوث وانتشار الأوبئة والآفات الزراعية وانسكابات النفط في البحار.‏

فحضور الإعلام البيئي، خلافاً لما يعتقد معظم الناس، يتجاوز إثارة الموضوعات المتعلقة بأكوام النفايات ومجاري الصرف الصحي والبناء العشوائي، إلى مجالات الحياة كلها. فهو معني بكل الأحداث المعاصرة التي تتمثل في التلوث بجميع أشكاله، في البراري والبحار والأنهار والغابات، حيث يوجد التنوع الأحيائي Biodiversity، وفي المصانع والمزارع (مصدر التلوث)، وفي المدارس والجامعات (مراكز البحث العلمي)، وكذلك في المستشفيات (التي تنتج نفايات طبية). كما أن له دوراً بارزاً في تنشيط السياحة البيئية والترويج لها محلياً وعالمياً.‏

وقد خلصت إحدى دراسات البنك الدولي المنجزة مؤخراً حول مخاطر الكوارث الطبيعية، إلى أن هناك عدداً من الدول العربية معرضة أكثر للأخطار الطبيعية. وقد صنفت هذه البلدان بالمناطق الساخنة، ما يقتضي بذل جهد أكبر لدرء هذه المخاطر عبر إجراءات احترازية تساهم فيها كل الجهات ذات العلاقة من مؤسسات حكومية، ومعاهد البحث العلمي، ورجال الإعلام، ومنظمات المجتمع المدني، إضافة إلى المنظمات المختصة، مثل الشبكة العالمية للحد من الكوارث (ISDR). لذا وجب على الدول العربية أن تضع خططاً لتكييف النمط المعيشي مع التغيرات المناخية، ودعم الإعلام البيئي ليساهم بشكل فعال في نشر ثقافة التكيف في المجتمع.‏

يهدف الإعلام البيئي إلى تنمية القدرات البيئية وحمايتها بما يتحقق معه تكيف وظيفي سليم اجتماعياً وحيوياً للمواطنين، ينتج عنه ترشيد السلوك البيئي في تعامل الإنسان مع محيطه وتحضيره للمشاركة بمشروعات حماية البيئة والمحافظة على الموارد البيئية. كما يهدف الإعلام البيئي إلى تنمية الوعي والمسؤولية البيئية لدى الجمهور والمسؤولين وتوجيه سلوكهم وأنشطتهم للوصول إلى حال من الوعي الكامل بالقضايا البيئية، ما يؤدي إلى تغيير في نمط حياة المجتمع وسلوكياته الضارة بالبيئة والطبيعة، ومن ثم التعامل بتلقائية وعفوية وإحساس معهما. وكذلك إعطاء الأهمية الكافية لدور الإعلام البيئي في الإنذار المبكر، ورصد حدوث أي خلل بيئي، وتحريكه للرأي العام، وإسهامه في إصدار التشريعات الإيجابية التي تخص البيئة.‏

إن قضية الحفاظ على البيئة من التلوث يجب أن تلامس وتخاطب كل الناس الذين من الممكن أن يتنامى لديهم الوعي البيئي، من خلال عدة وسائل وأساليب، أهمها:‏

أولاً: ضرورة إيجاد إعلام بيئي متخصص يستند إلى العلم والمعرفة والمعلومات، ويتطلب إيجاد المحرر الإعلامي المتخصص تخصصاً دقيقاً بالبيئة.‏

ثانياً: ضرورة وجود مناهج دراسية للإعلام البيئي، سواء في الجامعات أم في دورات وورش عمل ترعاها وزارة البيئة، أو منظمات المجتمع المدني، كما بالإمكان الإعلان عن جائزة سنوية للإعلاميين البيئيين عن أفضل أعمال في الإعلام المقروء والمسموع والمرئي لتشجيع الإعلاميين على الخوض في هذا المجال.‏

ثالثاً: الإسهام الإعلامي في إيجاد وعي وطني بيئي يحدد السلوك، ويتعامل مع البيئة في مختلف القطاعات.‏

رابعاً: أهمية تعاون جميع الوزارات والمؤسسات والهيئات في معالجة المشكلات البيئية، وبالإمكان الاستفادة من التجارب العالمية في هذا المجال، وضرورة المشاركة في المنتديات والمؤتمرات الدولية في مجال البيئة، والاستفادة من النقاشات والتوصيات التي تنتج عنها.‏

خامساً: تعاون مراكز المعلومات البيئية لتزويد وسائل الإعلام المختلفة بالمعلومات الضرورية، فضلاً عن آخر الدراسات والنشاطات الاقليمية والدولية، والتعاون مع الجمعيات غير الحكومية ذات الصلة بالشأن البيئي، ووضع خطة تعاون مشترك لمواكبة نشاطاتها، خصوصاً تلك التي تتطلب حملات توعية للعمل الشعبي التطوعي والاهتمام بالبيئة المشيدة، كالآثار التاريخية والحضارية وغيرها مما ينبغي الحفاظ عليه في مجال التراث الحضاري والإنساني.‏

سادساً: ضرورة وجود لجنة عليا للإعلام البيئي لرسم السياسات والخطط والبرامج، وتنظيم حملات إعلامية بيئية للمواضيع المهمة الطارئة، أو ذات الأولوية بالتعاون مع الجهات المعنية.‏

إن تبني القضية البيئية التنموية في المؤسسات الإعلامية تأتي في العادة من قناعات صانعي ومتخذي القرار، المبنية أساساً على التوعية البيئية السليمة وبعد النظر والإدراك بالمسؤولية الاجتماعية والوطنية، حيث تأتي قضية تبني المؤسسات الإعلامية للقضية البيئية، ومتطلبات التنمية المستدامة كرسالة إعلامية واجبة تقتضيها المصلحة العامة، كأحد أهم ركائز الإعلام البيئي التنموي.‏

إضافة تعليق
الأسم :
البريد الإلكتروني :
نص التعليق:
 

 

E - mail: admin@thawra.sy

| الثورة | | الموقف الرياضي | | الجماهير | | الوحدة | | العروبة | | الفداء | | الصفحة الرئيسية | | الفرات |

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية