هي الثمرة الطيبة و الغاية الاساسية والرئيسة التي يجب ان تكون من وراء جلسات وملتقيات الحوار التي يجتمع تحت جناحيها جميع السوريين بكافة اطيافهم وألوانهم السياسية والحزبية .
لكن تلك الغاية النبيلة التي تبدو الاسمى في هذه المرحلة الصعبة التي تمر بها سورية تبدو في كثير من الاحيان غائبة او مغيبة عن عقول وقلوب البعض الكثير من يبسطون اوراقهم وشروطهم مسبقا على طاولة الحوار، تلك الشروط التي تقزمهم لتبدو اكبر منهم بكثير بسبب سطحيتها وسذاجتها تارة وبسبب جلدها المفرط لذاكرة السوريين التي تختزن جل تاريخهم المتخم بالملاحم البطولية و الانتصارات .
فالبعض لايزال يفهم الحوار على انه الغوص في اعماق الطرف الاخر وتحديدا الاسن منه لاصطياد سقطاته وهناته وعثراته ، ربما يكون هذا الفهم صحيحا ولكن في حالة واحدة هو عندما يكون الحوار حالة من الترف والبذخ والرفاهية التي لايحتاجها المجتمع في بعض مراحله ، لكن هذا الفهم قد يصبح خاطئا وساذجا عندما يصبح الحوار ضرورة ملحة وحتمية وخيار وحيد واخير لابناء الوطن ، ما يملي ويفرض على جميع المحاورين دون استثناء الغوص في تلك الاعماق لا لاصطياد سقطات وعثرات بعضنا البعض بل لالتقاط كل ما يجمعنا ويقربنا من حضن الوطن الدافئ فأعماقنا ورغم كل خيباتنا وعثراتنا لاتزال تفيض بالانتصارات والملاحم والبطولات التي صنعها يوما ما السوريون بدمائهم وتضحياتهم .
ومن هذا المنطلق فانه يصبح لزاما على البعض اعادة رصف افكارهم التي لاتزال تجتاحها رياح السموم القادمة من مجاهيل الذاكرة المظلمة بما يتناسب مع المرحلة العصيبة التي تمر بها سورية التي هي بأمس الحاجة اليوم الى سمو ابنائها على الجراح والاحزان والاخطاء والعثرات ..فلنجلس ونتحاور بصدق، لكن علينا قبل ذلك ان نقتل ذلك الشيطان الذي لايزال يتسكع في ذاكرتنا وقد أغواه الرقص على جراحنا، حتى يتسنى لنا ان نمسح دموع بعضنا البعض ونلتقي مجددا في حضن الوطن .