تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر
طباعةحفظ


شطب الأسماء العربية ...حلقة جديدة في مسلسل التهويد

شؤون سياسية
الأثنين 14-3-2011م
حسن حسن

ثمة دلالات عميقة وخطيرة تكمن خلف قرار «إسرائيل» إلغاء الأسماء العربية للشوارع والمدن والبلدان الفلسطينية داخل الأراضي المحتلة عام 1948م ، واستبدالها بأسماء عبرية ، دلالات تتجاوز استبدال لغة بلغة أخرى ، لتلامس عصب الوجود الفلسطيني ممثلاً بقضيته الوطنية ،وذاكرته التاريخية .

نحن أمام حلقة جديدة في مسلسل تهويد فلسطين، وفرض يهودية الدولة على الجغرافيا والتاريخ والذاكرة الفلسطينية لمصلحة البعد الأسطوري للمشروع الصهيوني.‏

يقول مؤرخ النكبة وليد الخالدي : إن التصريح الذي صدر عن حكومة نتنياهو بإعلان القدس عاصمة موحدة ، ليس أكثر من حلقة في سلسلة طويلة تعود إلى مطلع القرن التاسع عشر ، ففي عام 1828م باشر الضابط البريطاني اليهودي موشيه مونتغيوري في إقامة أول مستعمرة في القدس عبر خداع السلطات العثمانية ، و الادعاء أنه سيبني مستشفى، واستمر البناء في قلب القدس من 1839 م حتى 1859 بحجة إيواء فقراء يهود . ومع صدور وعد بلفور ودخول القوات البريطانية القدس في 11 كانون الأول 1917 باشرت الصهيونية في محاصرة القدس وإلغاء طابعها الفلسطيني المسلم والمسيحي ،ولتثبيت هذا المخطط قامت الشرطة الاسرائيلية عام 1967م أي عام الاحتلال بمصادرة سجلات تاريخية ودينية يعود تاريخها إلى أكثر من خمسمئة سنة ، وبين المواد المسروقة وثائق رسمية لبيع وشراء أراض يملكها فلسطينيون في القدس وتتضمن أيضاً وثائق ملكية الوقف الاسلامي ، وعقود الزواج والطلاق المسجلة . وذكر في حينه أن الهدف من وراء مصادرتها الاستيلاء على البيوت في الحي الإسلامي بالتحديد ،والذي يعتبره اليهود حيهم القديم، أي الحي المؤدي إلى حائط البراق حيث يقع منزل شارون.‏

ومع أن كل البيوت في الحي الإسلامي تعود ملكيتها إلى دائرة الأوقاف ، فالاحتلال الاسرائيلي صنفها أماكن أثرية لايجوز ترميمها أو استئجارها من جانب العرب ..‏

بعد محو مئات القرى الفلسطينية من الخريطة بهدف إلغاء صورها من الذاكرة الجماعية ، وصلت عملية التفتيت إلى حد إطلاق أسماء عبرية على أسماء المدن والقرى العربية . وذلك أن القرار الأخير الذي أصدرته سلطات الاحتلال الإسرائيلي ، يقضي بضرورة استخدام أسماء عبرية مكان أسماء تاريخية عربية انسجاماً مع موجة التحول التي يطلقها حزب ( الليكود) ، ويقول الصحفي أسعد تلحمي إن بلدته الناصرة أصبحت « نتسرات» والقدس «يروشلايم» ويافا صارت « يافو» وشفاعمر استبدلت بـ « شفارعام» ، والغاية من كل هذا إلغاء فلسطين وسكانها وأسماء بلداتها وشوارعها ...وكل مايذكر العالم بهذا الوطن قبل عام 1948م .‏

وفي الكتاب الذي صدر مؤخراً تحت عنوان « التطهير العرقي في فلسطين» للمؤرخ إيلان بابي ، مايؤكد تطبيق نظرية التنظيف العرقي والعنصري في فلسطين على نحو مشابه للأعمال الوحشية التي عارضها مانديلا في جنوب إفريقيا.‏

«إسرائيل» تشعر أنها في سباق مع الزمن ،ولذلك فهي تحاول إلى أقصى حد استثمار الخلل الراهن في ميزان القوى لمصلحة مشروعها التهويدي ، وتعمل على تكريس وقائع خاصة تستبعد أي تغييرات في هذا الميزان ، وفرض سياسة الأمر الواقع على أي طاولة مفاوضات ، إضافة إلى أن مشروعها الأصلي الذي يقوم على الإحلال التام وإلغاء الهوية الفلسطينية من خلال محاصرة فلسطينيي 1948م،وسحب البساط التاريخي من تحت أقدامهم ، تمهيداً لترجمة شعار «يهودية اسرائيل» إلى واقع جديد لا وجود فيه لفلسطينيين ولأسماء فلسطينية ، باعتبار أن هذه الأسماء تمثل جسر الذاكرة الوطنية بين الأجيال المتعاقبة .‏

وعليه ، نحن لسنا أمام سياسة جديدة ،بل أمام حلقات في مسلسل وتجليات عملية لتوجه سياسي وخط عملي بدأ مع انطلاق المشروع الصهيوني ، خط يتصاعد بشكل حلزوني مدماكي بحيث يؤسس الخطاب الاعلامي للبناء عليه إعلامياً ، ثم البناء على ما يتم بناؤه مدماكاً آخر ، وصولاً إلى طرد ما تبقى من فلسطينيين صامدين في وطنهم، ولعل تصريح الحكومة الإسرائيلية الذي يطالب السلطة الفلسطينية بنسيان حق العودة يندرج في هذا الإطار .‏

إضافة تعليق
الأسم :
البريد الإلكتروني :
نص التعليق:
 

 

E - mail: admin@thawra.sy

| الثورة | | الموقف الرياضي | | الجماهير | | الوحدة | | العروبة | | الفداء | | الصفحة الرئيسية | | الفرات |

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية