دوما إلى الولد الذكر ويعتبره السند القوي في هذه الحياة ومكانته مرموقة في أسرته فإن معظم الأهالي يعاملون ابنهم الذكر معاملة مميزة ومختلفة
وخاصة إذا كان وحيدا لأهله فمنهم من يجعل منه
إنساناً اتكالياً وغير مبالٍ وضعيف الشخصية بسبب شدة الاهتمام به، ومنهم من يجعلوه إنساناً يتحمل المسؤولية ويُعتمد عليه ويكون عضواً نافعاً في أسرته.
ولمناقشة هذا الموضوع التقينا مجموعة من الأهالي والأبناء الذين يعيشون تلك الحالة لنعلم كيف يكون التعامل بينهم وبين أبنائهم، وماهي المشكلات والأعباء التي تعترضهم،وهل للذكر الوحيد مزايا يتمتع بها، وهل يجوز تمييزه عن أخواته الفتيات، كل هذه الأسئلة بحثنا لها عن إجابات في هذا التحقيق:
الدلال عادة سيئة
يعتقد بعض الآباء والأمهات أنهم إذا اهتموا بأولادهم بشكل مبالغ به ولبّوا لهم كل متطلباتهم واحتياجاتهم وأطاعوهم دائما فإن هذا التصرف باعتقادهم تصرف سليم ويدل على محبتهم وخوفهم الشديد عليهم، هكذا بدأت السيدة عبير حديثها وكانت تبدو على وجهها علامات الندم لأنها عانت ومازالت تعاني من ابنها الوحيد الذي ربته كل شبر بندر وقامت بتدليله كثيرا إلى أن تحول هذا الدلال إلى ردة فعل عكسية وأن خوفها ودلالها الزائد له أعطى نتائج سلبية لم تكن تتوقعها ,وتضيف عبير:إن ابني المدلل والذي يبلغ من العمر (15)عاما أصبح إنساناً أنانياً يحب السيطرة على كل من حوله وأجده أحيانا انطوائيا على نفسه ومتقلب المزاج ولاأستطيع الاعتماد عليه بشكل كامل لأنه لايقدر على تحمل المسؤولية وأشعر بأنه مستهتر ولايعطي قيمة لأي شيء فإذا أحضرت له شيئا ما ولم يعجبه يرميه ويغضب مني وأنا في الحقيقة لم أعد قادرة على إعادة تربيته لأنه اعتاد على هذا الوضع وكما يقول المثل من شبّ على شيء شاب عليه وإنني أنصح كل الأهالي بأن يتعاملوا مع أبنائهم بقليل من الحزم حتى لايعانوا كما أعاني الآن .
تدخل الأهل
قد يكون ارتباط الفتاة بشاب وحيد لأهله نقمة بدلا من نعمة ,وخصوصا إذا كان ذلك الشاب أول فرحة أهله أي الولد البكر أو كان آخر العنقود ورزق به والداه بعد عدة فتيات فإنه سيكون له وضع خاص جدا لدى أبويه ومن شدة تعلقهما به قد يؤثر هذا الأمر على حياته الشخصية أي بعد أن يتزوج ويستقل عنهما فقد لايتقبلا فكرة بُعد ابنهما عنهما وهنا يقع عبء كبير على وحيدهما الذي يحاول إرضاء والديه من جهة وإطاعتهما على كل شيء حتى ولو كان ذلك على حساب حياته الشخصية ومن جهة أخرى قد يواجه مشكلات مع زوجته التي قد لاتتأقلم مع تدخل عائلته في حياتهما، وهذه المشكلة التي تعاني منها يمنى (30)عاماً والمتزوجة من ابن وحيد لأهله والتي روت لنا حكايتها معه وأنها على وشك الطلاق بعد أن يئست من وجود الحلول لوضعها مع عائلة زوجها الذين يتدخلون بكل شاردة وواردة وقالت: وافقت على العيش في شقة مجاورة لأهل زوجي بعد أن أكدوا لي بأنها ستكون مريحة لنا جدا ولكن مع مرور الأيام فوجئت بتدخلهم الزائد في حياتي وبشكل لامنطقي وأنهم يطالبوني بالتخلي عن خصوصياتي وعلاقاتي الإجتماعية غير عبارات التعليق على تصرفاتي التي تسمعني إياها حماتي دائما وحتى أنهم يتدخلون في طريقة تربية أبنائي وزوجي للأسف لايفهمني فهو مدلل أهله ويسمع كل كلامهم ولايخالفهم أبداً حتى ولو كانوا على خطأ فأشعر بأنه إنسان ضعيف الشخصية أمامهم وليس لديه قرار حاسم لحل هذا الإشكال وكل ما أقوله له أن تدخل أهله في حياتنا يسبب المشاكل لنا، يصرخ في وجهي ويقول بأن أهله أدرى بمصلحته ولن يخربون بيت ابنهم وأنهم يدلوه على الشيء الصحيح وأن كل ماأقوله لأنني منزعجة من السكن قرب أهله وبعدي عن أهلي ,إلى أن تفاقمت المشاكل بيننا ووصلنا إلى المحكمة بسبب عدم تفهمه لي ولأنه طوع أهله دائما وأنا الآن في حيرة من أمري.
تحمل المسؤولية
إن الأهل الذين يتمتعون بقدر عال من الوعي هم الذين يدربون طفلهم على تحمل المسؤولية ويساعدونه في ذلك ولايشعروه بأنه مازال صغيرا أو أنهم يخافون عليه كثيرا بل يشجعوه على الاعتماد على الذات لكي ينجح في مواجهة الصعاب التي تواجهه و لكي يظهر براعة في ذلك وهذا يدفعه إلى تحقيق المزيد من الجهد والثقة بالنفس حتى يصل إلى أفضل حل يراه مناسبا لمشكلته ,وإذا تعود الطفل على تحمل المسؤولية فهذا سيساعده كي يكون سندا ومعينا لأسرته في المستقبل، وعلى هذا المبدأ نشأ أيمن (40)عاما وهو الذكر الوحيد لوالديه ولديه أربعة أخوة فتيات وإن أباه لم يميزه يوماً عن أخواته وكان دائما يعاملهم معاملة واحدة ويقول أيمن :إن والدي كان يأخذني معه في العطلة الصيفية إلى المحل الذي يعمل به ويعلمني أن الحياة فيها صعوبات ولايوجد شيء يأتي من دون تعب وان علي أن أجتهد حتى أحصل على ماأريد وأنني مسؤول عن أخوتي وعليّ أن أرعاهم وأحميهم وأكون لهم خير سند في الحياة وبالفعل والدي أعطاني شيئاً ثميناً بهذه النصائح وجعلني لاأحتاج لأحد وأكون قادراً على تحمل المسؤولية.
رأي مختص
التقينا المرشدة النفسية السيدة كريستينا النبهان والتي تحدثت عن كيفية التعامل مع الذكر الوحيد وكيف نجعل منه إنساناً مسؤولاً وغير اتكالي وله شخصيته المستقلة وكيف نهتم به كونه وحيدا حيث قالت:إن اتباع طرق سليمة وأساليب صحيحة من قبل الأهالي في تربية ابنهم الذكر الوحيد له تأثير كبير على نشأته وهذه الطرق تظهر عندما يتوفر لدى الوالدين عدة عوامل منها :مستوى الثقافة الذي يتمتعان به ,وطبيعة علاقتهما ببعضهما,واستقرارهما العائلي,وعدم وجود خلافات بينهما تؤثر على نمو طفليهما النفسي,والتعامل معه بشكل عادي جدا دون أن نظهر له مبالغة في الحماية والخوف الشديد ,أن لا نترك عنده انطباع أن الذكر مميز أكثر من الأنثى لأن ذلك يجعل لديه اعتقاداً أنه يستطيع إلقاء الأوامر على أخواته الفتيات والتحكم بهن وأن عليهن تنفيذ كل أوامره ويجب أن نعلمه أن ماينطبق على أخواته ينطبق عليه فإن كل تلك العوامل تساعد في تربية الذكر الوحيد بأسوب إيجابي وإذا كان لدى الولد الوحيد مشكلات فهي ناتجة حتما من معاملة أبويه اللذين قد بالغا في تدليله واستجابا لكل رغباته فنحن عندما نحرم أطفالنا من بعض الحاجيات ليس معناه أننا نقسو عليهم ونسيء معاملتهم لابل لأننا نقصد أن ننشئهم تنشئة صحيحة لأن الدلال المفرط للطفل سواء كان ذكراً أم أنثى يجعله إنساناً ضعيف الشخصية ولايثق بنفسه وحتى الآخرون لايثقون به ولايتحمل المسؤولية ويعتمد على غيره وغير قادر على أن يكون مستقلا ويشعر بأنه بحاجة دائمة لأبويه وهذا يؤدي إلى أن بعض الأهالي يصبحون أيضا غير قادرين عن التخلي عن ابنهم ويستمر ذلك الوضع حتى بعد زواجه ويتدخلون في حياته واختيار شريكة عمره ويخلف هذا التعلق القوي نتائج لاتحمد عقباها ويصبح الابن غير قادر على الاستقلال وعدم اكتمال نموه النفسي والاجتماعي لذلك يجب عدم المبالغة في تدليل الذكر حتى لو كان وحيدا وأن نعرفه بأن عليه حقوقاً وواجبات حتى نتيح له أن ينمو جسديا ونفسيا واجتماعيا بشكل طبيعي وأنه قادر على أن يكون إنساناً مسؤولاً بالمستقبل وأن نعتني به عناية سليمة ومتوازنة ونحاول أن نغير من عاداتنا الشرقية التي تفضل دوما الذكر على الأنثى.