وبينما كانت السيدة كونداليزا رايس تغادر الأراضي المحتلة, وهي تكرر أن ( النشاط الاستيطاني لابد من أن يتوقف) أعلنت حكومة أولمرت عن بناء 600 وحدة سكنية جديدة في مستوطنة (ببسغارت زئيف) في الضفة الغربية.
وبات واضحاً الفشل الذريع في مباحثات السلطة الفلسطينية ورئيس حكومة الكيان الصهيوني على هذا الصعيد حيث الكلام عسل والفعل أسل, الأمر الذي يبدو بوضوح أن العالم عاجز عن خلق حركة تجبر الكيان الصهيوني على عدم استغلال الوقت لتحقيق المزيد من مخططاته, بتغطية أمريكية وغيرها ..! وإلا ما تفسير ما يجري من تجاهل الغرب للقرارات الدولية بشأن فلسطين ومسألة حقوق الإنسان وقضية مدينة القدس المفتوحة الخالية من العنصرية والانغلاق وقيام دولة فلسطينية قابلة للحياة?.
لقد أثبتت السنون أن إسرائيل لا تحتاج إلى سلام إنما إلى مناورات عسكرية وتحضيرات لحروب مستقبلية ومزيد من المستوطنات لاستقبال المزيد من الصهاينة.وأن المبادرة العربية للسلام مع إسرائيل وخارطة الطريق مع الفلسطينيين وأنا بوليس - لا تعني لحكومة العدو إلا المزيد من إضاعة الوقت لتنفيذ المزيد من المخططات الاستيطانية وقضم الأراضي الفلسطينية وتهجير ما تبقى من العرب الفلسطينيين إلى خارج الدولة اليهودية المنتظرة, وقد أوضح أولمرت صراحة أمام وزيرة الخارجية الأمريكية أن بلاده (ستواصل البناء الاستيطاني في القدس, وفي الكتل الكبرى في الضفة الغربية والتي ستبقى حسب قول أولمرت تحت السيادة الإسرائيلية في نطاق أية تسوية محتملة في المستقبل.
وقد وعد نائب رئيس حكومة الكيان الصهيوني المستوطنين المتدينين (الحرديم) في مستوطنة (بيتار عيليت) بأن تسمح الحكومة لهم قريباً ببناء مئات الوحدات السكنية الجديدة, وقد قرر (مجلس المستوطنات في الضفة) مواصلة البناء, دون الحصول حتى على تراخيص رسمية.
وفي الوقت الذي شنت فيه حكومة العدو حملة إعلامية واسعة النطاق على العرب من البدو ,واصفة هؤلاء بأنهم (مجرمون متعدون على الأراضي ويجب أن يخرجوا منها) تواصل وتتابع هدم آلاف المنازل في النقب لطرد العرب من البدو وتهويد المنطقة, محاولة بذلك تهجير البدو من أراضيهم وحشرهم في تجمعات أقيمت وتحولت إلى بؤر للفقر والجوع والبطالة, وكل ذلك بحجة وتحت شعار التنمية الشاملة.
وحتى السواتر الترابية التي وعدت السيدة رايس بإزالتها في الضفة الغربية لم ينفذ أي شيء منها, ومع صدور (إعلان دمشق) وتأكيد وقوف العرب إلى جانب إخوتهم عرب فلسطين في مقاومة الاحتلال, إلا أن الاستيطان مستمر وليست هناك من آلية عند العرب لوقفه.
ومع استمرار اللقاءات بين الوفد الفلسطيني ووزيرة الخارجية الصهيونية والتي بلغت /50 لقاء/ يستمر الاستيطان بالتوازي مع المفاوضات.
ولا تزال الدول ترسل الموفدين ورجال الوساطات, لعل إسرائيل تبدل في نهجها الاستيطاني والإجرامي لكن الواقع شيء, وما يقال شيء آخر.
وقد خطط اليمين الصهيوني المتطرف, مدعوماً من الحكومة لاحتلال خمسة رؤوس جبال لبناء عشرات البؤر الاستيطانية عليها, ويقود هذه الحملة المسعورة لاغتصاب التلال جنود سابقون في الجيش الصهيوني, بحيث يصعب اقتلاعهم, حيث يعتبرون أن هذا حق لهم في أرض إسرائيل لا يخضع لأي قوانين دنيوية, إنما هو هبة من الله تعترف بها كل الأديان.
ويتنافس حزب كاديما وحزب العمل على تبني مواقف اليمين عبر التهديدات الحربية, واقتلاع الفلسطينيين, وتنكيد حياتهم بالحواجز والجدران والاغتيالات,ويدرك أن النشاط الاستيطاني في القدس غير مسبوق منذ عشر سنين, وضرب أولمرت بخارطة الطريق ومؤتمر أنا بوليس عرض الحائط واستجاب لضغوط حركة »شاس) والحركات الدينية الأخرى.
وتحاول الدعاية الصهيونية ترويج شعار صهيوني دائم وهو »أكثر عدد من العرب على أقل مساحة من الأرض), من هنا تنمية سياسة الهدم والتشريد والاستيلاء على الأرض, وفي هذا السياق, برز مخطط لتحويل بعض المستوطنات إلى مدن يهودية حديدية وبناء /22/ ألف وحدة سكنية تضم أكثر من 140 ألف يهودي في قلب التجمع السكاني العربي.
وهكذا يكتفي الأمريكيون بالتصريحات التي تدعي معارضة حركة الاستيطان, متناسين »خارطة الطريق), مشيحين الوجه عن مخطط إسرائيل , للهيمنة على جغرافية فلسطين.