كانت أفضل بكثير مما وصفته وسائل الإعلام مشيرة إلى أن ثمة العديد من الفرص التي تمكن الجانبين من تنفيذ قرارات أنابوليس والتوصل إلى اتفاق في نهاية عام .2008
مؤخراً قدمت رايس إلى المنطقة للوقوف على ما يمكن تحقيقه من نتائج الزيارة التي يزمع بوش القيام بها للقدس تحسباً من عودته إلى واشنطن خالي الوفاض.
لقد دأبت وزيرة الخارجية الأميركية على عدم المشاركة بالمفاوضات وجعلت دورها يقتصر على تلقي التقارير من الجانبين فيما يتعلق بالمحادثات الجارية بشأن الحدود واللاجئين والقدس, لكن تقديم تلك التقارير يتعارض مع ما تم الاتفاق عليه بين رئيس الحكومة وشاس التي تؤكد على ضرورة استبعاد القدس من أي مفاوضات وإلا انسحبت من الحكومة.
إن وزيرة خارجية الدولة العظمى في العالم لا تتعامل ما يصدر من أقوال لذلك عبرت عن غضبها عندما طلبت من وزير الدفاع ايهود باراك إعطاء توجيهاته لاتخاذ خطوات تسهل الحياة اليومية للسكان في الضفة الغربية.
لكنها بهذا المطلب مكنت وزير الدفاع الإسرائيلي التملص من وعد سبق وأن قطعه بتفكيك 50 حاجزاً من أصل 500 حاجز ترابي وطرقي واسمنتي علماً بأن إبعاد المسلحين عن الداخل الإسرائيلي لا يحتاج إلى أكثر من اثني عشر حاجزاً,أما الحواجز الأخرى المقامة فلم تنشأ إلا لحماية المستوطنات التي شكل إنشاؤها إحراجاً للموقف الرسمي الأميركي, وكذلك الأمر بالنسبة لنقاط المراقبة التي تتعارض مع القانون الذي فرضته (إسرائىل) على الأراضي.
كتب فريدريك هوف بأنه في شهر نيسان عام 2001 إثر تقديم السناتور جورج ميتشل تقريره إلى وزارة الخارجية أجرى اتصالاً هاتفياً مع وزير الخارجية آنذاك كولن باول مبيناً له أن توصيات التقرير التي تقوم على وقف العنف وبناء الثقة بين الجانبين وتجميد المستوطنات والعودة للمفاوضات السياسية لن تأخذ مسارها نحو التنفيذ في ضوء فقدان الثقة بين الجانبين ولن يحصل أي اتفاق إلا إذا قادت الولايات المتحدة تلك العمليات وألزمت كافة الأطراف بتنفيذها وأشار هوف بالقول: إنه لو بذلت الولايات المتحدة جهدها لتطبيق التوصيات الواردة بتقرير جورج ميتشل لكان من الممكن تفادي التدهور الحاصل في البلاد وإعادة الجانبين إلى طاولة المفاوضات ثم استطرد يقول: (لسوء الحظ لقد توصلت إلى نتيجة مفادها بأنه ليس لدى الإدارة الأميركية أي نية لمساعدة الطرفين في تطبيق توصيات التقرير,أما الرباعية فقد أبدت تأييدها لخارطة الطريق وطلبت من الجانبين تطبيقها).
سبق للرئيس السابق للولايات المتحدة بيل كلينتون أن دعا الإسرائيليين والفلسطينيين إلى اجتماع في كامب ديفيد, ووضع بتصرفهم مسودة مفصلة لاتفاق دون أن يطلب منهما الالتزام بها, أما الرئيس الأميركي جورج دبليو بوش فقد أصبح متخصصاً بإلقاء الخطابات الاستعراضية, لذلك شبه هوف خارطة الطريق المقدمة من الولايات المتحدة مثلما وصف به تشرسل موسوليني بأنه له (شهية مفتوحة دون أن يكون له أسنان).
أكد كل من رئيس الحكومة الإسرائيلية ايهود أولمرت ورئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس التزامهما بحل مشاكل الدولتين,وعلى اتفاقية المبادئ لكن الواقع أظهر تلكؤهما في التنفيذ تحاشياً من المعارضة التي تجابه إجراء تسوية سياسية, الأمر الذي سيفضي إلى إسقاط إحدى الحكومتين, وبالتالي توقف المفاوضات.
ليس من الصعوبة بمكان حصول أي من الطرفين على تأييد داخلي لاتفاق سلام تلعب الولايات المتحدة دوراً فعالاً في التحضير له, إذ عندما يرغب بوش بفرض نفوذه (كما حدث في العراق)لا يحتاج إلى إبداء أعذار واهية من قبيل رفض التدخل في الشؤون الداخلية للبلاد الأخرى, إذ لا يطلب منها في هذه الحالة إرسال جنودها والمخاطرة بأرواحهم في أسواق نابلس أو تلال الخليل وكل ما يطلب منها هو استخدام نفوذها بالضغط على (إسرائيل) لإزالة بعض حواجز الطرق من الضفة الغربية.
إن كل ما يطلب من الرئيس الأميركي يقتصر على تنفيذ رؤيته حول معاهدة السلام.