|
سورية أقوى مما نظن! يديعوت أحرونوت وبذات الوقت انبرى أحد الوزراء محذراً سورية من مغبة توجيه أية ضربة مفاجئة لاسرائيل. إن تلك التصريحات التي يطلقها المسؤولون ليست في واقعها سوى اعتداد متناه بالنفس,ولإعطاء انطباع لدى الآخرين بأن اسرائيل لا تخشى من سورية,ولديها القوة الرادعة التي تمكنها من مجابهتها,وتجعلها تتحسب من أي هجوم قد تعمد إليه. وهنا نتساءل فيما إذا كانت حقيقة الأمور كما وصفها القادة? إننا على ثقة بأن لدى اسرائيل تفوقاً عسكرياً في المنطقة يمكنها من الدفاع بعنف ضد سورية في حال حدوث مواجهة بينهما,لكن الأمور لا تؤخذ بتلك السذاجة,إذ لا بد من مراعاة بعض النواحي,وأخذها بالحسبان لما لها من نتائج سلبية على اسرائيل,وخاصة ما يمكن أن تلحقه تأثيراتها بالمدنيين من أضرار متوقعة في ضوء ما تقوم به سورية من تصنيع واستيراد الكثير من الصواريخ والقذائف ذات المدى البعيد ,التي إذا ما استخدمت فإنها ستؤدي إلى إلحاق أذى بالمدنيين الاسرائيليين ,قد يفوق بأضعاف الأضرار التي ألحقتها قذائف حزب الله في عام .2006 إذ إن أخطار تلك المقذوفات لا تقتصر على مداها فحسب,وإنما بما تحمله من رؤوس حربية ذات حجوم كبيرة,ويمكن أن تحدث أضراراً فادحة في المواقع التي تصل إليها,وما علينا في هذا السياق سوى أن نستذكر الحرب مع حزب الله عندما سقطت قذيفة في ميناء حيفا,وأودت بحياة 8مدنيين,وذلك لا يمثل سوى ضرر طفيف إذا ما قيس بالأضرار التي ستلحقها المئات من الصواريخ والقذائف التي ستطلق من سورية على مواقع اسرائيلية. لا شك بأن لدى اسرائيل القدرة على إلحاق الأذى بالمدنيين السوريين ,لكننا دولة متحضرة تلتزم بقوانين الحرب والقانون الدولي والمبادىء الأخلاقية,لذلك دأبنا على الإحجام عن رمي القذائف على المدنيين,وخاصة في المناطق المكتظة بالسكان ,وسورية على معرفة تامة بتلك الحقيقة. السكوت من ذهب: من خلال الحرب على لبنان أصبح الجميع على ثقة تامة بالتزامنا بضبط النفس ,وقدرتنا على تحديد القذائف التي نطلقها في كل يوم,الأمر الذي أفسح المجال للطرف الآخر بالادعاء بتفوقه,وتمكنه من إيقاع الكثير من الإصابات,وضرب الروح المعنوية للمدنيين ,وإضعاف قدرات المؤسسات الحكومية,في مجابهة هذا الواقع,وتقويض قوتنا الرادعة,وزعزعة موقف اسرائيل الدولي,ذلك الاعتقاد الذي قد يشجع سورية على القيام بتوجيه ضربة إلى اسرائيل ,على غرار ما قيل من إلحاق أضرار جمة بها جراء تلك الحرب. وفي كل الأحوال ليست ثمة مصلحة لاسرائيل بمهاجمة سورية أو حزب الله,بل من مصلحتها تجنب القيام بأي عمل استفزازي أو تصرف خاطىء يمكن أن يقود إلى نزاع في الحدود الشمالية.ذلك ما ينبغي عليها فعله في السنوات الثلاث القادمة,الأمر الذي يتعين به على القادة الاسرائيليين الامتناع عن إطلاق التهديدات والتبجح بالإمكانيات والقدرات العسكرية الاسرائيلية ,التي قد تعود إلى حرب لا تحقق بها المصلحة الاسرائيلية,وقد يكون من نتائجها إظهار التفوق العسكري السوري. لدينا عوائق يتعين علينا تجاوزها ووضعها نصب أعيننا,وأخذها باعتبارنا,ويجب أن نؤمن بأن أي تفوق سوري لن يكون لأمد طويل ,إذ إن الأمر يتعلق بتطوير أنظمتنا الدفاعية التي يمكن بموجبها صد القذائف والصواريخ,وربما حتى قذائف الهاون أيضاً,ولا شك بأن تلك الأنظمة الدفاعية ستخفف بشكل كبير الأضرار المحتملة التي تقع على قواتنا وعلى المدنيين,وعندها سيميل ميزان القوى لصالح اسرائيل وإلى حين تطوير تلك الأنظمة الدفاعية, علينا التزام الصمت انسجاماً مع مقولة السكوت من ذهب.
|