كذبتا السلام والأمن
هآرتس- عن النص الإنكليزي ترجمة الأربعاء 23/4/2008 ترجمة: ريما الرفاعي ثمة مفارقة غريبة بين زعيم من اليمين يعتقد أنه إذا واصلت إسرائيل الاحتفاظ بالضفة الغربية وقطاع غزة, فإن الدولة اليهودية ستكون في خطر, وبين زعيم من اليسار, يزعم أنه إذا ما كفت إسرائيل عن الاحتفاظ بتلك المناطق, فإن حياة اليهود ستكون في خطر.
هذا الزعيم يقترح الوصول إلى حل سريع للنزاع,من خلال مفاوضات مع حركة فتح, وذاك يفضل إدارة النزاع خلال زمن طويل من خلال الصراع العسكري مع حركة حماس. وفي الحقيقة أن الجدل بين إيهود اولمرت وإيهود باراك غير ذي صلة بالواقع. واقتراب رئيس الوزراء من الحل السياسي يماثل بعد وزير الدفاع عن الحل العسكري. وفي خطابه أمام مؤتمر آنابوليس في تشرين الثاني العام الماضي وعد أولمرت أن تجري إسرائيل في الفترة المقبلة مفاوضات حثيثة ولن تتهرب من المفاوضات, بما في ذلك المشكلات الجوهرية, أي الحدود والقدس..! لكن كيف يستقيم هذا الوعد مع التصديق مثلاً على بناء 48 وحدة سكنية في مستوطنة ارئيل? وأغلب الظن أن الفريق الفلسطيني المفاوض لم يتخل عن (إصبع ارئيل) الذي يتغلغل عميقاً في الضفة الغربية. ولو افترضنا جدلاً أن محمود عباس وافق , كما يزعم أولمرت, على تأجيل البحث في القدس إلى نهاية الطريق.. فهل وافق أيضاً على أن تكثف إسرائيل البناء الاستيطاني في شرقي المدينة? أي أن تجدد الحفريات تحت باب المغاربة ,وأن تضع البنى التحتية لمستوطنة جديدة في (ايه 1)? تقرير جديد لجمعية (عير عميم) يفصل خطوات أخرى أحادية الجانب , تضعضع الوضع الراهن في القدس ,وتعرقل الجهود لإيجاد تسوية معقولة في المدينة. إذا كان أولمرت, كما يزعم باراك, يسعى إلى مخاطبة الشعب وفي حوزته وثيقة عامة, تؤجل خريطة التسوية الدائمة إلى وقت أفضل, فإنه غداة الانتخابات ,سيكون بوسعه أن يعلق هذه الوثيقة على الحائط. وإذا ما دفع الرئيس محمود عباس للتوقيع على ورقة أخرى مجردة, فإنه حين يتصل أولمرت بمقر المقاطعة في رام الله, فسوف يجد إسماعيل هنية هناك, أثر التدهور الذي سيكون قد طرأ على وضع أبو مازن منذ تعليق كل آماله بأولمرت. وقد جاء في مقال لكاتب الرأي هاني المصري في الصحيفة الفلسطينية المقربة من السلطة الفلسطينية ( الأيام) تعليقاً على المفاوضات بين السلطة وإسرائيل) لا توجد استراتيجية وطنية,و لا قيادة فاعلة, ولا إطار واضح للمفاوضات, ولا توجد ضمانات أو مشاركة دولية, أو توقف للاستيطان, ولم يتحقق حتى الآن أي إنجاز, وإسرائيل لم تعط شيئاً.الصحفي البراغماتي لا يكتفي بالنقد اللاذع, فهو يطالب أبو مازن بأن يطور خيارات أخرى للمسيرة السياسية وأن يعيد التفكير بخيار المقاومة (الكفاح المسلح) ذلك أن الاحتلال سينصرف عندما تكون خسائره أكبر من مكاسبه, واليوم لا توجد لنا سياسة يمكنها أن تؤدي إلى ذلك. ونقدم هذا المقال لعناية رئيس المخابرات يوفال ديسكن, الذي قال في تقويم الوضع السنوي الذي قدمه للحكومة:إنه لا يتوقع انتفاضة فلسطينية ثالثة: ويجدر بأولئك الذين يقترحون تأجيل حل النزاع إلى موعد غير معروف أن يطلعوا على الاستطلاع الأخير لمعهد (ترومن ) في الجامعة العبرية ومركز د. خليل الشقاقي وسيجدون أن 84% من الفلسطينين يؤيدون العملية في مدرسة ( مركز هراف) و64 % منهم يؤيدون استمرار نار الصواريخ والعمليات (الانتحارية). ولكنهم سيجدون هناك أيضاً أن اثنين من كل ثلاثة فلسطينين يؤيدون مبادرة السلام العربية التي تدعو إلى الاعتراف بإسرائيل وتطبيع العلاقات معها,مقابل انسحاب من كل المناطق التي احتلت عام 1967 ( وبالمقابل, فإن 57 % من الإسرائيليين يرفضون ذلك و59 % يعارضون إعادة الجولان في تسوية سلمية مع سورية ). وفي القمة العربية التي عقدت في دمشق , ربطت الدول العربية للمرة الأولى بين استمرار هذه المبادرة المهمة والتقدم في المسيرة السياسية.إن مسألة ما الذي يسبق , السلام أم الأمن, والتي يدعي كل من باراك واولمرت أنها النقطة التي يتركز عليها الجدل بينهما, تذكرنا بمسألة من نحب أكثر, أمنا أم أبانا? سلام بلا أمن هو كذبة. أمن بلا سلام هو هراء.
|