ومن بين ما استرعى انتباه الباحثين ما سمي تلفزيون الواقع وقد توقف نصر الدين العياضي وهو باحث جزائري عند هذا النوع من البرامج, ففي دراسة صدرت عن مركز دراسات الوحدة العربية وتحت عنوان : ثورة الصورة ..المشهد الإعلامي وفضاء الواقع يتناول في هذه الدراسة مجموعة باحثين قضايا على غاية من الأهمية تخص الإعلام العربي, وأكثرها حساسية ما أشرنا إليه تلفزيون الواقع.
التباس المفهوم
تعرف عادة برامج تلفزيون الواقع بأنها نوع تلفزيوني يجسد عبر التصوير الحي أشخاصاً نكرة أومعروفين باللحظة ذاتها التي يكونون في أوضاع مختلفة سواء أكانت معدة مسبقاً وفق سيناريو جاهز أولا, ويبث التصوير تلفزيونياً كاملاً بشكل مباشر أو مسجل, وهذه المادة التلفزيونية تتضمن أنواعاً عديدة منها النمط اللهوي أو اللعبي والمسابقات والنمط الوثائقي والدرامي والاستعراضي وحسب الباحثين في هذا المجال فهذه البرامج تعمل ضمن مقولة تسعى إلى الانتقال من مشاهير الشعب إلى شعب المشاهير.
وعلى سبيل المثال تقوم قناة MBC2 ببث حلقات من البرنامج الأميركي المشهور ( اوبراشو ) الذي يتناول قضايا مختلفة, اغتصاب جنسي, زنا المحارم, تحرش وشذوذ, العنف الأسري, نظام الحمية الغذائي, بعض الأمراض الوهمية (الفوبيا) وتلقى هذه القناة دعماً في بث البرنامج لسببين الأول: أن البرنامج يقدم باللغة الإنكليزية على الرغم من الترجمة إلى العربية, والثاني: لأنه يستقطب شريحة من الشباب الذين لاينتمون إلى البيئة الثقافية التي تبث هذه القناة منها وإليها.
بين الرفض والقبول
مازال تلفزيون الواقع مثارجدل فثمة مواقف رافضة له ولاسيما بعد أن عرضت بعض الفضائيات العربية برامج في هذا لاتجاه مثل ستار أكاديمي أو غيره والرافضون يرون أن هذه البرامج تختصر اهتمامات المشاهد العربي إلى ماهو مبتذل وسخيف في الحياة, وتنميه على حساب ماهو جوهري ومصيري في حياة المواطن العربي وتعد هذه البرامج أرضية للمؤامرة التي تحاك للقضاء على القيم, ويرى باحثون أنها تأتي في إطار أمركة العالم من خلال نشر البرامج الأميركية وماتبثه.
أما الاتجاه الثاني الذي يتقبل هذه البرامج فيرى أنها تتيح الاندماج في المشهد الثقافي الكوني ومن الأجدى القبول بها في المجال الثقافي الذي شرعن الترفيه وأعطاها شعبية والدليل على ذلك المكالمات الهاتفية والرسائل القصيرة التي يرسلها المشاهدون المشاركون في هذه البرامج, ويذهب البعض إلى أنها - هذه البرامج- ضرورية لإنقاذ المنطقة العربية من تخلفها ورجعيتها لأنها تعتبرنمط حياة ورؤية للعالم ومعركة حداثة.
ولابد من الإشارة إلى أن برامج تلفزيون الواقع لاتباع كمنتج تلفزيوني نهائي جاهز للبث في أي قناة تلفزيونية بل تباع كفكرة وقالب ولهذا تعددت أشكالها وألوانها.
ويقدم الباحث مثالاً على ذلك برنامج الحلقة الأضعف وستار أكاديمي وسوبر ستار وهي برامج ممسوخة عن البرنامج الأميركي( بوب ايدول).
وخلاصة القول إن: تلفزيون الواقع حاله كحال الفضاء فوضى عارمة وطوفان غير منظم وربما ينطبق عليه القول ما أحلى الشهرة ولو كنت من خلال الفضيحة, أوبصيغة ثانية ما أجمل الإمارة ولو على كوم حجارة.