وما عناه العالم اليوناني نيكالوس لا يجانب الحقيقة التاريخية التي تؤكد أن سورية هي أرض الجذور بالفعل لا بالقول ,وأنها الأرض العريقة في التاريخ البشري وإلى حد الاعتراف بأن الحضارة اليونانية ذاتها بدأت من مدينة تدمر السورية قبل نحو خمسة آلاف سنة على حد قول عالم الآثار اليوناني المذكور .
وبطبيعة الحال فإن هذا القول وإن يكن يعزز العلاقات الحضارية بين البلدين سورية واليونان على الأصعدة المختلفة ,فإن ذلك لا يعفينا من الاعتراف بأننا ما زلنا ,في سورية ,مقصرين إلى حد ما في البحث عن الجذور التاريخية لحضارات دول أخرى .ففي سورية ,كما هو معروف ,آلاف المواقع الأثرية ,التي تدل على مكانة الأرض السورية لدى علماء الآثار وتستدعي ,بالتالي ,حراستها والعناية بها.
إن العالم اليوناني نيكالوس ,بقوله إن أهل بلده يشعرون بأن في أرض سورية تكمن جذروهم التاريخية ,لا يخرج عن إطار الاعتراف بقول المؤرخ الفرنسي أندريه بارو حول هذه الحقيقة .فسورية أرض كل الحضارات التي وجدت على مدى التاريخ البشري ,ومن هنا إقبال البعثات التي تجد فيها -سواء ماكان منها بادياً للعيان أو مازال مطموراً تحت الأرض -غايتها العلمية .
ولأن الجهود المبذولة في هذا المضمار ,هدف أصحابها خدمة العلم والحقائق التاريخية ,فإن أحدهم لا يتوانى عن إعلان عزمه على تكرار متابعة الجهد ,بين الحين والآخر .ولهذا جاء تصريح عالم الآثار اليوناني المذكور أن جامعة سالونيك التي ينتمي إليها سوف ترسل في وقت قريب بعثة علمية للتنقيب الأثري في موقع أوغاريت الأثري في محافظة اللاذقية وذلك بالتعاون مع المديرية العامة للآثار والمتاحف في سورية .
وفي مثل هذه الخطوة ,التي تكمل أو تترافق مع خطوات عالمية مماثلة تكتسب سورية وبجدارة ,الوصف القائل بأنها عبارة عن متحف في العراء الطلق ,وقلما تماثلها مدن أخرى في العالم ,كونها الأقدم بينها من حيث استمرار الحياة فيها منذ أن كانت على وجه الأرض .
ومما لا شك فيه أن حجم اهتمام علماء الآثار بما لدينا من آثار ,ساهم بمقدار ,ما في توعيتنا نحن أبناء البلد ,تجاه أهمية وقيمة كنوزنا القابلة لأن تكون بين البراهين الساطعة على سمو حضارتنا وعلى دور هذه الحضارة في رفد العالم بالمعرفة ,في أزمنة قديمة ووسطى على حد سواء وإلى حد بات اليوم واضحاً كل الوضوح مع انفتاح دول العالم بعضها على البعض الآخر , عبر انتشار وسائل الإعلام المرئي منها على وجه التحديد .
ولا أريد التذكير هنا بما أقدمت عليه السلطات الفرنسية ,خلال ربع قرن من سنوات الاستعمار الفرنسي لسورية , من سرقة آثارنا النادرة ونقلها إلى متاحف فرنسا ,لأن العودة إلى سجل هذه السرقة تحتاج إلى وقفات عديدة وإلى كلمات تتعدى قدرة مئات الصفحات على استيعابها .
DR- LOUKA-@maktoob.com