بادئ ذي بدء يجب أن ننوه إلى أن الانقسام الفلسطيني نتيجة - أو ثمرة - وهو ليس سبباً في الحاصل على الساحة الوطنية الفلسطينية من ضعف وتشابك من المتضادات التي تعيق خلق حالة صحية تتيح الحركة الجادة نحو الوحدة .
ولأن الانقسام نتيجة فعلينا البحث في حال بحثنا الجاد لإنهائه من جذوره وأسبابه . لايختلف فلسطينيان على أن سبب الانقسام يعود إلى وجود انقسام في الاستراتيجية الخاصة بمواجهة تحديات الاحتلال لتحقيق الهدف المركزي الفلسطيني - العربي وهو تحرير فلسطين - بدءاً بتحرير الأراضي المحتلة منذ حرب 1967 ،إنفاذ قرار حق العودة - القرار الدولي (194) لعام 1948 .
وبالتالي يعود الانقسام إلى الموافقة على السيرفي اتجاه لا يلبي متطلبات إعادة الحقوق الوطنية الفلسطينية - أي الحقوق العربية في فلسطين . اقصد اتفاقية (اوسلو) التي ثار عليها الشعب الفلسطيني في الانتفاضة الثانية عام 2000 - والمترافقة أيضاً بالرفض الصهيوني - الأميركي- للمبادرة العربية للسلام - وأيضاً في قمع الانتفاضة - وفي إعادةاحتلال الضفة الغربية بالكامل والشروع الجنوني في الاستيطان في عموم الأراضي الفلسطينية المحتلة - حتى أن الوتيرة ازدادت بعد قرار خروج المحتلين من القطاع وإعادة نشر قواتهم بحيث تحاصر أهلنا في القطاع .
الإجهاز على الميزات التي قيل إنها مترافقة ولاحقة لاتفاقية أوسلو كانت بالانقلاب على نتيجة الانتخابات الفلسطينية وفوز حركة حماس . وبالتالي جاء الفرز الواضح بين موقفين:
الأول : يقبل بما يمن عليه المحتل والإدارة الأميركية بأي ثمن - ومن ذلك السعي لحماية أمن المحتلين ومطاردة وتصفية الفصائل والمقاتلين الفلسطينيين ومصادرة أسلحتهم وسجنهم - بدعوى (اقتراف جرائم ضد الأمن وتهديد السلطة - وليس تهديد أمن المحتلين الصهاينة) .
الثاني: الرافض للتنازل عن الثوابت الوطنية - (التحرير وحق العودة وتقرير المصير وإقامة الدولة المستقلة وعاصمتها القدس والإفراج عن أسرانا جميعهم ) الاتجاهان تمثلا بالجغرافية على نحو مثير : الأول - في الضفة الغربية - رام الله باسم السلطة الفلسطينية . والثاني : في القطاع باسم الحكومة التي أقالها رئيس السلطة - رئيس منظمة التحرير ، ورئيس حركة فتح . ولم تنجح محاولات الاتفاق - وإن بمداخلات عربية - نجحت الإدارة الأميركية بتقوية أواصر الصلة التفاوضيةبين سلطة رام الله والكيان المحتل ... بما أوصل المفاوض (الفلسطيني إلى كثير من التنازلات عن الحقوق الوطنية الثابتة ، وفي الوقت عينه استمرار تهويد القدس وبناء المستوطنات إلى درجة أن المستوطنين تكاثروا من (150) ألفاً قبل أوسلو ليصبحوا أكثر من نصف مليون في ظل المفاوضات العبثية .
الآن هناك تجاوب على ما يبدو في التحرك من رام الله - ولكن ليس للحوار والتفاوض والتفاهم مع القطاع كما أوضحت مبادرة السيد رئيس السلطة - بل لتشكيل حكومة من المستقلين (الوطنيين) مهمتها الإشراف على إجراء انتخابات تشريعية ورئاسية ، وانتخابات للمجلس الوطني الفلسطيني . لنلاحظ أن (المبادرة) تتجاهل أن (منظمة التحرير الفلسطينية) في شكلها الراهن ناقصة ولم تعد تمثل (كل ألوان الطيف الفلسطيني وطموحات الشعب الفلسطيني - خاصة في ظل التخلص من أهم بنود الميثاق الوطني الفلسطيني وفي رأسها التحرير والعودة إلى كامل الثرى الوطني الفلسطيني - من البحر إلى النهر).
وإذا كنا جميعاً نتمنى استعادة ورقة قوتنا العربية - الفلسطينية - أي إنهاء الانقسام فإنه ليس بالنيات الطيبة يمكن الوصول إلى الأهداف . لذا قبل أن نحكم على مدى نجاح خطة السيد محمود عباس - القاضية بزيارة فورية للقطاع - علينا أن نتساءل :- على أي أسس يمكن أن ننهي الانقسام ؟ أي بمغادرة مسار أوسلو والمفاوضات العبثية أم بالتنازل عن حق العودة إلى فلسطين والقدس ؟ وهل أن التعاون الأمني مع المحتلين سينتهي وسيتم إطلاق المعتقلين لدى السلطة قبل الشروع في أي خطوة وحدوية ؟ وما الموقف من إعادة هيكلة وبناء منظمة التحرير والعودة إلى الميثاق الوطني الفلسطيني ؟ ومن يضمن أن تكون العملية الانتخابية شاملة ونزيهة وشفافة ؟
- ما الموقف الصهيوني الحقيقي من (المبادرة) ؟ ما الموقف الأميركي منها ؟
هل هي استجابة تكتيكية للضغط على الطرفين الأميركي والصهيوني ؟ أم تراها مجرد موقف استراتيجي نابع من الإيمان بفشل مسار التسوية وعملية (السلام) التفاوضية . وما الموقف من (المقاومةالمسلحة وفصائل الشعب الفلسطيني المسلحة )المؤمنة بممارسة حقها المشروع في مقاومة المحتل بكل السبل وفي رأس قائمتها الكفاح المسلح؟
- هل تعود القضية إلى عمقها العربي لا سيما أن الواقع العربي الجديد مشجع لمثل هذه العودة ؟
أسئلة برسم المعنيين في رام الله أولاً وفي القطاع ثانياً خاصة أن المعني بالحقوق الفلسطينية هم كل الفلسطينيين والعرب بالدرجة الأولى وكل المسلمين وأحرار الدنيا أيضاً؟