فالمرأة تدرك في أعماقها أنها لم تخلق إلا لمشاعر الأمومة وما يتصل بها من سحر ومحبة تغزو بها قلوب أبنائها لينهضوا بحبها عن رضاً وطواعية، إنها تعلم علم اليقين أنها خلقت لاستمرار حياة أطفالها قبل أن تخلق لشخصها.
فالأم كالقلب في جسد طفلها يضخ دماءً جديدة دائماً لضبط توازن جسده وعقله، وأول واجباتها كأم إصلاح النفوس في بيتها ودفعهم للحياة والنجاح، فكم من الناس لم يتطلعوا إلى المجد إلا بتأثير أمهاتهم اللواتي كن القوة الدافعة والعقل المدبر وكانوا هم -أي الأبناء- الجسد المتحرك الذي يستمد الحياة من حنانهن ويستضيء بحبهن وتضحياتهن.
نعم الأم هي الدنيا والحياة والزهرة التي تنثر رائحتها لتمضي مع رائحة الياسمين، هي دفء الأيام والنور الذي ينير سماء الحنين والأمل.
الأم تلك الكلمة الصغيرة بلفظها، الكبيرة بمعناها المليئة بالحب والحنان والعطاء وكل ما في القلب من حلاوة وعذوبة، هي الانتماء والارتباط بكل شيء.
هي السهر في عيون الليل والنور في ضوء الصباح هي وهي لا أدري ما هي.
فقد نعتقد أن القلم خير معبر عن مشاعرنا التي يعجز اللسان أحياناً عن ترجمتها فنلجأ إلى الورق لنبوح له بإحساس لم نجد له طريقاً بين الشفاه.
لكن عند الحديث عن الأم يغدو الأمر كالحلم الجميل يعجز اللسان والقلم معاً عن خط تلك المشاعر والأحاسيس التي هي أشبه بنسيم عليل يدغدغ القلب ليسعد الروح.