تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر
طباعةحفظ


الأم في الأفلام السورية

سينما
الأثنين 21-3-2011م
محمد قاسم الخليل

ظهرت الأم في عدة أفلام سورية ،وكما هي عنصر أساسي في الحياة ،كان لابد ان تظهر على شاشة السينما، وعندما نستعيد الأفلام السورية التي أعطت الأم جانبا من شخصياتها نجد فارقا بين صورة الأم في أفلام القطاع الخاص وبين صورتها المرسومة في أفلام القطاع العام.

ففي أفلام القطاع العام كانت قد ظهرت الأم بصورة تلامس إلى درجة مقبولة دورها في الحياة ،جاءت صورة شفافة طيبة في عدة أفلام ،في حين لم تكن صورة الأم في أغلب أفلام الشركات الخاصة كما الصورة الحقيقية التي تلعبها الأم على مسرح الحياة،ويعود هذا التباين بين الواقع والسينما الخاصة إلى تغليب الأهداف التجارية على مواضيع الأفلام ،فقد كانوا يهتمون بإظهار مفاتن الصبايا أكثر مما يهتمون بالشخصيات الأخرى في الفيلم ،ولم يكن في ذهن صناع السينما إظهار الأم في صورتها الحياتية الحقيقية ،وإنما كانت عنصرا مكملا ،هم بحاجة إليه طبعا ،لأنه لا توجد فتاة مقطوعة من شجرة ،ولذلك جاءت الأم في أقلام القطاع الخاص كما قطع الديكور أو الإكسسوار.‏

ونجد التضاد بين صورة الأم في سينما العام عنها في سينما الخاص من خلال التباين بينهما في المعالجة والتوجهات الفكرية ،فصورتها تبدو متنوعة وغنية في سينما القطاع العام ،في حين نراها نمطية ومكررة في أفلام القطاع الخاص وهي لا تختلف عن الصورة النمطية التي شاهدنها في الأفلام العربية القديمة ،فهي إما جاهلة أو متزمتة أو الأم التي تكيد  للزوجة أو الزوج وتنغص على الطرف الآخر حياته ،وفي أحسن الأحوال كانت توظف لإضفاء شيء من الفكاهة والمرح السمج.‏

لقد أعطت أفلام مؤسسة السينما دورها الفاعل او على الأقل صورتها الواقعية في حالاتها المتنوعة تنوع الحياة ذاتها، فهي التي تعاني من ظلم الاحتلال وتصر على الحياة في فيلم (المخاض) لنبيل المالح أحد أجزاء ثلاثية (رجال تحت الشمس)‏

وهناك أفلام عملت على الإعلاء من قيمتها وجعلها رمزا كفيلم  (آه يا بحر) لمحمد شاهين فكانت فيه محور الأحداث و صانعتها، وبدت دينامو الحياة الجديدة للأسرة بعد الهجرة من مدينتها، وكأن الأم النموذجية ذات القرارات والأفكار الصائبة.‏

ولشاهين أيضا (قتل عن طريق التسلسل) صورة أم وسيدة أعمال ،ولعبت فيه منى واصف شخصية امرأة ذكية تحاول إقناع ابنتها بالسفر معها،وتكتشف أن شركاءها يتآمرون عليها فتهددهم بوثائق ،ثم تفضل أن تبقى مع ابنتها بعيدا عن عالم المال وتصفيته،لكن بعد فوات الأوان.‏

وهي في فيلم (أحلام المدينة) لمحمد ملص الحالة النموذجية لضياع المرأة في منتصف القرن الماضي تحاول أن تنجو من واقع بائس فتقع تحت وطأة ظلم اشد.‏

وفي فيلم ( شيء ما يحترق ) لغسان شميط صورتان إيجابيتان للأم  أدتهما منى واصف وسلمى المصري فالأم هنا متفانية في العطاء والحب والدفاع عن الأسرة رغم الظروف الصعبة التي تمر بها.‏

ويرسم عبد اللطيف عبد الحميد صورة الأم الحنون في  (ليالي ابن آوى) تلك الأم الريفية التي تصطدم بتغيرات الحياة وتقلباتها وهي ترى أولادها يكبرون ويذهبون في اتجاهات مختلفة.‏

ونستذكر في هذه العجالة صورة الأم  التي أدتها ثناء دبسي في (اللجاة) لرياض شيا،وهي تواجه مجتمعا له أعراف وتقاليد خاصة.‏

في أفلام القطاع الخاص كانت الأمهات مجرد شخصيات كاريكاتورية مهزوزة ، كما في أفلام زواج على الطريقة المحلية ومقلب من المكسيك وخياط للسيدات، وهن يعانين من أطفال أشقياء.‏

وكانت الأم بلا فاعلية بل ربما مغايرة لدورها الحياتي كما في أفلام  سائقة التاكسي وأمطار صيفية ،وبقيت نمطية أيضا في مأساة فتاة شرقية ضمن مجتمع تقليدي ،والرجل المناسب كحماة نكدية.‏

وبشكل لم تسند للأم شخصية رئيسية في الأفلام السورية ،وإذا كانت هناك بعض الشخصيات المقبولة التي ظهرت بها إلا أنها ظلت من الشخصيات الثانوية وربما الاستثناء الوحيد كان من إنتاج التلفزيون وهو الفيلم السينمائي ( الرحلة 21) لنبيل شمس، حيث الأم محور الأحداث في حبها الكبير لأبنائها،في حين يبدو الأبناء في عقوق أكبر.‏

ويعود سبب عدم منح الأم شخصيات رئيسية هو تغليب الرؤية التجارية في صناعة الأفلام  في القطاعين العام والخاص على الرؤية الموضوعية ،والظن أن مثل هذه الشخصيات غير مناسبة للعرض الجماهيري ،وهو ظن في غير محله بدليل نجاح عشرات الأفلام العربية والعالمية التي كانت الأم فيها شخصية أولى.‏

إضافة تعليق
الأسم :
البريد الإلكتروني :
نص التعليق:
 

 

E - mail: admin@thawra.sy

| الثورة | | الموقف الرياضي | | الجماهير | | الوحدة | | العروبة | | الفداء | | الصفحة الرئيسية | | الفرات |

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية